• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : سياسة التدويخ الكهربائي!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

سياسة التدويخ الكهربائي!!


التدويخ سياسة عربية سائدة وعراقية بإمتياز , وخلاصتها أن أنظمة الحكم تجتهد في إيجاد آليات تدويخ (إذلال وإخضاع) الشعب , والقبض على مصيره , والتحكم ببلاده وثرواته وإستعباده بالقوة.
وموضوعات التدويخ لا تحصى في بلاد العُرب أوطاني , ومنها القهر بالحاجات الأساسية , كالطعام والشراب والترويع وقطع الأرزاق , وصعوبات النقل والسكن والعلاج والتعليم,  وغيرها الكثير مما لا يخطر على بال البشر في البلاد المتقدمة , التي تهتم حكوماتها بالمواطنين وأمنهم وسعادتهم.
وفي بلادٍ كالعراق تعددت أسباب التدويخ , وتكاثرت وتكالبت وتعقدت وتطورت وتفرعت , فتشابكت حتى حوّلت الإنسان إلى حالة مترنحة على قارعة دروب الويلات والحسرات.
ومن أفظع وسائل التدويخ البشري في هذا العصر هو الحرمان من الكهرباء , التي تم إتخاذها وسيلة لتبديد طاقات المواطن النفسية والعقلية والمادية , ورهنه وكهربته وتحويله إلى وجود محنّط أو مأسور بالكهرباء , التي صارت وسواسه وهمّه اليومي الذي يمتص جهده , خصوصا في الصيف الشديد الحرارة والقسوة على الناس.
ومن عجائب العراق أن الشعب يتم تدويخه بأنواع من المشروبات العقائدية الفاسدة المعتقة في أقبية العصور , فيبدو ثملا ومتناسيا وجع الكهرباء , فالضغط الكهربائي المُسلط على الناس قد أهّلهم للخضوع , وكأنهم في حالة إنقطاعية ونكرانية لوجيع الكهرباء.
وربما بهذا يمكن تفسير قنوط الشعب وإستسلامه للقهر بالحرمان من الكهرباء , وإذعانه للمولدات التي تستنزف ماله وتلوّث هواءه , وتحوّل البلاد إلى محرّك يدوّي في الأرجاء , فيزيد التدويخ تدويخا , ويشحن النفوس بسرعة الغضب والثوران الإنفعالي , الذي يتسبب بمشاكل سلوكية ضارة بالمجتمع.
ويبدو أن الحكومة سعيدة بهذه القدرة على أسر الناس بالكهرباء , وكهربة أعصابهم , وتوقيد نفوسهم وإذكاء نيران التضاغن والعداء فيما بينهم , وتحقيق أعلى درجات التدمير النفسي والسلوكي بالكهرباء.
فالحاكم يتنعم في جنانه الخضراء الفيحاء المسوّرة الآمنة المطمئنة , والناس تتضوّر من الحرّ والصعوبات اليومية , فالأجهزة المنزلية لا تعمل , ودويّ المولدات في محفل , وكل مواطن مرهون بالكهرباء , وبالعيش المرير والشقاء.
فلماذا يصمت شعب على هذا الويل المقصود , والذل المرصود , والإذعان للجاهل والمصفود؟!
وكيف بربك يتحقق العيش السعيد في بلاد مكهربة بالوعيد؟!
لا يُلام شعب مُصادر الإرادة , ومُرتهن بألف عمامة وعمامة , لكن الذي يٌلام هم أصحاب الكراسي , الذين أثبتوا بأن الضمير الحيّ يا وطنى مفقود مفقود!!
فهل أنها مطالبة بكهرباء أم تكهرب بأخواتها القادمات ؟!!
*داخَ: ذلَّ وخضعَ

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=65459
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 08 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18