• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : شهيد المحراب الخالد اسد الله الغالب سيدنا ومولانا أمير المؤمنين الحق المبين والنجم الهادي في غياهب الدجى والبيداء والفيافي {عليه السلام} .
                          • الكاتب : محمد الكوفي .

شهيد المحراب الخالد اسد الله الغالب سيدنا ومولانا أمير المؤمنين الحق المبين والنجم الهادي في غياهب الدجى والبيداء والفيافي {عليه السلام}

بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}، سورة النساء رقم الآية {93} ، قوله تعالى : { وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا} من تفسير سورة الاسراء رقم الاية(33)
* * * * * * الحلقة الأولي * * * * * *
السلام عليكم تقبل الله صيامكم وقيامكم وغفر ذنوبكم000
نعزيكم ونعزي جميع الامة الإسلامية وعلى راسهم مراجعنا العظام بمناسبه ذكرى شهادة سيد الموحدين وسيد الوصيين وابو الحسنين واخي رسول الله{ص} وزوج الطاهرة قاتل مرحب وقالع باب خيبر والساقي على الحوض يوم العطش الاكبر000
ضربه بالسيف في محراب صلاته في مسجد الكوفة المعظم فجر التاسع عشر من شهر رمضان
ضربه اشقاها المجرم الملعون عبدالرحمن ابن ملجم اشقى الاولين والاخريين
وعندها قال الامام علي عليه السلام{{{فزت ورب الكعبه}}}
وقال{{{لمثل هذا فليعمل العاملون}}}
* * * * * * * * * * * *
الحلقة الاولى: تحقيق اعلامي: محمد الكوفي/ أبو جـــاسم، كتابـــــات في الميــــــــزان ،المحترمون،
* * * * * * * * * * * *
السلام عليك يابن رسول رب العالمين السلام عليك يابن أمير المؤمنين، السلام عليك يابن فاطمة الزهراء، السلام عليك يا حجة الله، السلام عليك يا نور الله، السلام عليك يا صراط الله، السلام عليك أيها السيد الزكي، السلام عليك أيها العالم بالتأويل، السلام عليك أيها الشهيد الصِدِّيق، السلام عليك يا أبا محمد الحسن بن علي، ورحمة الله وبركاته.
 
* * * * * * « 1 » * * * * * *
1} ــــ الشهادة في محراب العبادة (1) « من دلائل النبوّة : عن أنس بن مالك، قال : مرض عليّ عليه السلام فدخلت عليه وعنده أبو بكر وعمر وعثمان فجلست عنده معهم ، فجاء النبيّ صلى الله عليه وآله فنظر في وجهه فقال أبو بكر وعمر : قد تخوّفنا عليه يا رسول الله ، فقال صلى الله عليه وآله : لا بأس عليه ولن يموت الآن ولا يموت حتّى يُملأ غيظاً ولن يموت إلّا مقتولاً (2) . .»{1}.
* * * * * * « 2 » * * * * * *
2} ــــ « وعن فضالة الأنصاري (3) قال : خرجت مع أبي إلى‏ يَنْبُع عائدين لعليّ بن أبي‏ طالب وكان مريضاً بها قد نُقل إليها من المدينة ، فقال له : ما يقيمك بهذا المنزل ؟ ولو هلكت به لم يدفنك إلّا أعراب جهينة ، وكان أبو فضالة من أهل بدر (4) ، فقال له عليّ: لستُ بميّتٍ من وجعي هذا وذلك أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله عهد إليَّ أن لا أموت حتّى اُؤمر وتخضب هذه من دم هذا - وأشار إلى‏ لحيته ورأسه - قضاءً مقضياً وعهداً معهوداً منه إليَّ (5) . .»{2}.
* * * * * * « 3 » * * * * * *
3} ــــ « وقال أبو المؤيد الخوارزمي في كتابه المناقب يرفعه بسنده إلى‏ أبي الأسود الدؤلي أنه عاد عليّاً في شكوى‏ اشتكاها . قال : فقلت له : قد تخوّفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه ، فقال: لكنّي والله ما تخوّفت على نفسي لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : إنّك ستُضرب ضربةً هاهنا - وأشار إلى‏ رأسه - فيسيل دمها حتّى تخضب لحيتك ، يكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر النّاقة أشقى ثمود (6) . .»{3}.
* * * * * * « 4 » * * * * * *
4} ــــ « قيل : وسئل عليّ؛ وهو على المنبر في الكوفة؛ عن قوله تعالى‏: { مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَهَدُوا الله عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى‏ نَحْبَهُ ‏وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (7)} فقال: اللّهمّ غفراً، هذه الآية نزلت فيَّ وفي عمّي حمزة وفي ابن عمّي عبيدة بن الحارث بن عبد المطّلب ، فأمّا عبيدة بن الحارث فإنّه قضى نحبه شهيداً يوم بدر ، وأمّا عمّي حمزة فإنّه قضى نحبه شهيداً يوم أُحد ، وأمّا أنا فأنتظر أشقى الاُمّة (8) يخضب هذه من هذا - وأشار بيده إلى‏ لحيته ورأسه وقال : - عهدٌ عهده إليَّ حبيبي أبو القاسم صلى الله عليه وآله (9) . .»{4}.
* * * * * * « 5 » * * * * * *
5} ــــ « المؤامرة :اجتمع قومٌ من غُلاة الخوارج، وتذاكروا القتلى‏ من رفاقهم وذويهم، وكانوا بالساحة القريبة من بيت الله، وعندما دلفوا من بين مصراعي الباب، متفرقين، واحداً بعد الآخر، أووا إلى‏ بقعة نائية من المكان، عمياء خرساء، لا تشي بهم، فلا تطلع عليهم فيها عين، ولا تسمع منهم أذن، ولا ينقل عنهم لسان...وجلسوا يتسارون...وظلوا ساعة، بخلوتهم تلك، في حديث موصول، يلم بالنفس مختلف النبرات. وأخيراً التفت أحدهم إلى‏ رفيقه، وقال: «لو أننا شرينا أنفسنا للَّه عزوجل، فأتينا أئمة الضلال، وطلبنا غرتهم، وأرحنا منهم البلاد والعباد، وثأرنا لإخواننا الشهداء بالنهروان...» (10) فتأمَّلَ قولَهُ الآخران. فأجمعوا رأيهم على‏ أنّ وِزْرَ هذه الدماء إنّما يقع على‏ ثلاثة هم «أئمة الضلال» كما يسمّونهم، ويعنون بهم: الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص .»{5}.
* * * * * * « 6 » * * * * * *
6} ــــ « فقال عبد الرحمن بن ملجِم لعنه الله، لصاحبيه: (11) « أنا أكفيكم أمر عليّ بن أبي طالب » . وقال البُرَك : (12) «أنا أكفيكم أمر معاوية » . وقال عمرو بن بكر: (13) «أنا أكفيكم عمرو بن العاص » . فتعاهدوا وتعاقدوا وتواثقوا بالله على ذلك أن لا ينكص واحد منهم عن صاحبه الّذي تكفّل به حتّى يقتله أو يموت دونه ، فأخذوا أسيافهم فشحذوها ثمّ أسقوها السمّ ، وتوجّه كلّ واحدٍ منهم إلى‏ جهة صاحبه الّذي تكفّل به ، وتواعدوا على أن يكون وثوبهم عليهم في ليلة واحدة ، وتوافقوا على أن تكون هذه اللّيلة هي اللّيلة الّتي يسفر صاحبها عن ليلة تسع عشرة من شهر رمضان المعظّم ، وقيل : هي اللّيلة الحادية والعشرون منه . .»{6}.
* * * * * * « 7 » * * * * * *
7} ــــ « دخل ابن ملجم الكوفة، كان قد وفد، فيمن وفدوا على‏ أمير المؤمنين، ليأخذ عطاءه...فما امتدت يده حتى‏ أمعن الإمام فيها النّظر بلحظ خاطف ثاقب الشّعاع، صوَّبهُ بعد هنيهة إلى‏ وجهه، وقال في هدوء: «ما يحبس أشقاها ؟ ... » .
 
