• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المجلس التأسيسي الاول ومعاهد لوزون في تاريخ العراق .
                          • الكاتب : مجاهد منعثر منشد .

المجلس التأسيسي الاول ومعاهد لوزون في تاريخ العراق

 في البداية أود ان أذكر كلمة طيبة الى الاستاذ الدكتور كامل سلمان الجبوري ,وهي من تقديمه على كتابنا (المختار الثقفي صاحب مبدا وعقيدة ) وهذا نصها :ـ
(لم يكن الولوج الى الكتابة والتخصص في التاريخ من الامور السهلة ,كما يتصور البعض ,سرد حوادث,وتراجم شخصيات ,أو رواية احداث .
الواقع يخالف هذا ,فهو مسؤولية كبرى ,لايمكن ان ينهض بعينها الا من اوتي الطبع السليم ,والفكر الموضوعي الذي لايتأثر بالاعتبارات الاجتماعية من مجاملة وعاطفة وخجل ,فاذا ماوجد المتصدي في نفسه هذه القوى النفسية والعقلية استطاع ان يوصل الى الاجيال القادمة الحقائق والصور التي تحتفظ بالواقع,كما تحرص على نقل الوقائع كاملة وصريحة ).
وهذه الكلمة عميق  في معناها خصوصا فيما يخص تاريخ العراق ,فمن المؤسف عندما ندرس  مصادر التاريخ المتعلقة بحقبة زمنية من تاريخ العراق ان لانجد تطرق لذكر حوادث مهمة جدا ممكن ان تنفع او ترتبط بتاريخنا المعاصر.
ومن خلال دراستنا للمعاهدة يتبين بأن تشكيل المجلس التأسيسي العراقي (مجلس النواب العراقي ) من اجل معاهدة لوزون .
وبما ان هذه المسالة كانت مهمة في تاريخ العراق ,فمن خلالها يتم معرفة الشخصيات الوطنية التي كانت تعمل لصالح العراق من الذين لاعلاقة لهم مع الاحتلال البريطاني ,وانما بسبب دورهم الوطني وصلوا الى المجلس النيابي .
وفي هذا الموضوع حقيقة واقعية بالنسبة لمعرفة زعماء القبائل العموم في العراق ,فمن ورد أسمه من ضمن النواب عن العشائر العراقية ,فهذا يعني بأنه هو شيخ مشايخ القبيلة العام كون اختياره من قبل الحكومة العراقية او الاحتلال الانكليزي مبني على اساس كسب القبيلة عن طريق شيخها العام ,وايضا اختيارهم كغطاء اعلامي امام الراي العام بأن المجلس التأسيسي في العراق يضم جميع المكونات العراقية من كل الالوان والاطياف .
ان  الكاتب الانكليزي (ميشيل ايدونيس) يصف لنا حقيقة الوضع الحكومي في العراق قائلا : ان ملوك العراق وحكوماته لايخرجون على حدود السياسة الخارجية التي تضعها لهم الحكومة البريطانية.
أذن من  يخرج عن حدود السياسة التي وضعتها الحكومة البريطانية ,فأن مصيره الزوال والتصفية كما حدث للملك غازي الذي كانت  مدة حكمه  (1933-1939) فتاثر بالتطلعات الوطنية والقومية , وقد انشأ اذاعة خاصة به سنة 1938 وكان يذيع بنفسه البيانات والتعليقات التي تندد بالاستعمارين البريطاني والفرنسي وهاجم الكيان الصهيوني في فلسطين وتوجهاته التوسعية ، ان هذه الاسباب هي التي دفعت بريطانيا الى التفكير جديا بالتخلص من الملك غازي ، ففي ليلة 3 نيسان 1939 قتل الملك غازي بحادث اصدام سيارة وقد اثيرت الشكوك حول نوري السعيد والسفارة البريطانية التي نفذت هذه المؤامرة.
وعندما اعلن نبأ وفاة الملك غازي في اليوم التالي انتفض الشعب ، اذ عمت التظاهرات في بغداد وفي مدن العراق مستنكرة الحادث وموجهة اصابع الاتهام الى بريطانيا ومطالبة بأجراء تحقيق عادل في ظروف الحادث.
