• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : بابيلون ح20 .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

بابيلون ح20

استمر تدفق الهاربين من جيش الوحوش طوال الليل , بلغت السعادة اوجها , عندما كان هناك كثيرا من الوحوش قد هرب ليلتحق بالثوار , بالمقابل , كان هناك ثوارا قرروا الالتحاق بالوحوش , او الهرب من جحيم المعارك . 

مرّ يومان بلا قتال , كل طرف كان في غاية الحذر , حتى جاءت لحظة اللقاء والتصادم , نزلت جيوش الوحوش من اعالي الجبال , خرجت من الوديان وكل مكان , لتغطي السهول الشاسعة , بينما حلقت الوحوش الطائرة حاجبة اشعة الشمس , فاشتبكت الاسنة , لتشرب الدماء , وتأكل اللحم , فما ارتوت ولا شبعت ! . 
كان هناك الكثير من الوحوش لا يحبذون القتال , لكنهم ارغموا عليه , وكانت تربطهم علاقات حسنة مع البشريين , قرر بعضهم التراجع بدل التقدم , بينما قرر اخرون ان يقاتلوا في صف الثوار , اما من جانب الثوار , فكان هناك عدد كبير منهم يشعر بالإحباط , فقدوا الامل بالنصر او حتى بانتهاء المعركة في وقت قصير , قال احدهم لرفيقه : 
- هذه المعركة ستطول ! . 
- وان انتهت فهناك معارك اخرى تنتظرنا في ايروس ومدينة الاسوار وما بعدها ! . 
- ماذا سنفعل ... ان لم نمت هنا سنموت في المعارك القادمة ؟ . 
- انا عن نفسي سوف اهرب ! . 
- اما انا فسوف التحق بالوحوش ... كفتهم راجحة .      
هرب هذا , والتحق ذاك بالوحوش . 
كلما تقدمت سرية من سرايا الثوار , ابتلعها جيش الوحوش , فلا يخرج منها احد , تتقدم الاخرى , فيكون مصيرها كسابقتها , بدا ينامي الحكيم عاجزا , توقفت حكمته في ذلك الموقف , لا يعرف ماذا يفعل ؟ , وكيف سيتخلص من هذه المحنة ؟ , بينما الوزير شردق فقد اعيته الحيل , اما قادة الثوار كادوا يفقدون زمام المبادرة , بل فقدوا سيطرتهم على الثوار وتوجيههم , لا تطاع اوامرهم , اقترب احدهم لينامي الحكيم لأخذ المشورة : 
- سيدي ينامي الحكيم ! .   
اومأ اليه بأنه يدرك خطورة الوضع , فقال للوزير شردق : 
- لو استمرت المعارك على هذا النحو .. فلن يصمد الثوار طويلا .
- لابد لنا من الانسحاب ! . 
- لن يسمحوا لنا بالانسحاب ... سيطاردوننا ... عندها تكون خسائرنا اكثر . 
- اذا ... فما الحل ؟ . 
- سأذهب في مهمة ... تولى زمام الامور هنا ... عليك بالصمود . 
- أتتركنا في مثل هذا الحال ؟ ! . 
- سأعود سريعا ! . 
انطلق ينامي الحكيم صوب احد الجبال , ابتعد كثيرا عن ميادين المعارك , توقف فجأة لينظر الى الوراء , ثم اكمل طريقه مسرعا , اختفى بين الوديان , لكن جواده تعثر في شيء , فكبا على رأسه , وهوى ينامي الحكيم على الارض , تذمر كثيرا , تململ طويلا , حاول النهوض , لكنه لمح بياضا بين الاشجار , استرق النظر اليه , فعاين وجوده هناك , اسرع نحوه , انحنى امامه : 
- سيدي ! . 
- لا بأس عليك يا ينامي الحكيم . 
- كنت قاصدا اياك ... اعيتني الحيل ... واخذت مني الشيخوخة مأخذها ! . 
- لا بأس عليك ... عدّ الى الميدان ... انهم قادمون ! . 
- من هم يا سيدي ؟ .  
لم يجبه , فقد اختفى , تسلق جواده , لكن عدة نبال اطلقت عليه , لم تصبه ولم تصب الجواد , كانت مجموعة من الحرس الامبراطوري في اثره , اسرع في ركوب الجواد , وانطلق مسرعا , انطلقوا مسرعين خلفه , لكن جواده كان الاسرع , والاذكى , سلك طرقا متفرعة بين الاشجار والاغصان , ما افقدهم اثره . 