فهذا الحميري، هو طالب العطاء، وهو ذلك الأشقى‏ الّذي أعلم الرسول صلى الله عليه وآله علياً عليه السلام نبأه، وقرنه بالشقاوة، عاقر ناقة ثمود . فمرّ في بعض الأيّام بدارٍ من دور الكوفة فيها عرس ، فخرج منها نسوة فرأى‏ فيهنّ امرأة جميلة فائقة في حسنها يقال لها قَطام بنت الأصبغ التميمي (14) فنظر اليها لعنها الله فهواها ووقعت في قلبه محبّتها ، فقال لها : يا جارية أيم أنتِ أم ذات بعل ؟ فقالت : بل أيم . فقال لها : هل لك في زوج لا تذمّ خلايقه ؟ فقالت : نعم ، ولكن لي أولياء اُشاورهم . فتبعها فدخلت داراً ثمّ خرجت إليه فقالت : يا هذا إنّ أوليائي أبوا أن يزوّجوني إلّا على ثلاثة آلاف درهم وعبدٍ وقينةٍ ، قال : لكِ ذلك ، قالت : وشريطة اُخرى ؟ قال : وما هي ؟ قالت : قَتلُ عليّ بن أبي طالب فإنّه قتل أبي وأخي (15) يوم النهروان ، قال : ويحك !.»{7}.
* * * * * * « 8 » * * * * * *
8} ــــ « فترقق لها وقال: ومنْ يقدر على قتل عليّ؟ وهو فارس الفرسان وواحد الشجعان؟
فقالت : لا تكثر ، فذلك أحبّ إلينا من المال ، إن كنتَ تفعل ذلك وتقدر عليه وإلّا فاذهب إلى‏ سبيلك ؟
فقال لها : أمّا قتل عليّ بن أبي طالب فلا ، ولكن إن رضيتي ضربتُه بسيفي ضربةً واحدةً وانظري ماذا يكون ؟
قالت : رضيتُ ولكن ألتمس غرّته لضربتك ، فإن أصبته انتفعت بنفسك وبي ، وإن هلكت فما عند الله خيرٌ وأبقى‏ من الدنيا وزينة أهلها ، عندئذ ارتد طرفه إلى‏ ماضيه الموسوم ...
وقال لها : والله ما جاء بي إلى‏ هذا المصر إلّا قتل عليّ بن أبي طالب .
قالت : فإذا كان الأمر على ما ذكرت دعني أطلب لك من يشدّ ظهرك ويساندك ، فقال لها : افعلي . فبعثت إلى‏ رجل من أهلها يقال له وَرْدان (16) من تيم الرباب فكلّمته فأجابها . وخرج (17) ابن ملجم بعد أن اتفقا على‏ الخطبة والخطب! بعد أن وعدته الفتاة عوناً تقدمه له في شخص رجل من قبيلها مطاوع جليد جسور، يشد أزره، ويحمي ظهره - إلى‏ رجل من أشجع يقال له شبيب بن بُجرة ، من الخوارج فقال له : هل لك في شرف الدنيا والآخرة ؟ قال : وكيف ذلك ؟ قال : قتل عليّ بن أبي طالب ، فقال له : هبلتك الهبول، ثكلتك أُمّك لقد جئت شيئاً إدّا، إذ كيف تقدر على ذلك ؟ قال المتآمر بهدوء : أكمنُ له في المسجد الأعظم، فإذا خرج لصلاة الفجر، شددنا عليه فقتلناه، وأدركنا ثأرنا، وشفينا أنفسنا، وإن قتلنا فما عند الله خيرٌ من الدنيا وما فيها ، ولنا أُسوة في أصحابنا الّذين سبقونا .
فقال له : ويحك ! لو كان غير عليّ كان أهون عليَّ، وقد عرفت بلاءه في الإسلام وسابقته ‏مع ‏النبيّ‏ صلى الله عليه وآله ‏وما أجدُ نفسي‏تنشرح لقتله، قال: أما تعلم ‏أنه ‏قتل ‏أهل النّهروان العبّاد المصلّين ؟ قال: بلى‏، قال: فنقتله بمن قتل من إخواننا. فأجابه إلى‏ ذلك .
فقال ابن ملجم قاتله الله : ولكن يكون ذلك في ليلة الحادية والعشرين منه فإنّها اللّيلة الّتي تواعدت أنا وصاحباي فيها على أن يبيّت كلّ واحد منّا على‏ صاحبه الّذي تكفّل بقتله ، فأجابوه إلى‏ ذلك (18) .»{8}.
* * * * * * « 9 » * * * * * *
9} ــــ « فزتُ وربِّ الكعبة : كان الإمام عالماً بما سيجري عليه عارفاً بقاتله، يتوقّع ضربته: وبالإسناد عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي‏ الله عنه، قال : إنّي حاضر عند عليّ بن أبي طالب في وقتٍ إذْ جاءه عبد الرحمن بن ملجِم لعنه الله يستحمله فحمله ثمّ قال (19) : أُريد حياتَهُ ويُريدُ قتلي‏ *** عذيري من خليلي من مُرادِ .»{9}.
* * * * * * « 10 » * * * * * *
10} ــــ « ثمّ قال: هذا والله قاتلي لا محالة ، قلنا : يا أمير المؤمنين أفلا تقتله ؟ ! قال : لا؛ فمَنْ يَقتلني؟ ثمّ قال‏ عليه السلام (20) :
 
