• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : تفسير للحياة في عشر نبضات / قراءة في كتاب عشر نبضات / حوارات بين بابل واربيل / تأليف علياء الأنصاري وعبد السلام المدني .
                          • الكاتب : سحر سامي الجنابي .

تفسير للحياة في عشر نبضات / قراءة في كتاب عشر نبضات / حوارات بين بابل واربيل / تأليف علياء الأنصاري وعبد السلام المدني


تفسير للحياة في عشر نبضات
واحد من أساتذة  قسم علم النفس في جامعة بابل اخبر طلابه عن قلــّة الكتب التي تربط بين علم النفس والقرآن الكريم ..اي استخلاص العلاج النفسي من القرآن الكريم بغير الطريقة الإيحائية من خلال التأثير الروحاني للآيات المقدّسة اثناء التلاوة والترتيل .
عندما سمعت ُ بهذا تذكـّرت ..إنـّه ُ منذ بضع سنين  قرأت كتاب (دع القلق وابدأ الحياة) للمؤلف الأمريكي ديل كارنيجي
وهذا الكتاب من الكتب التي لاتصيب القارئ بالضجر لأنه من الكتب التي تعالج الملل والضجر والقلق فأسلوبه شيّق ومادته ُ غنية مفيدة ....لكن الذي لفت انتباهي آنذاك انَّ عناوين فصول الكتاب والطرق التي يستخدمها في علاج القلق تشبه في معانيها آيات من القرآن الكريم  ..وتعجبـّتْ من افكاره ..فكأنه يفسّر آيات من القرآن ..بالرغم من انه ُ ليس مسلما ً وحتى إنـّه ُلم يشر ْ الى اطلاعه على كتابنا المقدّس الذي جاء معجزة ً لخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله ِ وسلـّم ..فنحن ُ نقرأه ُ ونتلوه دون ان نعي افكاره ونتدبر معانيه وإدراك أهدافه ُ المترامية الأطراف ..
فماتطرق اليه العالم الاجنبي ديل كارنيجي هو ليس جديدا كما يعتقد وهو لم يأت ِ بجديد كما يظن ..إذ إنَّ آيات القرآن الكريم تناولت تلك الطرق والافكار التي اشار اليها للقضاء على داء العصر ( القلق ). فتبادر الى ذهني ان اجري بحثا ً لتوضيح  العلاقة بين آراء هذا الكتاب  وانسجامها مع معاني  آيات قرآنية .
فمثلا عنوان احد فصول الكتاب وهو الفصل الاول ( عشْ في حدود يومك )
تذكـّرتْ قوله ِ تعالى (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً )(23) سورة
 الكهف ..ذكر الكاتب ملاحظة للأديب الانكليزي توماس كارليل .وهي (ليس علينا ان نتطلع الى هدف يلوح لنا باهتا ً على البعد ، وإنـّما علينا أنْ ننجز مابين أيدينا من عمل ٍ واضح ٍ بيـّن ).
   وهذه الكلمات تشير الى هدف يكاد يكون واحدا ً من اهداف الآية  الكريمة أو تفسيرا ً من تفسيراتها .
   ولو انتقلت الى فصل آخر من فصول الكتاب وهو الفصل التاسع
( ارضَ بما ليس منه بـُد )
هناك آيات قرآنية يحاكي هذا المعنى تفسير من تفسيراتها ومنها
( لاتمدَّنَّ عينيك الى مامتعنا به ازواجا ً منهم زهرة الحياة الدنيا ...)
وآيات أخرى كثيرة .....
أمــّا عنوان الفصل الخامس عشر ( هل تستبدل مليون ريال بما تملك )
تحاكي في معناها معنى من معاني الآية الكريمة ( وإنْ تعدّوا نعمة الله لاتحصوها )..الخ .  هذه الافكار اذن هي ليست جديدة علينا بل هي في متناول ايدينا وهذا مااشارت اليه ايضا علياء الانصاري
(مؤلم ان ترى احدهم ، يبيع جنته ُ ليشتري جحيمه بثمن بخس ) في كتابها عشر نبضات
فهذه الافكار التي اكتشفها العالم ديل كارينجي وغيـّر بها حياة آلاف الناس وساعدهم من خلالها في القضاء على القلق والخوف من المجهول
حتى اصبح من اكثر الكتب شهرة في العالم ..ماهي آلا ّ أفكار وضعها القرآن الكريم بين ايدينا قبل اكتشاف علاج القلق من قِبــَل هذا العالم بقرون
ونحن للأسف لم نحاول فهم وتطبيق هذه الآيات  على حياتنا اليومية لنحقق الابداع المنشود ونحقق الإرادة الحقيقية من خلق الله للإنسان .
   لكن للأسف أيضا لم اباشر ْ في تدوين استنتاجاتي وبقيتْ معلـّقة في ذهني كسجين بلاذنب .. إلاّ لأنه يخشى الخروج الى الحياة في زمن التطرّف
 حتى قرأت ْ كتاب ( عشر نبضات ..حوارات بين بابل واربيل ) تأليف علياء الانصاري وعبد السلام المدني .
  فأحسست ْ بأنْ هذا هو ماابحث عنه .. هذا الكتاب ضالـّتي المفقودة
