• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : صنفان .. سببُ خراب الدولةِ ومعاناة الأمّة .
                          • الكاتب : صالح المحنه .

صنفان .. سببُ خراب الدولةِ ومعاناة الأمّة

 الحالة المأساوية التي وصل إليها العراق والظروف العصيبة التي يعيشها أغلب المواطنين العراقيين بين مهجّر ونازح من بيته ومدينته، وبين من يبحث عن ولده المفقود أو ذاك الذي يلملم اشلاء وبقايا جثّة شقيقه او ولده ضحيّة التفجيرات اليومية، مع تمدد عصابات الإرهاب الداعشية وإحتلالها ثلث العراق ونهب خيراته وإستنزاف ثرواته وقتل وتشريد الآلاف من أبناءه الأصلاء وسبي النساء، الأمر الذي جعل العراق على حافة الإنهيار إقتصادياً وتراجعه على كافة المستويات الخدمية والثقافية وكل مايتصل بحاجة الفرد العراقي وبنائه ، مع ذلك تجد الكثير من مسؤولي الدولة، وأعضاء مجلس البرلمان ومؤسسة القضاء تحديداً، يرفضون الإعتراف بالأداء الفاشل وسوء الإدارة وتعطيل الكثير من القوانين وعدم حسم الملفات المهمّة في الدولة ، والتي يقع البعض منها ( التشريعي والرقابي ) ضمن مسؤولية مجلس البرلمان، والبعض الآخر ضمن مسؤولية مجلس القضاء كملفات السرّاق والفاسدين والمتلاعبين بالمال العام وجلّهم من الرؤوس الكبيرة ، وغيرها الكثير من الملفّات ، ويرفضون بشكل قاطع تهمة الفساد أو التستر على الفاسدين ، مع أن المتابع والمراقب لوضع العراق وبأثر رجعي ، سيتبين له بوضوح من يتحمّل مسؤولية تردّي الأوضاع ومن هو الفاشل والمتهاون في أداء واجبه القانوني والشرعي ومن شجّع الفاسدين على التمادي في نهب أموال الدولة ؟، وسيرى أن كل أصابع الإتهام تشير الى صنفين لاثالث لهما ...وكما ورد في الحديث النبوي الشريف ( صنفان من أمّتي إذا صلحا صلحت الأمّة وإذا فسدا فسدت الأمّة ...السلطان والعلماء ) ، ولعلَّ هذا التصنيف النبوي الخطيرينطبق على الأنظمة التي يقودها السلطان وحده ، الذي يمثل الحاكم المطلق ، ومعه طبقة رجال الدين الذين يزيّنون له أفعاله مهما كانت سيئة أو حسنة ،  أما في مايسمّى بالأنظمة الديمقراطية أو دولة المؤسسات المدنية كما هو الوضع في العراق، فالأمرُ مختلف ، فالصنفان اللذان أشار لهما الحديث النبوي وألقى عليهما المسؤولية...السلطان وعالم الدين ، هما في واقعنا الحالي يمثّلهما مؤسستان أو مجلسان ، يتوقف عليهما خراب الدولة أوصلاحها ، وهما مجلس البرلمان ومجلس القضاء ، فالمعروف دستوريّاً أن مجلس البرلمان يمثّل السلطة التشريعية ويتمتع بكامل الصلاحية في إصدار التشريعات والقوانين وله حق إلغائها... هذا أولا... وهو المعني بالرقابة على أعمال السلطة التنفيذية التي تشكّلت بموافقته ثانيا، وثالثا تمثيل الشعب الذي منحه صوته وأودعه ثقته، فمن خلال تجربة أكثر من إثنتي عشرة سنة ومراقبة أداء مجلس البرلمان بات واضحا وجلّيا للعيان الفساد والتلّكأ في عملهم التشريعي والرقابي ، وأشتهر عنهم إسرافهم وهدرهم للمال العام على الحمايات والسفرات العلاجية والترفيهية ، إضافة الى المبالغة في الأمتيازات والمخصصات الشهرية ، ثم  فشلهم وإخفاقهم في متابعة ومراقبة أداء الوزارات الخدمية والأمنية والأداء الحكومي بشكل عام ، وبدل أن يكونوا ممثلين حقيقيين لشعبهم الذي إنتخبهم  إنحازوا الى أحزابهم وكتلهم السياسية ، وبذلك قد عطّلوا وأفسدوا دور أهم ركن من أركان بناء الدولة وإستمرار تطوّرها وخدمة مجتمعها. أمّا الركن الآخرأو الصنف الثاني المُكمّل لضمان بناء الدولة والمجتمع والذي لايقلّ أهميّة عن مجلس البرلمان ...هو مجلس القضاء ...لايخفى على القاريء الكريم أن نهوض الدول المتقدمة ورخاء شعوبها وتمتّعها بالأمن والإستقرار هو نتيجة حتمية لفاعلية وإستقلال قضائها، ونزاهةِ قُضاتها، وهذا الذي نفتقده في اوطاننا وخصوصا في بلدنا العراق ، فالمجتمع الذي يخلو من القضاء النزيه المستقل العادل الفاعل والحاسم هومجتمع مشوّه معلول ، وهو عرضة لنهش المفسدين والسرّاق والمتمرّدين على المنظومة الإخلاقية ، فضعف القضاء وتقصيره في أداء مهمّاته ، يعني فقدان المجتمع الى أهم ضروريات الحياة الإنسانية ومقوّمات بناءه بناءً سليماً ، ولايتحقق بدونها الأمن والإستقرارعلى جميع الأصعدة الإجتماعية والإقتصادية وغيرها، ولقد ورد في الحديث النبوي الشريف (لحدٌّ يُقامُ في الأرضِ خيرٌ لأهلها من أن يُمطروا أربعين صباحاً).وهذا يؤكد لنا أهمية القضاء وحاجة الإنسانية له ، أن تقاضي فاسدا أو سارقا أو قاتلاً أو خائناً خيرٌ لأهل البلد من مطر اربعين صباحا ! مع أهميّة المطر الأقتصادية  وحاجة الإنسان إليه، لذلك كل مايطالب به الشعب العراقي اليوم ويسعى الى تحقيقه ...هو صلاح هذين المجلسين... البرلمان والقضاء... ففي صلاحهما صلاح الدولة ونهاية لمعاناة الأمّة.... وفسادهما خراب الدولة والأمّة .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=67566
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 09 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29