• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : (نيسانُ) العِراقي (٣) .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

(نيسانُ) العِراقي (٣)

   وفي نيسان عام ١٩٨٠ تعرّض العراق لواحدة من أخطر جرائم التطهير العرقي والطائفي في آن واحد، والتي يصنّفها القانون الدولي حسب تعريفاته وتوصيفاته العالمية، بالجريمة ضد الانسانية، الا وهي جريمة التهجير الجماعية القسريّة ضد الكرد الفيليين، والتي صحبتها ثلاث جرائم اخرى في نفس الوقت، الا وهي؛
   ١/ جريمة إسقاط الجنسية.
   ٢/ جريمة مصادرة اموالهم المنقولة وغير المنقولة.
   ٣/ جريمة احتجاز شباب الأسر والعوائل المهجّرة.
   لقد ارتكب الفكر القومجي العنصري الشوفيني هذه الجريمة البشعة بدوافع طائفيّة وعنصريّة في آنٍ واحد، فالكرد الفيليّون تعرّضوا للظلم والقهر بسبب انتماءين، الاول هو اثني، عنصري، والثاني هو مذهبي، طائفي.
   فلقد كانوا يتعرّضون للظلم بسبب العنصرية عندما يتعرض كرد العراق لعدوانٍ ما من قبل النظام الشمولي العنصري البائد، كما انهم كانوا يتعرّضون للظلم بدوافع طائفية كلما تعرّض شيعة العراق لظلمٍ من نوعٍ ما من قبل نظام الطاغية الذليل صدام حسين.
   ان الظّلم الذي تعرّض له الكرد الفيليون يمثّل صورة الظّلم متعدّد الاوجه والدوافع الذي ظل يتعرض له العراقيون على مدى نيف وثلاثين عاما عجاف.
   فضلاً عن ذلك، فانهم اشتركوا مع بقية العراقيين في التعرّض للظّلم بسبب معارضتهم الشّرسة للنظام الديكتاتوري البوليسي وانتماءاتهم السياسيّة وخلفيّاتهم الفكرية والثقافية، بالاضافة الى ولاءاتهم المعروفة للدين ومؤسسته الرئيسية واقصد بها المرجعية الدينية،
   وبكلمة، فانهم تعرّضوا لظلم تراكم لدوافع عدة، فكان الثمن الذي دفعوه باهضاً جداً، وللاسف الشديد!.
   وليس بالإمكان المرور على ظاهرة التهجير القسري التي تعرّض لها الكرد الفيليون بهذه العُجالة، فانّ مجرّد نقل صور الظاهرة وطرق تنفيذها على يد ازلام النظام العنصري والطائفي البائد بحاجة الى مجلّدات ومجلّدات، كما انّ ملايين الافلام والمسلسلات والافلام الوثائقية لا تكفي لتغطيتها ابداً.
   لقد كان النظام الشمولي البائد قد خطط لتحقيق الأهداف الدنيئة التالية بجريمة التهجير القسري، منها؛
   اولاً؛ اجراء تغيير ديموغرافي واسع، يغيّر الوجه الحقيقي للمجتمع العراقي على الصعيدين الاثني والمذهبي.
   ثانياً؛ لقد خسر العراق بهذه الجريمة الكثير جداً من طاقاته وكفاءاته وخبراته، فمن المعروف ان للكرد الفيلية دور مهم وبارز في العراق وعلى مختلف الاصعدة.
   كما انّ فيهم العلماء والمهندسين والأطباء والأخصّائييّن والقادة السياسيّين والمفكّرين والكتّاب المرموقين والاعلاميين البارزين والتجّار الكبار الذين لهم دور مهم في تكريس عملية التكافل الاجتماعي في العراق، ودعم المؤسسة الدينية وجلّ الاحزاب السياسية بمختلف التوجّهات.
   ثالثا؛ كما دمّر النظام الشمولي، بهذه الجريمة، الاقتصاد العراقي، لما يتمتع به الكرد الفيلية من مكانة اقتصادية مهمة في العراق.
   لقد شرعن النظام بهذه الجريمة للّصوصيّة والسرقة، عندما طرد ملايين المواطنين من ارض آبائهم وأجدادهم ليستولي على احجام غير متناهية من الأموال والأملاك!.
   اما جريمة إسقاط الجنسية، فهذه واحدة من اخطر الجرائم التي ارتكبها الطاغية الذليل ضد العراقيين عندما يسلب المواطنة والانتماء الوطني من احدهم، فما بالك من شريحة اجتماعية كاملة، وهم الكرد الفيلية؟.
   ليس من حقّ أحدٍ ان يسلبَ هذا الحق من أحدٍ ابداً، خاصة اذا كان الحاكم مشكوك في اصله وفصله؟ مثل الطاغية الذليل صدام حسين الذي لم يُعرف له عرقٌ سليم وصحيح في العراق؟!.
   انّ سلب المواطنة تارة وإجبار المواطن على تغيير قوميته بالعنف والاكراه تارة اخرى، وإجباره الى الانتماء الحزبي تارة ثالثة، ان سياسة الجبر والاكراه والفرض بالقوة لتحديد ما لا يمتلك حتى المواطن الخيار في تحديده، يُعتبر احد اخطر السياسات التي ظلّ ينتهجها الفكر العروبي والقومي الشوفيني على مدى نيف وثلاثين عاما، ما ساهم في تحطيم المجتمع من الداخل.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=60257
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 04 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19