اشْدُدْ حَيازيمكَ للموتِ‏ *** فإنّ الموتَ لاقيكا
 
ولا تَجْزَعْ من الموتِ *** إذا حَلّ بناديكا
 
ولا تغترّ بالدهرِ *** وان كان يواتيكا
 
كما أضْحَكَكَ الدهرُ *** كذاكَ الدهرُ يبكيكا .»{10}.
* * * * * * « 11 » * * * * * *
11} ــــ « وقال غنم بن المغيرة (21) : كان عليّ بن أبي طالب عليه السلام في شهر رمضان من السنة التي قُتل فيها يفطر ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين وليلة عند عبد الله بن جعفر ، لا يزيد في كلّ أكله على ثلاث أو أربع لقم (22) ويقول : يأتيني أمرُ الله وأنا خميصٌ ، إنّما هي ليالٍ قلائل ، فلم يمض الشهر حتّى قُتل عليه السلام (23) . .»{11}.
* * * * * * « 12 » * * * * * *
12} ــــ « وعن الحسن بن كثير عن أبيه قال : خرج عليّ عليه السلام في فجر اليوم الّذي قُتل فيه فأقبل الأوز يصحن في وجهه فطُردن عنه ، فقال عليه السلام : ذروهنّ فإنّهنّ نوائح (24) ، فقتله ابن ملجم لعنه الله .
وقال الحسن بن عليّ عليه السلام: قمت ليلاً فوجدت أبي قائماً يصلّي في مسجد داره فقال : يا بني أيقظ أهلك يصلّون فإنّها ليلة الجمعة صبيحة بدر ، ولقد ملكتني عيناي فنمت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت : يا رسول الله ماذا لقيتُ من اُمّتك من الأوَد واللّدد (25) ! ! فقال صلى الله عليه وآله : ادْعُ عليهم ، فقلتُ : اللّهمّ أبدلني بهم مَن هو خيرٌ منهم وأبدلهم بي مَن هو شرٌّ منهم (26) . .»{12}.
* * * * * * « 13 » * * * * * *
13} ــــ « فجاء المؤذّن فأذنه بالصلاة فخرج وخرجت خلفه .
 
ثمّ إنّ عليّاً خرج فكبّر في الصلاة ، ثمّ قرأ من سورة الأنبياء احدى‏ عشرة آية ، ثمّ ضربه ابن ملجم من الصفّ على قرنه - بسيفه فأصابه (27) . وقال ‏عليه السلام : « فُزْتُ ‏وربِّ الكعبة » (28) .»{13}.
* * * * * * « 14 » * * * * * *
14} ــــ « وهرب وَردان ، ومضى‏ شبيب لعنه الله هارباً حتّى‏ دخل منزله فدخل عليه رجل من بني أبيه فقتله .
وأمّا ابن ملجِم لعنه الله فإنّ رجلاً من همدان لحقه فطرح عليه قطيفة (29) كانت في يده ثمّ صرعه وأخذ السيف منه وجاء به إلى‏ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام فنظر إليه عليّ ثمّ قال «النفسُ بالنفس إن أنا مِتُّ فاقْتلُوه كما قَتَلني ، وإن سَلِمْتُ رأيتُ رأيي فيه (30) .»{14}.
* * * * * * « 15 » * * * * * *
15} ــــ « فقال ابن ملجم لعنه الله : والله لقد ابتَعْتُه بألف وسَمَمْتُه بألف ، فإن خانني فأبعد الله مضاربه (31) .
قال قتادة : فنادته أُمّ كلثوم ابنة سيّدنا عليّ عليه السلام : يا عدوّ الله قتلت أمير المؤمنين ، فقال: إنّما قتلتُ أباك (32) .
قالت: يا عدوّ الله إنّي لأرجو أن لا يكون عليه باسٌ .
قال لها : أراك (33) إذاً تبكين عليَّ، والله، لقد ضربته ضربة لو قسّمت بين أهل الأرض لأهلكتهم (34) .
 