و كانت العلاقات البريطانية بالملك غازي قبيل وفاته سيئة ، فقد كتب السفير  البريطاني في العراق موريس بترسن ( Morris Peterson ) في كتابه مانصه : قد اصبح واضحا للعيان بأن الملك غازي يجب اما ان يسيطر عليه او يخلع.
هذه هي الحقيقة الواقعية للحكومة العراقية بعد تاسيس المجلس النيابي الاحق ,فكان قصد الانكليز من المجلس التاسيسي الاول في العراق هو ضم أصوات النواب لصالحهم كعامل مساعد مع الملك فيصل الاول  من أجل الموافقة على معاهدة لوزون ,فكان هذا السبب الرئيسي لهذا المجلس التاسيسي  الاول .
يقول الكاتب الانكليزي هنري فوستر في اليوم الحادي والعشرين من شهر تشرين الاول سنة 1922 ,وفي اعقاب القبول المشروط للمعاهدة من قبل مجلس الوزراء ,صدرت ارادة ملكية تأمر بأنشاء المجلس التاسيسي.وعلى الفور ابلغ وزير الداخلية جميع موظفي الحكومة بان يتخذوالموقف الحياد التام خلال الانتخابات القادمة .ويؤشر بتسجيل الناخبين الاولين فورا .
وفي الوقت ذاته قررعلماء الشيعة بان يمنعوا اتباعهم من المشاركات في الانتخابات .,ولذلك اصدروا فتوى بهذا المجال من كربلاء المقدسة والنجف الاشرف في اليوم الثامن من شهر تشرين الثاني ,وان كان تسجيل الناخبين الاولين في ذلك الوقت كاد ان يكتمل .
ومع ذلك فقد كان النفوذ الشيعي في بعض الاقسام اكبر بروزا ,,ذلك ان امضاء لجان  التسجيل الحكومية ,الذين هددوا من قبل الطرفين ,قد استقالوا من تلك اللجان ,او رفضوا ان يصادقوا على اسماء المسجلين.
وفي ذات الوقت كان اهالي المنطقة الشمالية يميلون الى ان يظلوا بعيدين عن الانتخابات .ولكن لسبب مختلف ,ونظرا لمذهبية سكان المنطقة الشمالية ,ساد هناك فراغ واسع كان يحس به ,وذلك نتيجة احتمال ماسوف ينجم عن الانتصارات الكمالية في عودة ضمهم لتركيا الجديدة ,وان مشاركتهم في أي مظهر من مظاهر الحكومة ,سوف يلحق الضرربقضيتهم في مثل ذلك الحادث .
فقد كانوا مثل العرب ,ينتظرون ارادة الله بالنسبة الى ان يصبحون قوى اسيادهم .كما ان الدعاية التركية الدائمة ,وعلى الاخص في الشمال ,كانت تحرض على الاعمال اللاقانونية دوما . كان الملحق الذي تم التوقيع عليه في اليوم الثلاثين من شهر نيسان 1923,والذي أقترح تقليص مدة المعاهدة من عشرين سنة الى اربع سنوات ,قد أحدث انطباعا محمودا بين الساسة في بغداد والموصل .كذلك كان الملك ووزراءه فرحين بصفة ظاهرة ,لان اقرب مدة قد حددت للاشراف الحكومي الذي تمارسه بريطانيا على شؤونهم .
وجد المندوب السامي البريطاني الجديد ,السير هنري دويس الطريق واضحا امامه لتحقيق تعاون اصيل بين موظفي الحكومتين العراقية والبريطانية ولم يبقى سوى اقناع الشعب بان بريطانيا مستعدة لانتهاج سياسة ليست بعيدة عن التدخل المباشر حسب, وانما تقوم على الدعم الفعال والصداقة .
قام الملك فيصل بزيارة رسمية الى منطقة الموصل خلال شهر ايار سنة 1923,وذلك بقصد تقريب الشعب منه شخصيا ,ومن حكومته ,وبريطانية .وكان هذا الاتصال يمثل بصفة مميزة ,استعدادا لمساهمة اوسع في الانتخابات .