انكسرت شوكة الثوار انكسارا كبيرا , عندما انهارت مقدمة جيشهم , سحقت تماما , تتقدم الوحوش وحيواناتهم العملاقة بقوة , لا شيء يتمكن من ايقافها , لتدوس كل شيء يقف في طريقها , بلا رحمة . 
تجمع قادة الثوار حول الوزير شردق , سمعهم يقولون : 
- أتعتقد ان ينامي الحكيم سيعود ؟ .  
- وان عاد فماذا يمكنه ان يفعل ؟ ! . 
- الاولى لنا ان ننسحب ! . 
- او ننهي القتال ! . 
- او نستسلم ... فلم نعد نقوى على جيوشهم .
- ليس ذاك الجيش فقط ... بل لا يزال لديهم المزيد ! . 
في محاولة له ان يستجمع قواهم ويزيد في معنوياتهم قال لهم : 
- لا اشكك بنوايا الحكيم ينامي ... سوف يعود ... لقد ذهب ليقابل ( هو ) واخذ المشورة منه . 
- ماذا ؟ . 
- واين ( هو ) الان ؟ ... لماذا لا يظهر ؟ ... ويقود المعارك بنفسه ... فلا حاجة له بالاختفاء ؟ . 
اثناء ذلك صرخ احد الجنود : 
- ها هو ينامي الحكيم قد عاد ! . 
تهلل وجه الوزير شردق فرحا وسرورا , واسرع للقائه , بادره اثناء ترجله من الجواد : 
- ما اخبارك ؟ . 
- قال انهم قادمون . 
- من هم ؟ . 
- لم يخبرني ... ما علينا الا الصمود وانتظار قدومهم ! . 
ألقى نظرة فاحصة على الجبهات كافة , لاحظ غياب قاذفات اللهب , حدق في وجه الوزير شردق مستفهما : 
- لماذا توقفت قاذفات اللهب ؟ . 
- لقد دمروها بالكامل ! .
*******************
كان القائد خنكيل وضباط جيشه يراقبون سير المعارك , من على احدى الشاشات , فقال : 
- فيما يبدو ان كفة جيوش الامبراطورية قد رجحت .
- هذا واضح ... فقد مني الثوار بخسائر كبيرة . 
- سوف لن يرحمهم الامبراطور ... سيطاردهم حتى يفنيهم عن بكرة ابيهم ! . 
- لقد قرر الامبراطور ان يمحو دولة الثوار بسكانها . 
- المزيد .. المزيد من الدمار ! . 
- ماذا سنفعل سيدي القائد خنكيل ؟ . 
نهض من كرسيه امرا : 
- هيأوا جيوشنا للتقدم ... من شاء منكم ان يأتي معي فليأت ... ومن قرر البقاء في ايروس .. فليبق ! .  
على وجه السرعة , انطلقت جيوش القائد خنكيل نحو ساحة المعركة , بسرعة فائقة , على ظهور الحيوانات العملاقة والطائرة , تخلف منهم بعض الضباط مع جنودهم ممن ولائهم للإمبراطور , اعترضوا على التحرك في هذه الفترة فلا حاجة لذلك , خصوصا وان شوكة الثوار تكاد تنكسر , فأجابهم ان مزيدا من الثوار قادمون لدعم جبهاتهم , لذا لابد له ان يتحرك لقطع الامدادات عنهم , لم يقتنعوا بالفكرة , تركهم وانصرف . 
سلكت جيوش القائد خنكيل طريقا غير معهود , فأثار ذلك حفيظة الوزير خنياس , الذي كلمه من على الشاشة الرادارية المحمولة : 
- ايها القائد خنكيل ... الى أين ؟ . 
- سوف نشارك في المعركة . 
- لا داعي لذلك ... غدا او بعد غد لن يبقى منهم احد .
- في ميدان القتال لن يبقى منهم احد ... لكن لديهم المزيد من المدد قد يصل في أي وقت ! . 
- نعلم ذلك ... وحوشنا الطائرة ترصد تحركاتهم ... لن يكون لديهم الوقت الكافي للوصول الى الميدان ... حركتهم بطيئة جدا . 
- نعم ... انتم اجهزوا على من في الميدان بينما اجهز انا على من تبقى منهم ! . 
- حسنا ... لك ذلك ! .       
***  يتبع



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=67408
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 09 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20