فاُخْرجَ من بين يدي أمير المؤمنين والناس يلعنونه ويسبّونه ويقولون له : يا عدوّ الله وماذا أتيت ؟ أهلكت أُمّة محمّد صلى الله عليه وآله وقتلت خير الناس ، وأنّهم لو تركوهم به لقطّعوه لعنه الله قطعاً، وهو صامت لا ينطق لهم . .»{15}.
* * * * * * « 16 » * * * * * *
16} ــــ « وصيّة الإمام ‏عليه السلام‏ : وكان الإمام‏عليه السلام قد أوقف جميع ممتلكاته من الأراضي والعيون وإليك نصّ ما كتبه في كتاب الوقف : هذا ما أوصى‏ بِهِ وَقَضى‏ بِهِ فِي ماله عَبْدُ الله عليٌّ ابتغاءَ وجه ‏الله ، ليولجني به الجنّة ويصرفني به عن النار ويصرف النار عنّي يوم تَبيَضُّ وجوهٌ وتسودُّ وجوهٌ ، أنّ ما كان لي من مالٍ بِيَنبُع يعرف لي فيها وما حولها ، صدقة ورقيقها ، غير أنَّ رباحاً وأبا نَيْزَرَ وجُبَيراً عتقاءٌ ليس لأحد عليهم سبيل ، فهم مواليّ يعملون في المال خمس حِجَج ، وفيه نفقتُهم ورزقهم وأرزاق أهاليهم .
ومع ذلك ما كان لي بوادِ القرى‏ كلّه من مال لبني فاطمة ، ورقيقها صدقة .
وما كان لي بدَيْمَةَ وأهلُها صدقة ، غير أن زُرَيْقاً له مثلُ ما كتبتُ لأصحابه ، وما كان لي بِأذِينةَ وأهلُها صدقة ، والفَقيرَيْن كما قد علمتم صدقة في سبيل‏الله .
وإنَّ الذي كتبتُ من أموالي هذه صدقة واجبة بَتْلَة ، حيّاً أنا أو ميّتاً ، يُنفق في كلّ نفقة يُبتغى‏ بها وجهَ‏ الله في سبيل‏الله ووجهه ، وذوي الرحم من بني ‏هاشم وبني‏ المطلب والقريب والبعيد .
وإنّه يقوم على‏ ذلك الحسنُ بن عليّ ، يأكل منه بالمعروف ، وينفقه حيث يراه ‏الله عزّوجلّ في حلٍّ محلَّل ، لا حرج عليه فيه ، فإن أراد أن يبيع نصيباً من المال فيقضي به الدينَ فليفعل إن شاء ولا حرج عليه ، وإن شاء جعله سَرِيَّ المِلك ، وإن وُلدَ عليّ ومواليهم وأموالهم إلى‏ الحسن بن عليّ .
وإن كانت دارُ الحسن بن عليّ غير دار الصدقة فبدا له أن يبيعها إن شاء لا حرج عليه فيه ، وإن شاء باع ، فإنّه يقسِّم ثمنَها ثلاثة أثلاث ، فيجعل ثلثاً في سبيل ‏الله وثلثاً في بني ‏هاشم وبني‏ المطلب ، ويجعل الثلثَ في آل أبي‏ طالب ، وإنّه يضعه فيهم حيث يراه ‏الله .
وإن حَدَثَ بحسن حَدَثٌ وحسين حيٌّ فإنّه إلى‏ الحسين بن علي ، وإنّ حسيناً يفعل فيه مثل الذي أمرتُ به حسناً ، له مثل الذي كتبتُ للحسن وعليه مثل الذي على‏ الحسن .
وإنّ لبني ابنَيْ فاطمة صدقة عليّ مثل الذي لبني عليّ ، وإنّي إنّما جعلتُ الذي جعلت لابنَيْ فاطمة ابتغاءَ وجه ‏الله عزّوجلّ وتكريم حرمة رسول‏ الله‏ صلى الله عليه وآله وتعظيمهما وتشريفهما ورضاهما .
وإن حَدَثَ بحسن وحسين حَدَثٌ ، فإنّ الآخر منهما ينظر في بني عليّ ، فإن وجد فيهم من يرضى‏ بهداه وإسلامه وأمانته فإنّه يجعله إليه إن شاء ، وإن لم ير فيهم بعض الذي يريده فأنّه يجعله إلى‏ رجل من آل أبي‏طالب يرضى‏ به ، فإن وجد آل أبي‏طالب قد ذهب كبراؤهم وذوو آرائهم ، فإنّه يجعله إلى‏ رجل يرضاه من بني ‏هاشم .
وإنّه يشتَرِطُ على‏ الذي يجعله إليه أن يتركَ المال على‏ أصوله ويُنفق ثمره ، حيث أمرتُه به من سبيل‏ الله ووجهه وذوي الرّحم من بني ‏هاشم وبني ‏المطلب والقريب والبعيد ، لا يُباع شي‏ء منه ولا يُوهب ولا يُورَّث .
( وإنّ مال محمّد بن عليّ على‏ ناحيته ، وهو إلى‏ بني فاطمة عليهم السلام ) (35) ، وإن رقيقيَّ الذين في صحيفة صغيرة التي كُتِبَتْ لي عتقاء .
هذا ما قضى‏ به عليُّ بن أبي‏ طالب في أمواله هذه الغد من يوم قدم مِسْكن ابتغاء وجه الله والدار الآخرة ، والله المستعان على‏ كلّ حال ، ولا يحلّ لامرئٍ مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول في شي‏ء قَضَيتُه من مالي ولا يخالف فيه أمري من قريب أو بعيد .
أمّا بعد ، فإنّ ولائدي اللّائي‏ أطوفُ عليهنّ السبعة عشر : منهنّ أمّهاتُ أولادٍ معهنّ أولادُهنّ ، ومنهنّ حبالى‏ ، ومنهنّ من لا ولدَ له ؛ فقضائي فيهنّ - إنْ حَدَثَ بي حَدَثٌ - أنّه من كان منهنّ ليس لها ولدٌ وليست بحبلى‏ فهي عتيقٌ لوجه الله عزّ وجلّ ليس لأحدٍ عليهنّ سبيلٌ ، ومن كان منهنّ لها ولدٌ أو حبلى‏ فتمسك على ولدها وهي من حظّه ؛ فإن ماتَ ولدُها وهي حيّةٌ فهي عتيقٌ ليس لأحدٍ عليها سبيلٌ .
هذا ما قضى‏ به عليّ في ماله هذا الغد من يوم قدم مِسْكَن .
شهد أبو شمر بن أبرهة وصَعصَعة بنُ صُوحان ، ويزيدُ بنُ قيس وهيّاجُ بن أبي هيّاج .
وكتب عليّ بن أبي‏طالب بيده لعشرٍ خلون من جمادىَ الأولى‏ سنة سبع وثلاثين (36) . .»{16}.
* * * * * * « 17 » * * * * * *
17} ــــ « وهذه قائمة بالموقوفات التي ذكرت في المصادر المتوفّرة :
 