كان اخوه (زيد ),قد اقام في مدينة الموصل ذاتها لبعض الوقت ,وذلك بقصد رفع المعنويات السياسية للاسرة الشريفية ,بصفة نفسية ,في تلك المنطقة المضطربة.
نشاة العراق الحديث . وفي ظل هذه الاحداث تاسس المجلس  كمجلس نواب عراقي .
معاهدة لوزون
هذه المعاهدة كانت بتاريخ 24|7|1923وما حدث بعدها من معاهدات لم تعطي للعراق استقلال تام ,فمثل معاهدة الثلاثين من حزيران عام 1930 كان الاستقلال شكليا منقوصا مطوقا ببنود المعاهدة التي عقدت بين العراق  وبين الحكومة البريطانية , والتي اعطت بريطانيا حقوقا قانونية في التدخل المباشر في شؤون العراق  الداخلية والخارجية.
يقول الكاتب الانكليزي هنري فوستر جاء التوقيع على معاهدة لوزون في اليوم الرابع والعشرين من شهر تموز سنة 1923,اعظم نعمة بالنسبة للشؤون العراقية ,فالعلاقات في الداخل وفي الخارج قد بدأ عليها الان بانها اخذت تسير بسرعة نحو النتائج النهائية .ذلك ان الاتفاقات اللاحقة للمعاهدة العراقية الانكليزية ,والتي كانت موضوع نقاش طويل وحاده ,بين الحكومتين قد تم التوقيع عليها في اليوم الخامس والعشرين من شهر اذار سنة 1924 ,وبذلك اصبحت الاداة التامة للتحالف العراقي الانكليزي ,مهيأه كي تؤخذ بنظر الاعتبار من لدن المجلس التاسيسي .
وبعد يومين من ذلك التاريخ (أي في اليوم السابع والعشرين من شهر اذار )افتتح الملك بنفسه ,المجلس التاسيسي في بغداد ,وهو يرتدي اللباس العربي الكامل ,فكان صورة فريدة للوقار ,مما أثار التصفيق الحاد .والذي تتجدد تكرارا .
وبعد ان حمد الله وشكره ,راح يذكر هذا المجلس الاول لممثلي اول دولة عربية عصرية ,بانهم سوف يناقشون معاهدة التحالف العراقي الانكليزي والدستور الجديد ,وقانون الانتخابات ,وذلك بغية اعداد برلمان للدولة الجديدة وبعد ان اكد للمندوبين بان الشريعة الاسلامية تقوم على اساس المشورة ,غادرهم ليمارسوا مهمتهم الفريدة للعمل بالتوفيق والانسجام ,بين مابقي من هذا الشرق القديم وواحداث النظم السياسية في الغرب .
امتدت مناقشة المعاهدة حتى اليوم الثاني من شهر تموز .وحتى المساندون المتحمسون للبريطانيين من الاعضاء ,قد وجدو ان بعض الاحكام في المعاهدة ,وعلى الاخص الاتفاق المالي ,سوف يضع عبا ثقيلا على كاهل الدولة الجديدة .
كان هناك الكثير من ممثلي العشائر ,الذين يجهلون اوسع المظاهر لحرفة الدولة ,يتطلعون الى الحصول على امتيازات خاصة ,مقابل ولائهم للدولة .
اثارت طائفة من المحامين في بغداد ,المزيد من الاضطرابات ,بحملتهم العنيدة الحفية ضد التصديق على المعاهدة .
ولقد تطرق الشك الى ان هؤلاء الرجال كانوا يتهيأون ,في اليوم العشرين من شهر نيسان ,الى اغتيال اثنين من مندوبي العشائر الذين عرفوا بتأييدهم للمعاهدة .
بدأ المتطرفون أثارة الهياج في شوارع بغداد بقصد ارهاب المندوبين وكذلك كان من اللازم استدعاء قسم من افراد قوة الخيالة ,قبل ان تستطيع الشرطة الامساك بزمام السيطرة .
