• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قميص يوسف . لماذا حذفت التوراة (عمى) يعقوب؟ الجزء الأول. .
                          • الكاتب : مصطفى الهادي .

قميص يوسف . لماذا حذفت التوراة (عمى) يعقوب؟ الجزء الأول.

قصة يوسف تلك القصة التي لا غنى لأي دين عنها لما في طياتها من معان تربوية تقودنا إلى طريق مختصرة إلى الله تعالى.حيث تنتقل بنا قصة يوسف في عوالم متناقضة لا يربط بعضها ببعض سوى سلوك الانسان المتغير، فالقصة تنتقل بنا من عالم الأسرة الدافئ إلى عالم الرق والعبودية ومن دفئ وحنان الابوة والاخوة إلى عالم الغدر حيث البئر الذي يُمثل وحدة الانسان ووحشته في هذه الحفرة وهي حالة انعكاس لحالة انفراد الانسان في القبر وكيف أن القافلة ـــ عوامل رحمة الله ــ تأت في وقت تُغلق فيه كل ابواب الامل.
ثم الانتقالة من هذه البئر ــ القبر ــ إلى عالم فسيح واسع جميل في قصر الفرعون في اشارة إلى حسن الاعمال والانتقال إلى جنة الله الواسعة وفي هذا العالم الواسع الجميل يضرب لنا الله مثلا بالغدر الذي حصل من قبل إبليس بهذا المخلوق الضعيف القليل التجربة ، فيقع يوسف في جنته هذه فريسة كيد النساء فينتقل من عالمه الجميل الساحر إلى سجنه ـــ الأرض ـــ وما فيها من ضيق المعاش وصعوبة الحصول عليه والتقيد بقيود الطبيعة القاسية حيث غلظة الحراس ـــ العوامل الطبيعية ـــ ثم وبسبب الأحلام ــ عالم البرزخ ـــ ينتقل يوسف إلى عالمه الواسع الجميل ليصبح آمرا لا مأمورا ليعود بسبب صبره وإيمانه إلى احضان الأسرة الدافئ مرة أخرى ولكن عبر سلسلة من المجاعات يبرز فيها يوسف بطلا منقذا تتجسد من خلاله إرادة الله الخالق عبر حسن استغلال يوسف لنعم الله التي اغدقها عليه.
قصة يوسف في التوراة استغرقت اكثر من ثلاثين صفحة في اكثر من اصحاح ابتداء من سفر الخروج إلى سفر يهودية والمزامير وسفر المكابيين الاول وغيرها.ابتداء من ولادته وحتى مماته.
اما الأناجيل الأربعة فقد سكتت كلها عن ذكر قصة يوسف ،ولكن ورد ذكر قصته مختصرا في سفر أعمال الرسل 7: 9 (1) وهي مقتبسة حرفيا من التوراة ولكن الكاتب اوجزها في خمسة سطور.
ومن طريف ما حدث أني ناقشت بعض الاخوة المسيحيين ممن يتصدون للتبليغ هنا في اوربا عن سر اقتباس سفر الأعمال لقصة يوسف من التوراة فكان الجواب : (ان الوحي واحد وان الروح القدس نفسه اوحى إلى كاتب سفر اعمال الرسل بهذه القصة). فقلت له : ولكن عندما قرأت لك طرفا من قصة يوسف في القرآن قلت لي ان محمد اقتبس من التوراة . فلماذا لا تقول أيضا ان سفر الاعمال ايضا اقتبس من التوراة بدلا من القول بأن الوحي هو الذي اوحى لكاتب سفر الاعمال؟ وهذا لا دليل عندك عليه. فلم يجب.
من المميزات التي ميز الله تعالى بها القرآن على الكتب السماوية الأخرى انه يكشف المزيف من الصحيح ويرفع الحيف الذي لحق الانبياء على يد اتباعهم، الله تعالى لا يلغي النصوص الصحيحة التي بقيت في الكتب المقدسة بل يُصحح ما تحرّف منها سهوا او عمدا فيُشير إلى ذلك بقوله : (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه). وهذا ما ذهبت إليه التوراة أيضا في إدانتها لرجال الدين اليهودي واتهامها لهم بتحريف كلام الله : سفر المزامير 56: 5 ((اليوم كله يحرفون كلامي. علي كل أفكارهم بالشر)).
اهتم القرآن بقصص الامم الماضية وامرنا ان نستمد العبر منها ولذلك نرى القرآن حفل بمختلف انواع قصص تلك الامم : نشوءها اسباب زوالها وما حاق بها نتيجة سوء اعمالهم.، ومن بين هذه القصص حكى لنا القرآن طرفا من قصة سيدنا يوسف عليه السلام وعلاقته باخوته ومدى حب أبيه له، فكان رمز هذا الحب هو (القميص) الذي ركزت عليه التوراة والقرآن بشكل واضح والذي اصبح رمزا للخلافة.
هذا القميص على ما يبدو له سر عجيب، التوراة تقول أن القميص قام يعقوب بنسجه من خيوط الكتان بيده حبا منه لولده وقام بتلوينه بصورة زاهية. وهذا القميص لم تمض عليه فترة حتى غمسه اخوة يوسف بالدم ثم بدأت رحلة هذا القميص حسب روايات التوراة إلى ان البسه موسى لأخيه هارون علامة له على انه مساعده ومن يخلفه في قومه من بعده وهو القميص المخرم كما في سفر الخروج 29: 5 (( وتأخذ الثياب وتُلبسُ هارون القميص)). وهونفسه القميص المقدس كما نقرأ في سفر اللاويين 16: 4 (( يلبس ــ هارون ــ قميص كتانٍ مقدسا)).
فهذا القميص أصبح وراثة يتداوله بنو يعقوب حتى الجيل الرابع الذي ظهر فيه موسى ثم البسه إلى أخيه هارون ليخلفه في قومه. ثم انتقل هذه القميص في بني إسرائيل إلى أن ارتداه السيد المسيح ، وهو القميص الذي طُعن فيه كما تروي الرواية إنجيل يوحنا 19: 23 ((وأخذوا القميص أيضا. وكان القميص بغير خياطة، منسوجا كله من فوق)).
انتهى الجزء الأول ويليه الجزء الثاني .
المصادر.
1- هناك حالة من الشك فيمن يكون كاتب سفر أعمال الرسل حيث يعتقد البعض أن يكون الطبيب لوقا هو كاتبه كما تؤمن معظم الكنائس، بينما يرى العديد من الباحثين المعاصرين بأن هذا السفر كُتب من قبل شخص غير معروف في الفترة ما بين 80 م و150 م. وسبب الاعتقاد ان لوقا كاتبه هو ورود إسم (ثاوفيلس) في بدايته وبما أن لوقا كتب انجيله على شكل قصص إلى صديقه ثاوفليس فعلى هذا الاساس تم نسب أعمال الرسل إلى لوقا.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=60830
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 04 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18