• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ضياع المثقف .
                          • الكاتب : حاتم عباس بصيلة .

ضياع المثقف

 قد يستغرب البعض من هذا العنوان على اعتبار ان المثقف لا ينبغي ان يكون ضائعا فهو النموذج الحقيقي للآخرين ولكن واقع الحال يختلف وقد يكون الاختلاف نسبيا بحسب الظروف والحالات اما لماذا يضيع المثقف ؟ فان تقديرنا يكمن في ان الثقافة تحتاج الى الشجعان في مجابهة الواقع المتعدد الاشكال وليس كل مثقف شجاعا في قول الحقيقة او وصف الظاهرة بدقة امام الآخرين بل هناك من يخاف ان يبدي رأيه!! امام الحاضرين فكيف اذا تطلب الأمر ان يجابه الظلم والظالمين ؟ ويكمن ضياع المثقف حين يكون مفلس الجيب فلا فكر ولا ثقافة دون ان يكون المثقف متحررا من الناحية المادية لذلك نشأ مفهوم الثقافة (ماتوكل خبز) ونشأ معها احتقار الثقافة والمثقفين حتى على الصعيد الاجتماعي مما جعل الامر منعكسا في التقاليد الفلكلورية من خلال الحكايات والطرائف والنوادر المختلفة للشعوب والمجتمعات .وقد بلغ الامر بالامس القريب ان يلام المثقف ان حمل كتابا بيده امام الآخرين بل قامت احدى النساء بحرق كتب شاعر من الشعراء وفي لحظتها خابرني في صوت متهدج ضئيل !!.
وقد يلعب الاتجاه العام للعصر والثقافة العصرية بحسب التيارات التي تقود المجتمع دورا في تقدير الثقافة والمثقفين ففي العصر العباسي وصل الترف الى مداه مما جعل الثقافة جمالا وغاية و جزءا عظيما من تكوين الشخصية في العصر المذكور اما المثقف ايام الدولة العثمانية التي سميت بالرجل المريض فانه ضائع حقا دون تقدير فضلا عن محاربته في رزقه وعياله وبالتالي ضاع المثقف في ذلك العصر !!
اما المثقف بصورة عامة في عصرنا الجديد فان التناقض من اعظم الصفات التي يتصف فيها فهو مصلح اجنماعي امام الآخرين ودجال حقيقي في السر والخفاء !!وهو متملق لذوي الجاه والسلطان بحسب مصالحه الخاصة فاذا واجه مثقفا جريئا في قول الحقيقة لامه وعنفه حفاظا على تلك الصورة التي زين بها من يحفظ له مصالحه ويديمه ذخرا للدجالين !!
وقد يحتقر المثقف مثقفا آخر وقع في بلية ظنا منه انه انتهى الى الابد !! حتى اذا تجاوزها رجع الاحترام ودام السلام على اكمل وجه ومع هذا كله فان اسوأ ضياع للمثقف يكمن في افتقاره للمنهج الفلسفي الخاص به وذلك اسوأ ضياع في الثقافة




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=59257
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 03 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18