• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : حَشْدُ الغيَرةِ .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

حَشْدُ الغيَرةِ

   [فَمَنْ ما عِنْدَهُ غيرَة لا يَحْتاجه].
   القريبون من جبهاتِ القتال ِضدّ الارهاب، بشكل او بآخر، يعتبرونَ وجود الحشد الشعبي جنباً الى جنب القوات المسلحة الباسلة، سِرُّ النصر، فلولاهم لمّا تحقّق شيء. 
   اما البعيدون بشكل او بآخر، فلا يقبلون لا بالحشد ولا بغيره، لانهم منزعجون جداً من أنباء الانتصارات العظيمة التي يحققها العراقيون على الارهاب.
   طبعا، لا يبدو الانزعاج على قسماتِ وجوههم وفي أقلامهم المسمومة، الطائفية او المهزومة او المتخاذلة لا فرق، وانما يبدو ذلك واضحاً من خلال تفرّغهم للطّعن بالحشد الشعبي فقط لا غير.
   وهم لا يقدّمون بديلاً في الحرب على الارهاب، وكأنّهم يريدون اقناعنا بانّ هذه الهجمة البربرية الشّرسة التي يتعرض لها العراق، يمكن مواجهتها بالشّعارات والتّنظيرات فحسب. ولذلك فعندما تمدّد الارهابيّون سكتوا، الا انّ صُراخهم وعويلهم وولولتهم ملأت الفضاء لحظة ان هبّ فيها العراقيون يلبّون نداء المرجعية الدينية العليا عندما أفتَتْ بالجهاد الكفائي واللّتي لولاها لانهار كل شيء.
   حتّى المعترِضون، كان الارهابيّون اليوم يعبَثون بأعراضِهم ونواميسِهم وشرفِهم! لولا فتوى المرجعيّة والحشد الشعبي، ولكنّهم لا يشعرون.
   هذا يعني، انّ مٓنْ له عِرْضاً في العراق يرى في الحشد الشعبي نصراً، اما الذين لا عِرْضَ لهم فلا يَرَوْن فيه شيئاً يذكر، فالحشدُ غيرَُة العراقيين، فكيف ننتظر من لا غيرَةَ له ان يتحسّس أهميته؟!.
   انّ كلّ شعوب العالم، عندما تتعرّض لهجمةٍ بربريّةٍ، ومن اي نوع كانت، تهبُّ هبّةَ رجلٍ واحدٍ للدفاع عن نفسِها وأرضِها وشرفِها وعِرضِها، فهي في مثل هذه الحالات لا تبحث عن (قنواتٍ رسميّة) مثلا للانخراط في الدفاع عن بلادها، وانما يلتحق الجميع بجبهات القتال بِما يمتلكُ من سلاحٍ يُدافع به عن بلدهِ، حتى اذا كان مديةً او حذاءاً او ايّ شيء اخر، وذلك على قاعدة (النَّفِير العام).
   اما العراق وهو يتعرض الى مأساةٍ حقيقيّةٍ، بغضّ النظر عن الأسباب والمسبّب، فهؤلاء يريدونه ان يشذّ عن هذه القاعدة، لماذا؟ لانّه يتعرّض لهجمةٍ طائفيّةٍ مقيتةٍ، ينفّذُها مهزومون او مصلحّيون يدفع لهم الطائفيون، والدليلُ على ذلك؛
   هؤلاء انفسهم لم ينبسوا ببنتِ شَفةٍ عندما هبَّ المسيحيّون والايزيديون والشّبك وغيرهم، وخيراً فعلوا، للدفاع عن انفسهم عندما تعرّضت مناطقهم الى غزو الارهاب البربري، فلم يقولوا عنهم بانهم يشكّلون ميليشيات مثلاً.
   وهؤلاء انفسهم لم يعترضوا ابداً عندما جابت وفود العشائر (السُّنّيّة) عواصم الغرب بحثاً عن سلاحً تدافع به عن نفسها، ومنها من جاء الى هنا، واشنطن، فلم يصفهم احدٌ بالخارجين عن القانون مثلاً او انّهم يسعَون الى تشكيل ميليشيا!.
   وهم انفسهم لم نسمع لهم حسيساً عندما تشكّلت أفواج ابناء العشائر السُّنيةّ في مناطق القتال الحاليّة لتقاتل جنباً الى جنبٍ مع القوات المسلّحة والحشدِ الشّعبي.
   وهؤلاء انفسَهم سيتحوّلون قريباً الى أبواقٍ لهذا النظام او ذلك يدعون الشعب للانخراطِ في جبهات القتال، من دون انتظار القنوات الرّسمية والقانونية، اذا ما تعرضّت الرّياض مثلاً او عمّان الى غزوٍ ارهابي بربري! فعندها سيغيب المشهد الميليشياوي عن الأنظار!.
   والان...
   الا يعني ذلك انّ كلّ من ينعق ضد الحشد الشعبي هو طائفي وان لم يعلن عن ذلك؟.
   ثم متى كان الدفاع عن الارض والعِرض يُصنّف دينياً او مذهبياً او أثنياً او مناطقياً او اي شيء اخر من هذه المسمّيات والتقسيمات؟.
   متى كان يخضع العِرض والشّرف والناموس لمقاسات طائفية مثلاً او ما أشبه؟.
   متى كان الدفاعُ عن الشّرف يستأذنُ أحداً؟ او ينتظرُ قانوناً؟ او قنوات دستوريّةً؟ الا اذا فقد هؤلاء كلّ هذه المعاني؟ وهم كذلك على ما يبدو!.
   لو كان لهؤلاء ذرّة شرف وغيرة وناموس، لقبّلوا ترابَ اقدامِ المقاتل في جبهات القتال الذي ضحى مليون مرة قبل انْ يستشهدَ احدهم او يعود منتصراً.
   واقولُ بصراحةٍ وبالفم المليان؛ 
   لو عاد الزمنُ بهؤلاء الى مرحلةِ الجهادِ عام (١٩١٤) لنعتوا سرايا الجهاد التي قادها العلماء الاعلام من امثال الحبّوبي والخالصي وغيرهم بالميليشيا! لانّهم انخرطوا في صفوف القتال ضد الاحتلال البريطاني تلبيةً لفتوى الجهاد بلا قنواتٍ رسميّةٍ او قانونيّةٍ او دستوريّة!.
   أيّها الطّائفيّون؛ لكم ان تنتظروا لحين ان تتشكل القنوات الرّسمية التي ستقنّن لكم طرقَ الانخراطِ في جبهات الحرب، وقتها ستجدون كلّ شيء قد انتهى، فلم يبق أمامَكم الا الانخراط في صفوف الارهابيين المهزومين. 
   وقتها؛ إبحثوا عن اعراضِكم بين ركام الضحايا! والتي ستبصق في وجوهِكم لأنّكم تأخّرتم في الحضور بحجج سخيفةٍ جداً جداً، نفسُكم الامّارة اوّل من ترفضها!.
   اما العراقيّون الشرفاء، فلن ينتظروا شيئاً ابداً، فبعدَ فتوى الجهاد ونداء الوطن لا يحتاجون الى شَيْءٍ للدفاعِ عن اعراضِكم ابداً ابداً!.
   ١٦ آذار ٢٠١٥
                      للتواصل:
E-mail: nhaidar@hotmail. com



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=59242
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 03 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28