1ـ الأحْمر: في وادي «الرجْلاء» بين المدينة و الشام، ذكره في تاريخ المدينة (ص‏234) .
 
2ـ أدْبِيَة: في وادي «إضَم» في المدينة .ذكره ابن شبّه، تاريخ المدينة، ص‏222.
 
3ـ أُذَيْنَة: اسم وادٍ من وديان «قَبَليّه» في المدينة .ذكره في معجم البلدان (4 / 309) .
 
4ـ الاَسْحَن:اسم وادٍ من وديان «فدك». ذكره في تاريخ المدينة (1/225) .
 
5ـ بِئْر المَلك: في وادي «قَناة». ذكره في‏تاريخ المدينة (1/223) .
 
6ـ البُغَيْبِغَة: بئر قرب «رشاء» في المدينة. ذكره في تاريخ المدينة (1/220) .
 
7ـ البُغَيْبِغات: عدة عيون في «يَنْبُع» باسم: «خَيْفُ الأراك» و «خَيف ليلى‏» و «خَيف بسطاس». ذكره في تاريخ المدينة (1/222) .
 
8ـ البَيْضاء: وادٍ في «حَرَّة الرجلاء» فيها مزارع وبساتين. ذكره في تاريخ المدينة (1/224) .
 
9ـ دورٌ في المدينة: في محلة «بني زُرَيْقٍ» ذكرها الشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام (9/131) .
 
10ـ دَيمَة: لم يحدّد موضعها.
 
11ـ ذاتُ كمات : أربعة آبار في «حرّة الرجلاء» باسم «ذوات العشراء» و«قعين» و «معيد» و «رعوان». ذكرها في تاريخ المدينة (1/224) .
 
12ـ رعيه: وادٍ في «فدك» ذكرها في تاريخ المدينة (1/224) .
 
13ـ عين أبي نَيْزر: عينٌ في «ينبع» تنسب إلى «أبي نَيْزر» أحد مماليك الإمام ‏عليه السلام. ذكره السمهودي في وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى‏ (1/127) .
 
14ـ عين موات: عينٌ في «وادي القرى‏». ذكره في تاريخ المدينة ، (1/223) .
 
15ـ عين فاقة: عينٌ في «وادي القرى‏» وتسمى «عين حسن» أيضاً.ذكره في تاريخ المدينة ، (1/223) .
 
16ـ عيون يَنبُع: قرب جبل «رَضْوى» يبعد من المدينة بسبعة منازل ، وفيها عيون غزيرة عذبة المياه وأراض خصبة . ذكرها الحموى في معجم البلدان، (1/450) وأحصاها بعضهم (170) عيناً (37) .
17ـ فَقْرين: اسم موضعين في المدينة . لاحظ معجم البلدان (4/269) و وفاء الوفاء (ص‏1282) و عمدة الأخبار (ص‏318). ولهما ذكر في الكافي (7/54) وتهذيب الأحكام (9/148) .
 
18ـ القُصَيْبَة: بستان في «فدك». ذكره في تاريخ المدينة (1/225) .
 
