• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : شبهات وردود .
                    • الموضوع : كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 3 ) .
                          • الكاتب : محمد الحسيني .

كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 3 )

نكمل بقية المقال والذي تم تجزئته من قبل ادارة الموقع لكي تتم الاستفادة منه لمراجعة الجزء الاول والثاني نامل الضغط   : 

كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 2 )

٩- على الثلة الواعية من المجتمع ان تعي مبدأ ترتيب الملفات بحسب اولويتها ويتدرجوا في التعامل معها ، فاذا كان ملف الفساد يأخذ الصدارة ولاشك ثم يتبعه حثيثا الملف الامني ثم ملف الخدمات فليعلموا ان الارضية لكل ذلك والاطار الذي على الجميع وفي جميع الظروف ان يحافظوا عليه مهما اشتدت الازمات هو العملية السياسية السلمية ، بعيدا عن استخدام العنف والانقلابات المسلحة وسيطرة العصابات المسلحة على الشارع وواقع الحياة استغلال لنقمة الناس لصنع ثورات وهمية يسيطر فيها مجلس قيادة الثورة على مقاليد الامور ويصفي خصومه بتهمة التآمر على الشعب .
أو الوقوع في هاوية الصراعات الاهلية المسلحة فانه الدمار الشامل والهلاك المؤكد ، وعليه فلاينبغي ان تقودنا عملية الانتقاد والتذمر الى نسف العملية السياسية السلمية كما ينادي بذلك السذج والحمقى وذوي المصالح الخاصة ، بل يكون هدفنا هو اصلاح العملية السياسية ما امكننا ذلك ولو بالصبر وطول الزمان لا نسفها ، وهنا يقف امير المؤمنين ع في وجه من نادى من الخوارج ( لاحكم الا لله ) فيقول ولنستمع له مرة اخرة بقلوب واعية واذان صاغية :

ومن كلام له (عليه السلام)
في الخوارج لما سمع(عليه السلام) قولهم: «لا حكم إلاّ لله»
قال(عليه السلام):
كَلِمَةُ حَقٍّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ! نَعَمْ إِنَّهُ لا حُكْمَ إِلاَّ للهِ، ولكِنَّ هؤُلاَءِ يَقُولُونَ:
لاَ إِمْرَةَ، فَإِنَّهُ لاَبُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَمِير بَرّ أَوْ فَاجِر، يَعْمَلُ فِي إِمْرَتِهِ الْمُؤْمِنُ، وَيَسْتَمْتِعُ فِيهَا الْكَافِرُ، وَيُبَلِّغُ اللهُ فِيهَا الاَْجَلَ، وَيُجْمَعُ بِهِ الْفَيءُ، وَيُقَاتَلُ بِهِ الْعَدُوُّ، وَتَأْمَنُ بِهِ السُّبُلُ، وَيُؤْخَذُ بِهِ لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ، حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ، وَيُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِر.

اذا لابد للناس من امير بر أو فاجر ، لان الفراغ السياسي هو تعطيل لكل مرافق الحياة وشلل لحركتها ، ونكون قد هبطنا من الشيء القليل الى اللاشيء ، فالنقد والتذمر يجب ان نحافظ عليها ليبقي وجهتنا الى الامام والتحسن ولانسمح له ان يعيدنا الى الخلف وخسارة كل شيء .
اذا الحكمة تدفعنا ان نكون مع النقد الايجابي البناء ولانسمح بالنقد السلبي الهدام .