و انا اقرأ الرسائل مابين بابل واربيل أحسست بأني اتغذّى  فتعجـّبتْ  من عصا موسى التي يمكن ان نمتلكها كما اشارت الست علياء .. وكيف يمكن ان نغير بها كثير من الاشياء من خلال تغيير رؤيتنا للحياة ومن خلال القضاء على العصي الوهمية التي كلما استندنا عليها هوينا الى الاسفل واصابنا الاذى والألم ومنها حسب اعتقادي (  الحظ – المال – الجمال الشكلي – الأعوان- الأحلام الزائفة  ).. فماعلينا الا ان ْ نتكأ على (الصدق مع الذات - والايمان - والحب ّبمفهومه العام - العمل المفيد ) .
 رائعة هذه الحوارات التي تتغلغل افكارها في ثنايا الروح النهمة والذهن المتعب فترويهما وتمنحهما السكينة تارة .. وتشحذ حركتهما نحو العمل والابداع والعطاء تارة اخرى .
   مااروعكما (علياء الأنصاري – عبد السلام المدني ) وانتما تطلقان سهامكما الفكرية من اقصى العراق الى ادناه فتصيب شغاف القلوب فتنير اركانها المظلمة بنور الحكمة وتتوغل في النفس لتداويها من امراضها القديمة والجديدة المتراكمة . فهما مثل هذا الرجل الذي جاء من اقصى المدينة يسعى ليخبر قومه بالحقيقة . لم يتكلْ كما فعل الاخرون على إلهه الوهمي الذي استعبده وشل َّ حركته ُ. كالآلهة الدينية والقبلية وغيرها
  ...( لاتعطني سمكة بل علمني كيف اصطاد ) هذا ماورد في النبضة التاسعة الذي عنوانها ( سنبلة ) .. فالحياة لعبة كلعبة الشطرنج لكن الخسارة في لعبة الشطرنج يمكن تعويضها .أمــّا الخسارة في لعبة الحياة فلايمكن تعويضها ابدا ..فعلينا ان ننتهز الفرصة ونصغي للإلهام الذي يجعل العقل يقتنع فتنبعث السكينة في النفس فتنفتح مرشحات العقل والفكر والعاطفة والتأريخ البشري وتجاربه كلها لمعرفة سنن الكون والحياة وبالجمع بين الاثنين المنطق العقلي والعاطفة نحقق السعادة وتقوم النهضة هذا مااستوحاه عبد السلام المدني من أمِّ موسى فوصفها بأنها مدرسة فكرية .
القرآن الكريم يعلـّمنا كيف نوازن بين المنطق والمحيط..كما استطاع سحرة فرعون ان يكتشفوا الفرق بين السحر وبين القدرة اللالهية او الكرامة والمعجزة .. استطاعوا في لحظات ان يوازنوا بين الاثنين فأخلصوا الى نتيجة وهي الايمان بالله رغم الثمن الكبير الذي يعلمون إنـّهم سيدفعونه وبالفعل تم َّصلبهم  على جذوع الاشجار من قبل فرعون
واستطاع يوسف عليه السلام ان يحول السجن الى ساحة عبادة وروضة زاهية بالافكار الربانية العلمية والروحية ..فعلينا ان نحرر انفسنا من السجن الذي يجعلنا لانرى الفضاء الواسع والمكان الرحب الذي نعيش فيه
كالكهف الذي اصبح للفتية المؤمنين جنـّة ومنارا ً ومزارا ً هو كهف ايجابي .. نحتاج الى مثله ِ في حياتنا اليومية نخلد فيه الى انفسنا ..نعيد حساباتنا ..نرتاح من همومنا اليومية واعباء الحياة قليلا كي تترتب أفكارنا..وهذا الكهف لايشبه من قريب او بعيد الكهف المظلم الذي سجن ارواح الناس وهو الكهف السلبي ..الكهف الذي يفر ُّ منه الانسان هاربا ً من مشاكله ِ ،همومه ، التحديات التي تواجهه ، فينزوي في ركن قصي يبتعد فيه عن الناس ، ويعتزل الحياة وصعابها .. هذه من  إلإلتفاتات الذكية للست علياء الأنصاري وهي الاستعانة  بالقيمة القدسية  لرموز القرآن الكريم  كونها اقرب نقطة للوصول الى اعماق النفس البشرية ..الرمز الذي قصد من خلاله الله تعالى تحقيق اهداف جليلة في الارض الى يوم البعث .
 
    فأس ابراهيم احدى الرموز فنحن ُنحتاج انْ نجلي الصدأ عن فأس ابراهيم المرمى في ركن قصي لزاوية معتمة في دهاليز القوى الكامنة في ذواتنا ،فما أحوجنا اليوم الى فأس ابراهيم عليه السلام لنحطـّم اعظم الآلهة المتربعة في محراب وجودنا ، ألا وهو إله الخوف .
 وكما ذكرت ُ .. قد استثمرت ْ علياء الانصاري وعبد السلام المدني رموز من القرآن الكريم  لإستخلاص عقاقير  ومراهم لعلاج النفس البشرية
تقول الست علياء في مقدمة الكتاب (هو كتاب تفسير للحياة ، تفسير يربط الآية القرآنية المباركة بحركة الانسان في الحياة ويرسم له معالم تلك الحركة من خلال المفاهيم القرآنية وشخوصها ).
في نهاية المقال اتمنى ان تصل نسخة من هذا الكتاب الى قسم علم النفس في بابل .. مع خالص الشكر والتقدير .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=62771
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 06 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29