19ـ وادي القُرى‏: وادٍ شاسع بين المدينة والشام فتحها الرسول‏صلى الله عليه وآله.(38) ذكرها في معجم البلدان (5/ 345) (39) . .»{17}.
* * * * * * « 18 » * * * * * *
18 } ــــ « قال : ودعا أمير المؤمنين عليّ عليه السلام حسناً وحسيناً فقال :
 
أوصيكما بتقوى‏ الله تعالى ولا تبغيا الدنيا وإن بغتكما ولا تأسفا على شي‏ء زوي منها عنكما وقولا بالحقّ واعملا للأجر، وارحما اليتيم وأعينا الضعيف الملهوف الضائع واصنعا للاُخرى ، وكونا للظالم خصماً وللمظلوم ناصراً ، واعملا بما في كتاب الله تعالى ولا تأخذكما في الله لومة لائم (40) .»{18}.
* * * * * * « 19 » * * * * * *
19} ــــ « ثمّ التفت إلى‏ محمّد بن الحنفية فقال : هل حفظتَ ما أوصيتُ به أخويك ؟ قال : نعم ، فقال: فإنّي اُوصيك بمثله ، وأُوصيك بتوقير أخويك لعظيم حقّهما عليك ولا تؤثر أمراً دونهما . ثمّ قال : أُوصيكما به فإنّه شقيقكما ابن أبيكما ، وقد علمتما أنّ أباكما كان يحبّه (41) . .»{19}.
* * * * * * « 20 » * * * * * *
20} ــــ « وفي رواية (42) عن الحسن بن عليّ عليه السلام : لمّا حضرت أبي الوفاة أقبل يوصي فقال : هذا ما أوصى‏ به أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالبٍ أخو محمّد رسول الله وابن عمّه وصاحبه وخليفته ، أوصى بأنه يشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وأنّ محمّداً عبده ورسوله «أرسله بالهدى‏ ودين الحقّ ليظهره على الدّين كله ولو كره المشركون» صلوات الله وبركاته عليه «إن صلاتي ونسكي ومحَياي ومماتي للَّه ربِّ العالمين لا شريك له وبذلك أمرتُ وأنا أولُ المسلمين» الأنعام : 162 و163 ) . (43) رسول الله وخيرته ، اختاره بعلمه وارتضاه لخيرته .
وأنّ الله باعث مَن في القبور، وسائل الناس عن أعمالهم ، عالمٌ بما في الصدور .
ثمّ قال : إنّي أُوصيكَ - يا حَسَنُ - (وجميع ولدي وأهلي) وأهل بيتي ومن بلغه كتابي هذا) بتقوى‏ الله ربّكم ولا تموتن إلّا وأنتم مسلمون ، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تَفرّقوا ، فإنّي سمعتُ رسول الله يقول : إصلاحُ ذاتِ البين أفضل من عامّة الصلاة والصيام وإنّ المبيدة الحالقة للدين فساد ذات البين ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم ، انظروا إلى‏ ذوي أرحامكم فصلوهم يهوّن الله عليكم الحساب .
الله الله في الأيتام فلا تغُبُّوا أفواههم بجفوتكم . (فلا تغيّروا أفواههم ، ولا يضيعوا بحضرتكم ، فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من عال يتيماً حتّى يستغني أوجب الله عزّوجلّ بذلك الجنّة كما أوجب الله لِآكل مال اليتيم النار ) (44) .
والله الله في جيرانكم، فإنّهم وصيّة رسول الله صلى الله عليه وآله فما زال يوصينا بهم حتّى ظننّا أنّه سيورثهم .
والله الله في القرآن فلا يسبقنكم إلى‏ العمل به غيركم.
الله الله في الصلاة فإنّها عماد (45) دينكم.
الله الله في بيت ربكم فلا يَخلُونَّ منكم ما بقيتم، فإنّه إن ترك لم تناظروا ، وإنّه إن خلا منكم لم تنظروا.
الله الله في صيام شهر رمضان ، فإنّه جُنّة من النار.
والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم.
الله الله في زكاة أموالكم ، فإنّها تطفى غضب ربكم.
الله الله في اُمّة نبيّكم ، فلا يظلمّن بين أظهركم.
الله الله في أصحاب (اُمّة) نبيّكم، فإنّ رسول الله ‏صلى الله عليه وآله أوصى بهم.
الله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معايشكم.
الله الله في ما ملكت أيمانكم، فانّها كانت آخر وصيّة رسول الله عليه السلام إذ قال : «أُوصيكم بالضعيفين فيما ملكت أيمانكم » .
ثمّ قال: الصلاة الصلاة، لا تخافوا في الله لومة لائم ، فإنّه يكفيكم من بغى عليكم وأرادكم بسوء ، قولوا للناس حُسناً كما أمركم الله، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولّي الأمر عنكم، وتدعون فلا يُستجاب لكم ، عليكم بالتواضع والتباذل والتبارّ، وإيّاكم والتقاطع والتفرّق والتدابر «وتعاونوا على البرّ والتّقوى‏ ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إنّ الله شديد العقاب» المائدة : 2) . (46) وكفى بك وصيّاً بما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا كان ذلك يا بنيّ فالزم بيتك وابكِ على خطيئتك ، ولا تكن الدنيا أكبر همّك ،
واُوصيك يا بنيّ بالصلاة عند وقتها والزكاة في أهلها عند محلّها ، والصمت عند الشبهة ، والاقتصاد ، والعدل في الرضا والغضب ، وحسن الجوار ، وإكرام الضيف ، ورحمة المجهود وأصحاب البلاء ، وصلة الرحم ، وحبّ المساكين ومجالستهم والتّواضع فإنّه أفضل العبادات ، وقصر الأمل ، وذكر الموت ، والزهد في الدنيا فإنّك رهن موتٍ وغرض بلاء وطريح سقم .
واُوصيك بخشية الله تعالى في سرّ أمرك وعلانيتك ، وأنهاك عن التسرّع بالقول والفعل ، وإذا عرض شي‏ء من أمر الآخرة فابدأ به ، وإذا عرض شي‏ء من أمر الدنيا فتأنّه حتّى تصيب رشدك فيه ، وإيّاك ومواطن التّهمة والمجلس المظنون به السوء ، فإنّ قرين السوء يغير جليسه .