١٠ - ان الاخوة الاعزاء من ابنائنا الشباب الذين لم تختبرهم الحياة بعد ولم يختبروها عليهم ان لايتعاملوا مع الاحداث تعامل اللاهي الساخر الذي يتلاعب بالنار ويزرع الالغام لمجرد التسلي وقضاء الوقت والانجذاب للحوارات الساخنة طلبا للاثارة وقضاء الوقت ، فان في ذلك قد يكون ذاهب دينهم ودنياهم فان العبث سيورثهم المحن والافات وانما مستقبل الحياة لهم وما يزرعونه اليوم يحصودنه غدا .
فمن لايكون ناجحا في حياته او دراسته او عمله او اسرته بالتأكيد هو غير مؤهل للتدخل في مجريات المجتمع المصيرية الا بمقدار يتناسب وقدراته في ذلك ، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه ، والاولى ان يهتم بنفسه كي يكون ناجحا في حياته ولا يتذرع بالصعوبات الاجتماعية فان النجاح طالما ولد في رحم الصعوبات .
وان لايرتجلوا المواقف التي يدفعهم لها حماسة الشباب وحيويتهم بل يراجعوا اهل الحكمة والعقل ممن يثقون بدينهم وخبرتهم ، فهكذا هي سنة الحياة في جميع الكائنات الحية والمجتمعات البشرية قديما وحديثا ومن يجانبها يصيبه العطب والفشل ، فقوة الشباب وحيويتهم وحماسهم وحكمة اهل الحكمة والعقل جنحان يطير بهما المجتمع ولا غنى لاحدهما عن الاخر .
١١- يجب في خضم دوامة الدنيا ان لا ننسى سنن الله تعالى ووصاياه ونعي حقيقة الدنيا ودورنا فيها ، فان الكثير يلهث وراء سراب الدنيا طمعا في ان يجعلها دار جنة وقرار و معين ، وهيهات ذلك الا في فترات جعلها الله تعالى محطات لاستراحة المكلفين ، والا فالدنيا دار بلاء وابتلاء وتمحيص واختبار ، وقد صرح الله تعالى بذلك وصرح اهل البيت ع بذلك .
ولا يسع المقام ذكر نصوص نهج البلاغة بوصف الدنيا والا لاضطررت لنقل جله . ومن المفيد ان نجعل مطالعتنا لنهج البلاغة مطالعة يومية وقراءة تمعن وتدبر وانتفاع .
وهذا لايعني الاستكانة وقبول الواقع ، وانما يعني الطموح بالتغيير لكن مع الصبر على البلاء واصلاح الذات والعمل الايجابي وانتظار نضوج ثمار تحتاج الى الوقت وعدم الاكتفاء بالعويل والصراخ والتذمر الاجوف الفارغ، فليس في الدنيا من حلول جاهزة الاعصى موسى ، وعصى موسى لا تضرب البحر في كل يوم ولابد ان ندخل القرية ولانخاف القوم الجبارين ، ندخلها سجدا خاضعين لامر الله وشريعته واحكامه شاكرين لنعمائه صابرين على نزول بلاءه مطيعين لنائب وليه ، وان لايكون قولنا لموسى كما ( قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ) بل اذهب انت وربك فقاتلا انا معكما ذاهبون ، والا فبخلاف ذلك ليس هنالك الا التيه اربعين عاما لاندري كم هو طول العام فيها ، سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا .

١٢- ان الله تعالى لايعاقبنا بارتفاع حرارة الجو وقلة الامطار وغلاء الاسعار وضعف الاقتصاد لفساد المسئولين فقط وانما ايضا بما كسبت ايدينا من الشبهة والحرام والاستهتار في جميع مجالات الحياة في احياء حفلات الزفاف وسلوكيات الطلبة في الجامعات والتهتك في الزي والحجاب والحلاقة والمكياج وهتك الحرمات في علاقات مشبوهة او محرمة اقلها الانفتاح في المزاح والتفكه بين الجنسين الذي غدا داء مستشريا عضال ، وضياع الوقت في المراسلة اللاهية الخالية من الجدوى واهمال الواجبات الشرعية والاسرية والوظيفية ، وغير ذلك من مصائب عظيمة لو ذكرناها لوقعنا في اشاعة الفاحشة ونستغفر الله من ذلك .
ولعل من ضمن العقوبة تسلط الفاسدين علينا ، فنعوذ بالله تعالى من انطباق ( كما تكونوا يولى عليكم ) علينا .
ومهما صرخنا وتذمرنا فلن يبدل الله سنته قال الله تبارك وتعالى في سورة الرعد:( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) لايغير الله ما بنا من نعيم او شقاء الا بعد ان نغير ما بأنفسنا .
واخيرا فان الحاكم اذا استأثر فمصيره الخزي في الدنيا والعذاب الاليم في الاخرة وفي الدنيا شواهد عديدة على ذلك ، والمحكوم ان اساء الجزع ادخل نفسه في دوامة الفوضى وعدم الاستقرار ، ولله حكم واقع في المستأثر والجازع .

اسهبنا في الكلام وافرطنا لضعف البيان واوجز سيد البلاغة صلوات الله عليه فقال :

 " و أنا جامع لكم أمره : استأثر فأساء الأثرة ، و جزعتم فأسأتم الجزع و للّه حكم واقع في المستأثر و الجازع ."

انتهى




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=65241
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 08 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18