ولقد توقع مراسل صحيفة ((الاوقات اللندنية ))ببغداد بأن التوقيع على المعاهدة لن يكون متوقعا وذلك لان تسعة من ممثلي الاكراد ,قد رفضوا الاشتراك في المناقشات ,في حين كان ممثلو الموصل يصرون على اهمية تخطيط الحدود مع تركيا ,وعلى الرغم من البيانات البريطانية بالنسبة للاستحداث اية تغيرات في الوثائق ,فان البعض كانواواثقين بان ادخال (تعديلات موسعة) قد تكون هي ((الثمن لتصديق المعاهدة )).
وقد ذكر هذا المراسل ان قسما معتبرا من الناس ,كانوا يميلون الى العودة الى الانتداب مادامت المعاهدة معقدة جدا, وان احكامها المالية لا يمكن تنفيذها ,فبعد ان جرت مناقشة كل مظهر من مظاهر المعاهدة ,والاتفاقات الخاصة ,مناقشة متكررة ,
وقد صير المصادر البريطانية من التوضيح والصالحة, قررت الحكومة البريطانية ,خوفا من نتائج تأخير اخر ,ان تضع حد للتوتر بان طرحت قضية  الانتداب امام مجلس عصبة الامم في شهر حزيران .ثم ابلاغ الحكومة العراقية بانه اذا لم يتم التوصل الى قرار حتى اليوم العاشر من شهر حزيران ,فان المعاهدة ستكون مرفوضة, وان بيان الحكومة البريطانية الذي قدم الى مجلس العصبة سوف يعدل (طبقا لذلك).
لم يتم التوصل الى قرار في اليوم العاشر من شهر حزيران .وتم التأجيل الى اليوم الثاني.وما ان تم ابلاغ رئيس الوزراء ورئيس المجلس التاسيسي.بان القضية لا يمكن تأجيلها ,حتى قاما بحركة سريعة لجمع تسعة وستين مندوبا,من مجموع المندوبين البالغ عددهم مائة مندوب ,بعد منتصف الليل وقبل ان ينتصف الليل أجري التصويت ,فكانت نتيجة ذلك ان سبعة وثلاثين مندوبا قد صوتوا على المعاهدة ,وصوت اربعة وعشرون ضدها وأمتنع ثمانية مندوبين عن التصويت .
أسماء النواب المعارضين للمعاهدة الذين لم يصادقوا عليها  :
ناجي السويدي ,ياسين الهاشمي,عبد الرزاق شريف ,رؤوف الجادرجي ,احمد الشيخ داود,عمر الحاج علوان ,حبيب الخزران ,محمد زكي ,عبد الواحد سكر,رابح العطية,صالح شكارة,أسف قاسم أغا ,الدكتور داود الجلبي,عبد الرزاق الرويشدي,عبد الغني النقيب ,سالم الخيون ,كاطع البطي ,صكبان العلي,عبد اللطيف المعروف ,زامل المناع ,محمد حسين موسى,منشد الحبيب ,,حسن شبوط ,احمد الشويش.
وكان البريطانيون قد بذلوا جهودهم الحثيثة من اجل التوقيع على هذه المعاهدة حتى انهم قد ناقشوا المسألة في البرلمان البريطاني ,فكان رأيهم لو ترك الامر للعراقيين انفسهم ,فان المجلس التاسيسي لم يكن قد قبل المعاهدة ,وقال احد اعضائهم المعاهدة تمثل فرصة امام بريطانيا للتخلص من العراق ,وعلى اثر ذلك بعث رئيس الوزراء البريطاني (رمزي مكدونالد )برقية حذر فيها العراق من مغبة الامور المخيفة التي قد تحدث ,اذا لم تتم المصادقة على المعاهدة .
وقد نشرت صحيفة وستمستار غازيت في الثامن والعشرين من شهر تموز سنة 1924 بان الحكومة البريطانية كانت قد عمدت الى كل وسائل التخويف التي يمكن توقعها بقصد ضمان التوقيع على المعاهدة.
ومن خلال أسماء المعارضين لهذه الاتفاقية تتضح وطنيتهم وحبهم لبلدهم العراق .وايضا هذا الموضوع يكشف النقاب عن من هو عميل لبريطانيا ,و يعمل لصالحها .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=65149
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 08 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19