وكن للَّه يا بنيّ عاملاً، وعن الخنا زجوراً، وبالمعروف آمراً ، وعن المنكر ناهياً ، وواخِ الإخوان في الله ، وأحبّ الصّالح لصلاحه ، ودار الفاسق عن دينك وابغضه بقلبك ، وزايله بأعمالك لئلا تكون مثله ، وإيّاك والجلوس في الطّرقات ، ودع المماراة ومجاورة من لا عقل له ولا علم .
واقتصد يا بنيّ في معيشتك ، واقتصد في عبادتك ، وعليك فيها بالأمر الدّائم الّذي تطيقه ، والزّم الصّمت وبه تسلم ، وقدّم لنفسك تغنم ، وتعلّم الخير تعلم ، وكن ذاكراً للَّه تعالى على كلّ حال ، وارحم من أهلك الصّغير ، ووقّر منهم الكبير ، ولا تأكلنّ طعاماً حتّى تتصدّق منه قبل أكله ، وعليك بالصوم فإنّه زكاة البدن وجنّة لأهله .
وجاهد نفسك ، واحذر جليسك ، واجتنب عدوّك ، وعليك بمجالس الذِكر ، وأكثر من الدعاء فإنّي لم آلك يا بنيّ نصحاً وهذا فراق بيني وبينك .
واُوصيك بأخيك محمّد خيراً فإنّه شقيقك ابن أبيك، وقد تعلم حبّي له. أمّا أخوك الحسين فإنّه شقيقك وابن اُمّك وأبيك ، ولا اُريد الوصاة بذلك أزيدك وصاية .
والله الخليفة عليكم ، وإيّاه أسأل أن يصلحكم ، وأن يكفّ الطغاة والبغاة عنكم ، والصبر الصبر حتّى يقضي الله الأمر ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم (47) .
ثمّ قال للحسن : يا حسن ، ابصروا ضاربي ، أطعموه من طعامي ، واسقوه من شرابي ، فإن أنا عشتُ فأنا أولى بحقّي ، وإن متُّ فاضربوه ضربةً ، ولا تمثّلوا به فإنّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : « إيّاكم والمثلة ولو بالكلب العقور» (48) .
يا حسن ، إن أنا متُّ لا تغال في كفني فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : لا تغالوا في الأكفان فامشوا بي بين المشيتين ، فإن كان خيراً عجلتموني إليه ، وإن كان شرّاً ألقيتموه عن أكتافكم .
يا بني عبد المطّلب لا ألفينّكم تريقون دماء المسلمين بعدي ، تقولون : قتلتم أمير المؤمنين ، ألا لا يقتلنّ بي إلّا قاتلي (49) .»{20}.
* * * * * * « 21 » * * * * * *
21} ــــ ثمّ لم ينطق إلّا بلا إله إلّا الله حتّى قبض عليه السلام وذلك في شهر رمضان سنة أربعين (50) .
« تجهيزه ‏عليه السلام : وغسّله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر، ومحمّد بن الحنفية يصبّ الماء ، وكُفّن في ثلاثة (50) أثواب ليس فيها قميص ، وصلّى عليه ابنه الحسن عليه السلام وكبّر عليه سبع تكبيرات (51).»{21}.
* * * * * * « 22 » * * * * * *
22} ــــ « قبره الشريف بالنجف : ودُفن في جوف اللّيل بالغري (52) موضع معروف يزار إلى‏ الآن .
ويُقال له : النَجَفُ ، وفيه يقول بعض الشعراء (53) :
تسح سحايب الرضوان سحّاً *** كجود يديه ينسجم انسجاما
ولازالت رواة المُزن تهدي‏ *** إلى‏ النجف التحية والسلاما
ولمّا فرغوا من دفنه عليه السلام جلس الحسن عليه السلام وأمر أن يؤتى بابن ملجِم لعنه الله فجي‏ء به ، فلمّا وقف بين يديه قال : يا عدوّ الله قتلت أمير المؤمنين وأعظمت الفساد في الدّين (54) ثمّ أمر به فضُربت عنقه وأخذه الناس وأدرجوه في بواري وأحرقوه لعنه الله (55) . وقيل : إنّ اُم الهيثم بنت الأسود النخعية استوهبت جيفته من الحسن عليه السلام وأحرقتها بالنار (56) . .»{22}.
* * * * * * « 23 » * * * * * *
23} ــــ « وقد صحّ النقل أنّ عليّاً عليه السلام ضربه عبد الرحمن بن ملجم ليلة الجمعة الحادي والعشرين من شهر رمضان المعظّم سنة أربعين ومات من ضربته ليلة الأحد وهي الليلة الثالثة من ليلة ضرْبِه (57) ، وكان عمره إذ ذاك خمساً وستين سنة (58) أقام منها مع النّبيّ خمساً وعشرين سنة (59) منها قبل البعث والنّبوة اثنتي ‏عشرة سنة وبعدها ثلاثة عشر سنة (60) ، ثمّ هاجر واقام مع النبيّ صلى الله عليه وآله بالمدينة إلى‏ أن توفّي النبيّ صلى الله عليه وآله عشر سنين (61) ثمّ عاش من بعد وفاة النبيّ إلى‏ أن قُتل‏عليه السلام ثلاثين سنة فجملة ذلك خمس وستون سنة.»{23}.
* * * * * * « 24 » * * * * * *
24} ــــ « رثاء الإمام ‏عليه السلام : وفي قصّة عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله ومهره لقَطام واشتراطها عليه قَتل عليّ عليه السلام ، يقول الفرزدق (62) :
فلم أرَ مهراً ساقه ذو سماحةٍ *** كمهر قَطامٍ من فصيحٍ وأعجمِ‏
ثلاثة آلاف وعبدٌ وقينةٌ *** وضرب عليٍّ بالحسام المصمّمِ‏
فلا مهر أغلى من عليٍّ وإن غلا *** ولا فتك إلّا دون فتك ابن ملجمِ‏ .»{24}.
* * * * * * « 25 » * * * * * *
25} ــــ « وللَّه درّ القائل حيث يقول (63) : فلا عزّ للأشراف إن ظفرت بها *** ذئاب الأعادي من فصيح وأعجمِ‏
فحربة وحشيّ سقت حمزة الردى‏ *** وحتف عليّ من حسام ابن ملجمِ‏ .»{25}.
* * * * * * « 26 » * * * * * *
26} ــــ « وقال أبو الأسود الدؤلي في قتل عليّ عليه السلام (64) :
ألا أبلغْ معاوية بن حربٍ‏ *** فلا قَرَّت عيون الشامتينا
أفي شهر الحرام فجعتمونا *** بخير النّاس طُرّاً أجمعينا
رزينا خير من ركب المطايا *** ورحّلها ومَن ركب السفينا
ومَن لبس النعال ومَن حذاها *** ومَن قرأ المثاني والمئينا
إذا استقبلت وجه أبي حسين‏ *** رأيت البدر زاغ الناظرينا
لقد علمت قريشٌ حيث كانت‏ *** بأنك خيرهم حسباً ودينا
 
