• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : دور الإعلام في مسيرة الإصلاح وتشكيل الرأي العام .
                          • الكاتب : د . عبد الحسين العطواني .

دور الإعلام في مسيرة الإصلاح وتشكيل الرأي العام

تعد وسائل الإعلام منبرا اتصاليا غنيا لكونها عنصرا أساسيا ومركزيا في مسيرة الإصلاح ورافدا مهما متدفقا في تقديم وإيصال محتوى كبير من المعلومات التي تعبر عن مستوى أهداف الجماهير, ففي الأنظمة الديمقراطية تسعى حكوماتها على ضمان الحريات ومن ضمنها حرية التعبير والصحافة والإعلام .
لذلك احتلت وسائل الإعلام من إذاعة , وتلفزيون , وصحافة , ومطبوعات , وانترنت , وإعلام الكتروني , وفضائيات وغيرها موقعا مهما في الوصول إلى الجماهير , فقد ساهمت تلك الوسائل في أحداث كبيرة ومتعددة شهدها العالم في بقاع متباعدة ومختلفة من خلال نقلها الوقفات الثورية والاجتماعية التي تنوعت وتعددت شعاراتها لتعكس الحالة أو المرحلة التي تمر بها البلدان , أو التركيز على قضية تفصيلية والتأكيد عليها أو عكسها للوفاء تجاه بعض الجهات والشخصيات لدورها وعطائها .
فمن بين الموضوعات المهمة التي يتم التأكيد عليها وتضطلع بها وسائل الإعلام كثيرا هو خلق الدافع لدى الجماهير في الاهتمام بأسس القوة والعزة وتجنب عوامل الضعف والانحلال بالالتفات إلى أهمية دور الجماهير وموقفهم من النظام السياسي وكيفية مشاركتهم في الأمور المتعلقة بالحكومة , فالمواقف الضعيفة والمترددة تمنح الحكومات المستبدة الجرأة والثقة بالنفس , وبعكس ذلك فأن مواقف الشعب الحازمة والصارمة تزعزع أركان الاستبداد وتضعفه , وكما أن تدخل الجماهير المباشر في اتخاذ القرارات لايمكن تحقيقيه في المجتمعات الديمقراطية, لذلك فان النظام التمثيلي , يكون هو الحل الوحيد للوصول إلى الديمقراطية لان قدرة الحكومة ومشروعيتها إنما تتحقق من قبل الشعب , وان على الحكام بوصفهم منتخبين أن يقوموا بواجب تلبية حاجات الناس ورغباتهم .
لذلك فأن من الأولويات التي يضعها الإعلام لكي يساهم في مسيرة الإصلاح الذي أصبح حاجة ضرورية وملحة كونه يضع الأسس السليمة للحكومات الديمقراطية , من خلال تعريف المواطنين بحقوقهم وحرياتهم كما وردت في المواثيق الدولية , وان هذه الحقوق والحريات غالبا ما تحتاج إلى من يضحي من اجلها , وينذر الحكومات التي تعمل على إهمالها , أو تتراجع في تنفيذها ,لكي تسعى على توافرها من اجل تطور البلد ورفاهية الشعب , ونحن لا نتحدث هنا عن البعض ممن يطلقون على أنفسهم إعلاميين ويقومون بمهاجمة كل رأي إذا ما مس السلطة وهؤلاء جزء من الفساد المستشري في البلاد , ومعرقل لمسيرة الإصلاح الذي لا يعود إلى طبيعة أو منظومة الحكم , وإنما يتجاوز هذا الواقع إلى إشكالية عميقة , لها بعد ليس فكريا وثقافيا بل لديها بعد سياسي , من خلال قيام هؤلاء الإعلاميين بالترويج لإبقاء بعض الزمر الفاسدة بالمحافظة على مناصبهم وتزييف المواقف الرافضة لهم , ومن هنا ضرورة أن تتم محاسبة هذه العناصر الدخيلة على الإعلام وأخلاقياته وإبعاد أدائها وإيجاد آلية من قبل هذه القوى الحية لمتابعة أجندتها .
أما فيما يخص دور الإعلام في تشكيل ( الرأي العام)الذي يعرف بأنه : (الحصيلة التي يجمع , أو يؤمن فيها عموم الناس تجاه قضية ما , أو شخص ما , أو حديث ما , أو مؤسسة ما ) والذي غالبا ما يدور محتواه ويتشكل حول القضايا الوطنية لحل المشكلات السياسية , والاجتماعية , والاقتصادية التي تواجه المجتمع , والمهم فيها تلك التي تهم الجمهور أكثر من غيرها في فترة زمنية , لكون الرأي العام يتغير وفقا لتطور الإحداث ويتخذ صورا شتى بعضها قد تكون سلبية إذا ما كانت مدعومة من قوى خارجية لها أجندة تخريبية , وتتحقق فاعلية الرأي العام عندما يكون الإعلام مستقلا عن الحكم وبخلاف ذلك لا يستطيع الإعلام أن يرعى الرأي العام ليأخذ الدور الذي يعطيه القدرة