• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح277 سورة النمل الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح277 سورة النمل الشريفة


بسم الله الرحمن الرحيم

قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ{27}
تروي الآية الكريمة كلاما لسليمان "ع" مع الهدهد (  قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ ) , سنمعن النظر ونهتم بشأن ما اخبرتنا به , ان كنت صادقا فيما قلت , (  أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ) , ام ان ما اخبرتنا به مجرد عذر لتقي وتجنب نفسك من العذاب او الذبح .  

اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ{28}
يستمر كلام سليمان "ع" مع الهدهد في الآية الكريمة (  اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا ) , طالما وان الهدهد هو من اخبر عن أولئك القوم , فهو الذي سيحمل كتاب سليمان "ع" لهم , (  فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ) , ألقي لهم الكتاب القاءا وليس تسليما باليد كما هي الحال لدى رسل الملوك , مما تخبر به كتب التاريخ , ان الهدهد القى الكتاب في غرفة الملكة بلقيس , او في حجرها , فارتعبت من ذلك , (  ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ ) , بعد ان تلقي الكتاب عليهم , ابتعد عنهم وراقب ردة فعلهم من مكان قريب , دون ان يشعروا بك , (  فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ) ,    

قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ{29}
تروي الآية الكريمة ان الملكة بلقيس جمعت اشراف وسادة قومها (  قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ) , واخبرتهم بشأن الكتاب , ووصفته بأنه (  كَرِيمٌ ) , والكتاب الكريم يعني مختوم , فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله قال كرم الكتاب ختمه ."تفسير القمي" . 

إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ{30}
يستمر كلام الملكة بلقيس مع اشراف قومها في الآية الكريمة (  إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ ) , ان الكتاب من سليمان , وفحواه (  وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) , يفتتح الكتاب بالبسملة .      

أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ{31}
يستمر كلام الملكة بلقيس مع اشراف قومها الآية الكريمة مبينة المزيد من مضمونه :
1-    (  أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ ) : لا تتعالوا وتتكبروا عما دعوتكم اليه .
2-    (  وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) : وأتوني مسلمين منقادين خاضعين .       
فحوى كتاب سليمان "ع" تنطق من مصدر قوة , وهذا ما اخاف وارعب جانب الملكة بلقيس .

قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ{32}
يستمر كلام الملكة بلقيس مع اشراف قومها في الآية الكريمة طالبة المشورة بعد ان بينت لهم الكتاب وفحواه (  قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ) , اشيروا عليّ بالرأي الصواب , (  مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ ) , لا اتخذ امرا الا بمحضركم , وكأنها تريد ان ترفع معنوياتهم وتزيد في ثقتهم بأنفسهم , كي لا يتزعزعوا ازاء خبر سليمان "ع" .    

قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ{33}
تروي الآية الكريمة رد اشراف القوم عليها (  قَالُوا نَحْنُ ) , بيانا لأنفسهم ومميزاتهم : 
1-    (  أُوْلُوا قُوَّةٍ ) : بالعدة والعدد .
2-    (  وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ ) : اشداء شجعان في الحروب .
3-    (  وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ ) : فوضوا الامر اليها , ان اختارت الحرب فبها , وان اختارت السلام فهي في مأمن من نقدهم واعتراضهم .
4-    (  فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ) : أنت صاحبة القرار , وما علينا الا تنفيذ اوامرك .   

قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ{34}
تروي الآية الكريمة كلام بلقيس معهم مبينة (  قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ ) , المتعارف عليه ان الملوك في حالات الحرب :
1-    (  إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا ) : ينهبون الاموال , ويخربون الديار , ويتلفون الاملاك الاخرى .
2-    (  وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ) : يذلون اشرافها بالإهانة والاسر . 
3-    (  وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ) : وهذا ما هو المتعارف عليه , بل هذه هي عاداتهم وديدنهم . 

وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ{35}
يستمر كلام بلقيس في الآية الكريمة مضيفة مقترحة (  وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ ) , ان ترسل لسليمان "ع" هدية ثمينة , بيانا لرغبتهم في السلام او بيانا لعظمتهم وترفهم , او لأهداف اخرى , (  فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ) , ثم ننتظر المبعوثين بالهدية , فمعهم سيكون الجواب .     
( قالت ان كان هذا نبيا من عند الله كما يدعي فلا طاقة لنا به فان الله عز وجل لا يغلب ولكن سأبعث إليهم بهدية فان كان ملكا يميل الى الدنيا قبلها وعلمت انه لا يقدر علينا فبعثت حقة فيها جوهرة عظيمة وقالت للرسول قل له يثقب هذه الجوهرة بلا حديد ولا نار فأتاه الرسول بذلك فأمر سليمان بعض جنوده من الديدان فأخذ خيطا في فمه ثم ثقبها واخذ الخيط من الجانب الآخر ) ."تفسير القمي" .

فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ{36}
تروي الآية الكريمة (  فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ ) , حضر المرسلون بالهدية بين يدي سليمان "ع" , فكان جوابه "ع" لهم في ثلاثة محاور :
1-    (  قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ ) : قال لهم أتأتوني بأموال  , لا حاجة لي به . 
2-    (  فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم ) : من الحكم والنبوة خير مما لديكم .
3-    (  بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ) : لأنكم لا تعرفون الا ظاهر الدنيا , قد غرتكم بزينتها وغرورها .  

ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ{37}
يستمر كلام سليمان "ع" في الآية الكريمة مخاطبا رسول بلقيس , وكان في ثلاثة محاور ايضا :
1-    (  ارْجِعْ إِلَيْهِمْ ) : ارجع ايها الرسول بما اتيت به من الهدايا الى ملكتك بلقيس , وفيه دلالة على رفض الهدية .
2-    (  فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا ) : لا طاقة لهم ولا قدرة على مقارعتهم في الحرب . 
3-    (  وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ) : ولسوف نخرجهم من سبأ , اذلاء بعد عزهم , اسرى مهانون .
مما يروى في ذلك ان الرسل اخبروا بلقيس بخبرهم مع سليمان "ع" ووصفوا لها قوته وقدرته , وشرحوا لها صنوف جيشه , فعلمت ان لا طاقة لها به , ولا قدرة لجيوشها ازاء جيوشه , فقررت الرحيل نحو مملكة سليمان "ع" .

قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ{38}
تروي الآية الكريمة كلام سليمان "ع" مع قومه (  قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) , أيكم يستطيع ان يأتي بعرشها قبل ان يأتوا مسلمين خاضعين منقادين , وكان ذلك بعد ان علم سليمان "ع" ان بلقيس قادمة نحوه .

قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ{39}
تروي الآية الكريمة (  قَالَ عِفْريتٌ مِّنَ الْجِنِّ ) , يتصدى احد العفاريت لتنفيذ امر سليمان "ع" , قائلا :
1-    (  أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ) : سوف اجلبه قبل ان ينتهي مجلسك هذا , وكان سليمان "ع" يجلس حتى انتصاف النهار .
2-    (  وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ) : ثم يبين هذا العفريت (  وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ ) , قوي على حمله , (  أَمِينٌ ) , ولها محورين :
أ‌)    امين على ما فيه من الجواهر والحلى والنفائس الاخرى .
ب‌)    امين لا اختزل او انقص منه شيئا , او حتى ابدله .          
فيما يبدو ان سليمان "ع" لم يكن راضيا بهذا العرض من هذا العفريت , فقد كان يريد من هو اسرع بهذا الانجاز .

قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ{40}
تروي الآية الكريمة (  قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ ) , يتصدى لهذه المهمة انسان , ميزته انه يعرف بعضا من علوم الاسم الاعظم , الذي اذا دعا به احد اجيب على الفور , وهو آصف بن برخيا "ع" وصي سليمان "ع" , (  أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) , يرتد بصرك , فكان كما قال , (  فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ ) , عندما رأى سليمان "ع" عرش بلقيس ساكنا بين يديه , (  قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي ) , قال متواضعا خاضعا لله تعالى معترفا بفضله جل وعلا , (  لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ) , ليختبرني أأشكر بأن اراه فضلا منه عز وجل , من غير حول ولا قوة لي , الا سعة من فضله جل وعلا , ام اكفر بأداة الوجب المستحق عليّ من الشكر , او اقصر في ما اوجبه الباري جل وعلا عليّ , (  وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ) , يبين سليمان "ع" ان الشكر يعود لصاحبه بالمزيد من النعم وتمامها ودوامها , (  وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) , يزيد "ع" في البيان ان من كفر , فأن الله تعالى غني عن شكره , كريما بالإفضال على جاحدي النعمة . 


 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=62775
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 06 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28