فقلْ للشامتين بنا رويداً *** سيلقى الشامتون كما لقينا .»{26}.
* * * * * * « 27 » * * * * * *
27} ــــ « وقال بكر بن حسّان الباهلي (65) :
قُلْ لابن ملجم والأقدار غالبةٌ *** هدمت للدين والإسلام أركانا
قتلت أفضل من يمشي على قدم‏ *** وأفضل الناس إسلاماً وإيمانا
وأعلم الناس بالقرآن ثمّ بما *** سنّ الرّسول لنا شرعاً وتبيانا
صهر النّبيّ ومولاه وناصره‏ *** أضحت مناقبه نوراً وبرهانا
وكان منه على رغم الحسود له‏ *** مكان هارون من موسى بن عمرانا
ذكرتُ قاتله والدّمع منحدر *** فقلتُ سبحان ربِّ العرش سبحانا
قد كان يخبرنا أن سوف يخضبها *** قبل المنية أشقاها وقد كانا
 
وبالإسناد عن الزهري قال : قال لي عبد الملك بن مروان : أيّ واحدٍ أنت أن حدّثتني ما كانت علامة يوم قُتل عليّ بن أبي طالب ؟ قلت : يا أمير المؤمنين ما رفعت حصاة ببيت المقدس إلّا وكان تحتها دم عبيط . فقال : أنا وأنت غريبان في هذا الحديث (66) .
ومن كتاب المناقب لأبي بكر الخوارزمي قال : قال أبو القاسم الحسن بن محمّد : كنت بالمسجد الحرام فرأيت الناس مجتمعين حول مقام إبراهيم عليه السلام فقلت : ما هذا ؟ فقالوا : راهب قد أسلم وجاء إلى‏ مكّة وهو يحدّث بحديثٍ‏عجيب .
فأشرفتُ عليه فإذا شيخ كبير عليه جبّة صوف وقلنسوة صوف عظيم الجثة وهو قاعد عند المقام يحدّث الناس وهم يسمعون إليه فقال : بينما أنا قاعد في صومعتي في بعض الأيام إذ أشرفت منها إشرافة فإذا طائر كالنسر الكبير قد سقط على صخرة على شاطئ البحر فتقيّأ فرمى من فيه ربع إنسان ، ثمّ طار فغاب يسيراً ثمّ عاد فتقيّأ ربعاً آخر ، ثمّ طار وعاد فتقيأ هكذا ، إلى‏ أن تقيّأ أربعة أرباع إنسان ، ثمّ طار فدنت الأرباع بعضها إلى‏ بعض فالتأمت ، فقام منها إنسان كامل وأنا أتعجّب ممّا رأيت ، فإذا بالطائر قد انقضّ عليه فاختطف ربعه ، ثمّ عاد واختطف ربعاً آخر ، ثمّ طار وهكذا إلى‏ أن اختطف جميعه ، فبقيت أتفكّر وأتحسّر ألا كنت سألته مَن هو وما قصّته .
فلمّا كان في اليوم الثاني فإذا بالطائر قد أقبل وفعل كفعله بالأمس ، فلمّا التّأمت الأرباع وصارت شخصاً كاملاً نزلتُ من صومعتي مبادراً إليه ودنوته وسألته : بالله مَن أنت يا هذا ؟ فسكت عنّي ، فقلت له : بحقّ من خلقك إلّا ما أخبرتني مَن أنت ؟ فقال : أنا ابن ملجم ، فقلت : ما قصّتك مع هذا الطائر ؟ قال : قتلت عليّ بن أبي طالب فوكّل الله بي هذا الطائر ليفعل بي ما ترى‏ كلّ يوم . فخرجت من صومعتي وسألت عن عليّ بن أبي طالب مَن ؟ هو فقيل لي : إنّه ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وآله فأسلمت وأتيت مؤتمّاً هذا البيت الحرام قاصداً الحجّ وزيارة النبيّ صلى الله عليه وآله (67) .»{27}.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فأنها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}}
وَربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا،
ِabo_jasim_alkufi@hotmail.com



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=64253
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 07 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29