على المشاركة في الحياة العامة , وعندها تقوم وسائل الإعلام بتشكيل الرأي العام من خلال نشر الوعي السياسي , وتجدر الإشارة هنا إلى أن الرأي العام غالبا ما يرتبط بالنظم بالديمقراطية , فالديمقراطية لايمكن أن تستمر وتتطور بدون رأي عام لكونه الجو السياسي الضاغط الذي يؤثر بصورة مباشرة بالحكومة من خلال جماعات الضغط , والاتصالات بين الأشخاص والاحتجاجات , والمظاهرات , والاعتصامات وما إلى ذلك من وسائل التعبير عن الرأي العام والتي تتولى نقلها وتسليط الضوء عليها وسائل الإعلام , خاصة أجهزة الإعلام غير الحكومية , إما في النظم الديكتاتورية فإنها تستخدم وسائل الإعلام استخداما دعائيا للتأثير في الخصوم من جهة , والتلاعب بالحقائق بقصد خلق رأي عام مساند بتكوين صورة غير حقيقية لدى الجمهور لاتؤثر في موقف متخذي القرار من جهة أخرى .
وهناك مسألة مهمة عن وجود أوهام تتولد لدى البعض حول موضوع الرأي العام , فالرأي العام ليس بالضرورة أن يتم التعبير عنه بواقع مادي عبر الانتخابات وعبر التأثير بالسلطة السياسية , فبعض وسائل الإعلام أصبحت وسيلة لتهييج الرأي العام واستعماله , لأننا أصبحنا الآن نجد تسويقا للزيف والتضليل للسياسيين الفاسدين والسيئين في البلد , فرجل السياسة يرتبك مع الإعلام لأنه يضطر إلى الكلام على نحو تفلت من يده عملية التضليل من جراء تعدد المصادر , ومن جراء استدعاء الإعلام المجموعات المضادة , والمجموعات الضاغطة التي تضم ليس الإعلام الموالي فقط , أنما إعلام الأحزاب والجهات المعارضة التي تندرج جميعها ضمن هذه الضغوطات .
فالذي حصل أن العراق شهد طفرة إعلامية كبرى لأسباب تعود في غالبيتها إلى ظروف موضوعية في تغيير نظام الحكم, فضلا عن المتغيرات التقنية والاتصالية .
ولكي يأخذ الإعلام دوره الحقيقي في مسيرة الإصلاح وتشكيل الرأي العام يتطلب تقديم معلومات كاملة وشاملة ليكون موضوعيا أكثر , فالمعلومات التي يعرضها الإعلام للناس يجب إن تكون صحيحة , وتنبع من واقع الناس أنفسهم , وتنسجم مع عقليتهم ليتم إدراكها وفهمها , وعندما نتحدث عن دور الإعلام في تشكيل الرأي العام فلابد من استذكار نظرية العالم ( اوتو غروث ) التي تقول : ( إن الإعلام هو التعبير الموضوعي لعقلية الجماهير وميولها واتجاهاتها ) .
لذلك تستطيع وسائل الإعلام أن تغير آراء الجماهير باختيار الإخبار , وطريقة عرضها , والتعليق عليها , أو تغيير الاتجاهات بشكل معاكس , أو تحديد الأولويات بإبراز موضوعات , وتجاهل موضوعات أخرى , والتحجيم , والمبالغة , والتهويل , مع تحديد الخيارات المطروحة باختيار ما تراه مناسبا للجمهور وتطرح من خلا لها فكرها , وفلسفتها , وأجندتها , ورؤيتها للإحداث , أو الترفع والإعلاء بإبراز ناس وإعلاء شانهم وتحقيق الشهرة لهم , وكذلك اختيار وقائع وأحداث وإعطائها أهمية في التغطية الإخبارية .
ونحن بصدد حزم الإصلاح التي أطلقها رئيس الوزراء استجابة لمطالب الجماهير العراقية في التظاهرات الاحتجاجية الأسبوعية في ساحة التحرير والمحافظات الأخرى خلال أيام الجمع التي بلغت الخامسة ولازالت مستمرة لمحاربة عملية الفساد التي هي إحدى الأسس , أو القاعدة الأساسية في الإصلاح , وملاحقة الرؤوس الكبيرة كما أسمتها المرجعية الرشيدة , فالإعلام الهادف والمسؤول يبرز دوره الوطني والأساسي في تكوين الرأي العام عندما يكون داعما للديمقراطية ومكافحة الفساد , وهنا يكمن دور القوى الاجتماعية التي هي صاحبة المصلحة الحقيقية في الإصلاح بان تحاول جاهدة دفع وسائل الإعلام لتلعب دورا رئيسا بهذا الاتجاه بنقل وتسليط الضوء على هذه الوقفات الشعبية التي لاسبيل غيرها لإنقاذ الشعب من محنته الراهنة .



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=67127
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 09 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29