• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : شيل زرعك عن دواباتي!؟ .
                          • الكاتب : محمد الشذر .

شيل زرعك عن دواباتي!؟

يحكى ان صراعا نشب بين شخصين، الاول فلاح لديه زرع، والاخر لديه ماشية، تسمى باللهجة العامية "دواب"، حيث طلب الفلاح من صاحب الماشية ابعاد ماشيته خوف اتلاف الزرع، المضحك المبكي، ان صاحب الماشية طلب ان يرفع الزرع عن طريق ماشيته كي لا يعيقها ذلك،
هل هو مطلب اعمى؟، ام يمثل جهل صاحبه؟ ام مجرد محاولة من صاحبها لجعل الحق معه، رغم عدم اقتناعه؟.
 
هذه الحادثة تنقل صورة عما يعيشه، ويقبع في ارهاصاته بعض أؤناس مدننا، من تخلف وتعصب اعمى، يفتقد لكل الاشكال المنطقية والعقلانية، فترى الامر انعكس على واقعهم سلبا.
 
شاع هذا اللون من الهزلية في الريف اكثر منه في المدن، فترى التقاتل والتناحر على امور يندى لها الجبين، ليس ورائها الا التعصب الاعمى.
 
غالبا ما ينشب صراع بين قبيلتين، يأكل الاخضر واليابس لحين اخماده، ويذهب ضحيته كثير من الابرياء، ليس لهم سوى ذنب واحد، هو حمل نفس اسم احدى القبائل المتناحرة، وحين تقصي الاسباب الكامنة وراء هذه الحرب الضروس، تجدها بسبب نهر تم حرف مساره!، او بسبب ميزاب تكاسل صاحب الدار عن ابعاده عن جاره!، وادى الى "نفض الكوامة" وبالتالي قتل احدى الطرفين.
 
هذه السياسة البرغماتية العشائرية، والتخلفية الرجعية هي من يحكم بعض قبائلنا، لا بل تراهم يتبجحون بما فعلوا، بعيدا عن الدين والاخلاق والانسانية، يصنعون من مناطقهم، صراع ارداة وبقاء للأقوى، متحولين الى وحوش ضارية وقت النزاع.
 
يسمى عندهم عرفا!، ولكنه في الحقيقة خرفا، فمن تحكمه العشوائية، واللانظام، وعدم التصبر والحلم في الامور، وتقاليد تسيئ الى الانسان نفسه، وتقيد حريته، من النهوه، وتجريم الحب الصادق، وقتل الحبيبان، وعدم التكلم بحضرة الشيخ، وتقسيم المجتمع الى طبقات، وغيرها من المواضع التي احيطت بهالة مقدسة، لا يمسها الا المطهرون "الجاهلون"، الراسخون في الخزعبلات.
 
شعار هذه الخزعبلات جميعها، هو المصلحة الشخصية، وعدم التعايش بود وسلام، وبعيدا عن حب الخير للأخر، وتقاليد رعناء، متناسين مبدأ(وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)، فتراهم يبذلون الغالي والنفيس لأسعاد انفسهم والرقي بمصالحهم، ولكن يحدث هذا على حساب الاخر، وتغييب اخوانهم.
 
يبدوا ان كل ما اوردناه، هو داء يستشري بسرعة فتاكة، اذ نرى الطابع المنغلق لأنانية المصلحة الفردية، انتقل الى برغماتية السياسة العراقية، فتجذر في نفوس حاكمينا، وراحوا ببروجهم العاجية ينهشون البلد، ويحتكرون موارده لأنفسهم، ونزاعهم ديدنه التسابق لملء حساباتهم المصرفية، فوق انقاض ما تبقى من الشعب المحروم.
هل سيأتي اليوم، الذي يطلب فيه سياسينا؟، ان يهدم بيوتنا لوضع صورة له؟.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=67078
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 09 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29