• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : (نيسانُ) العِراقي (٤) .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

(نيسانُ) العِراقي (٤)

   الى جانب الكُرد الفيليّين، تعرّضت ثلاث شرائح أخرى لظلمٍ مماثل، وهي؛
   ١/ الأُسر الشيعيّة التي ظلّ النّظام البوليسي يطعن بأصولها ويشكّك بولائِها وانتمائِها، عندما هجّرها قسراً بعد ان استولى على اموالِها المنقولة وغير المنقولة، في عملية سطو (نظاميّة) استندت الى قرارات قرقوشيّة لم يشهد التاريخ مثيلاً لها، واحتجز ابناءها من الشّباب، والذين لم يُعثر على ايّ أثرٍ لهم لحّد الان، حتى بعد مرور (١٢) عام على سقوط الصنم في التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣!.
   ٢/ أُسر المجاهدين الذين اعتقلهم ازلام الطاغية وأودعهم السجون والمعتقلات، ليسفّروا عوائلهم قسراً، ليتبيّن لها، فيما بعد، انّ ابناءها قد استشهدوا صبراً تحت التّعذيب، فيما عُدّ الكثير منهم مفقودي الأثر لحدّ الان وفيهم كبار العلماء والفقهاء من امثال اية الله السيد صادق القزويني الذي جاوز الثمانين عاماً عندما اعتقله ازلام الطاغية، ولم تعثر أسرته على اي أثرٍ له لحد الان.
   ٣/ امّا الشريحة الثالثة فهم المجاهدون من ابناء الحركة الاسلامية، من الذين اضطرتهم الظروف القاسية الى الهجرة الى خارج العراق، إثر آخر اعتقال تعرّض له الشهيد الصدر الاول (٤ نيسان ١٩٨٠) وشنِّ النظام لحملة اعتقالات واسعة جداً شملت مئات الالاف من ابناء الحركة الاسلامية المجاهدة، وفيهم، كذلك، عدد كبير من العلماء والفقهاء، وفيهم من ناهز التّسعين من عمُرهِ كآية الله الشهيد السيد قاسم شبر، وطلبة العلوم الدينية ومختلف الاختصاصات العلمية والطلبة والموظفين، ولم تستثنِ حملة الاعتقالات الشعواء هذه المرأة المجاهدة اذ اعتقل ازلام النظام الالاف المؤلفة منهنّ، تعرّضن في سجون الطاغية لشتى صنوف التّعذيب قبل ان يتم تصفيتهن إمّا تحت التعذيب القاسي او بالإعدام، كالشهيدة البطلة سلوى البحراني!.
   كما شمِلت حملات الاعتقال الظّالمة أُسر بكاملها، كما هو الحال بالنسبة الى الشهيد المجاهد البطل سالم جليل النجار، الذي اعتقلهُ ازلام الطّاغية الذليل مع زوجته وطفله الوحيد (فراس) الذي لم تتجاوز اعوام عمُرهِ عدد أصابع اليد الواحدة! ليعدمهم النظام فيما بعد! من دون ان تعثر أسرته على اي أثرٍ لهم كذلك.   
   كا ارتكب النظام الشمولي البائد بحق كل هؤلاء جريمة إسقاط الجنسية العراقية، وكأنّه هو الذي منحهم الجنسية ليقرر انتزاعها منهم وقت يشاء، ليسحق بمثل هذا القرار الجائر ابسط حقوق الانسان، خاصّة وان جلّ من أُسقطت جنسيّتهُ كان قد قضى افضل سني عمره يخدم في القوات المسلحة العراقية، وفيهم من خاض عددٍ من الحروب المقدّسة في فلسطين، على الرغم من المشاركة المتواضعة للعراق في تلك الحروب والتي ارادها النظام الشمولي البائد والانظمة السياسية التي سبقته في السلطة مشاركات اعلاميّة للدعاية واستعراضية للمتاجرة بالقضية الفلسطينية المقدسة آنئذ!.
   لقد خسر العراق بسبب هذه الجرائم بنيتهُ التحتيّة الحقيقيّة، فالاوطان يبنيها البشر، والدول تشيدها العقول، والتّنمية والبناء يقيمه العلماء والأخصائيّين، والمجتمع يرشّده المفكرون والمثقفون، وكلّ هؤلاء خسرهم العراق عندما طردهم النظام البوليسي الى خارج البلاد او غيّبهم في دهاليز السّجون والمعتقلات او غيّبهم تحت الارض!.
   ان مختلف دول العالم تمتلئ اليوم بالاف الكفاءات والخبرات واصحاب الشهادات العالية، وجلهم ممن غادروا العراق في تلك الحقبة التاريخية السوداء التي شهدتها بلاد الرافدين.
   ان الدول المتحضّرة تتنازع على احقيّة الاحتفاظ بمولودٍ اذا وُلد على متن طائرة في اجواء دولتين متجاورتين، كلٌّ تدّعي ان المولود من حصتها، وانها احقُّ به من جارتها، امّا العراق، في ظل النظام القومجي العروبي العنصري والطائفي، فكان يتخلص من شعبه زرافات زرافات، فأي تخلّف هذا الذي يعشعش في ذهنية هذا النوع من الفكر والثقافة؟!.
   ان ّقراءة بسيطة لخلفيّات الشُّهداء والسُّجناء والمغيَّبين والمسفَّرين والمهاجرين في ذلك (النيسان العراقي) المشؤوم، فسيكتشف ايّ منصفٍ انّ دوافع النظام الشمولي في ارتكاب تلك الجرائم والمجازر كانت عنصرية وطائفية بامتياز، لان طبيعة الفكر العروبي القومجي عنصرية وطائفية بلا منازع! فطبيعة الجريمة من سنخ طبيعة الفكر والثقافة بلا شكّ، أليس كذلك؟!.
   يتبع
   ٧ نيسان ٢٠١٥
                     للتواصل:
E-mail: nhaidar@hotmail. com



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=60309
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 04 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29