• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : البعدان الوطني والمؤسسي في فتوى السید السيستاني .
                          • الكاتب : مصطفى الكاظمي .

البعدان الوطني والمؤسسي في فتوى السید السيستاني

لقد شكّلت اللّحظة الّتي أطلق فيها المرجع الشيعيّ الأعلى السید علي السيستاني فتواه في "الجهاد الكفائيّ" في 13 /6/2014، انعطافة كبيرة في الحرب على تنظيم "داعش"، الّذي كان قد اندفع باتّجاه صلاح الدين والأنبار وديالى وكركوك بعد احتلاله الموصل في 9/6/2014.

بإختصار، طباعة دور السيد السيستاني في حماية العراق من خطر "داعش" يجب ان يتم استكماله من قبل الدولة العراقية، فالسيستاني لايريد ان يتدخل في تفاصيل القرارات السياسية في العراق، كما انه وضع حدوداً بينه وبين التفصيلات السياسية، واكتفى بالتأكيد على ضرورة بناء دولة مدنية قوية وعادلة، يشعر الجميع فيها بالمساواة والفرص المتكافئة في الحياة، وترجمة هذا الامر يجب ان يكون على يد القوى السياسية العراقي التي عليها ترجمة هذه المفاهيم الى اليات عمل وقوانين.

واستجابة إلى الفتوى، لبى مئات الآلاف من الشباب، لا سيّما في المناطق الشيعيّة، نداء الواجب، لتعلن الحكومة العراقيّة على أثرها تشكيل قوّة باسم "الحشد الشعبيّ" من المتطوّعين، في 15/6/2014

ومنذ ذلك الحين، نجح "الحشد الشعبيّ" الّذي انضمّت إليه فصائل شيعيّة مسلّحة في تحرير مناطق عدّة كانت تحت سيطرة "داعش" في جنوب بغداد وديالى وصلاح الدين. وهنا تحديداً، ينبغي الوقوف عند حقائق تتعلّق بالعلاقة بين مرجعيّة النّجف التّي يتصدّرها السيّد السيستاني و"الحشد الشعبيّ"

فالسيستاني لم يتعامل مع "الحشد الشعبيّ" بوصفه نتاج المرجعيّة أو تابعاً لها، بل هو حال وطنيّة استدعتها شروط قتال تنظيم إجراميّ بواسطة تحشيد شعبيّ عراقيّ.

كما أنّ السيستاني لم يتطرّق سواء أكان في فتواه أم في كلّ خطبه وتوصياته، إلى حصر "الحشد الشعبيّ" بشيعة العراق، بل أصرّ منذ اللّحظة الأولى لإطلاق فتوى الجهاد الكفائيّ، على توصيف "الحشد الشعبيّ" كقوّة وطنيّة تشارك فيها كلّ مكوّنات المجتمع، وهو بذلك نقل الفتوى من كونها فتوى طائفة إلى أفق وطنيّ أوسع شمل كلّ الطوائف.

ويمكن الإشارة إلى تأكيد الفتوى نفسها أنّ "الحشد الشعبيّ" ليس قوّة ترتبط بأيّ طرف أو جهة ولا حتّى به شخصيّاً، وأنّ ارتباطها الوحيد هو الدولة العراقيّة، والتطوّع للقتال يتمّ عبر الدولة العراقيّة وليس خارجها. كما أنّ إدارة الحشد تتمّ من خلال مؤسّسات الدولة الأمنيّة. كان الشيعة اكثر من استجاب لهذه القتوى كون السيستاني زعيم شيعي بالنهاية، وكذلك اسباب النقاش حصول افعال انتقامية من بعض عناصر الحشد الشعبي في بعض مناطق ديالي، كون الانتقام جاء من سكان ديالى الشيعة ضد جيرانهم السنة الذي عاشو سويا لسنوات في حي واحد ومجرد ما احتل داعش هذه المناطق انضم بعض السنة لداعش و صادروا ممتلكات جيرانهم الشيعة السابقيين. وتم تحرير كثير من المناطق السنية بواسطة المتطوعين الشيعة، وساهم الكثير من السنة في صلاح الدين فس الالتحاق بالحشد الشعبي و اشهرهذه العشائر، عشيرة الجبور السنية.

وهذه الإشارة كفيلة بتفسير المسافة الطبيعيّة الّتي وضعها السيّد السيستاني بينه وبين "الحشد الشعبيّ"، تماماً كالمسافة الّتي وضعها بينه وبين الممارسات السياسيّة، وإنّ دوره بإطلاق الفتوى كان الحثّ على دعم الدولة للمتطوّعين ورعايتهم، فضلا عن حثّهم على إلتزام ضوابط الوحدة الوطنيّة والتّسامح وقوانين ساحة المعركة.

وفي هذا الشأن، كان السيستاني في اللّحظة الّتي يشدّ فيها أزر عناصر "الحشد الشعبيّ" ويثمّن تضحياتهم، يقف بقوّة ضدّ أيّ ممارسات سلبيّة أو تجاوزات تنطلق من قوّات هذا الحشد ضدّ المناطق الّتي يتم تحريرها من "داعش". وكان السيستاني قد أصدر في 13/2/2015 توصيات حملت قوّة فتوى "الجهاد الكفائيّ"، بل هي بحسب رجال دين في النّجف، جاءت جزءاً من الفتوى وتوصيفاً حقيقيّاً لها، في تأكيدها ضرورة حماية أرواح الأبرياء وممتلكاتهم.

إنّ مفهوم "الجهاد الكفائيّ"، الّذي أطلقه السيستاني ليس مفتوحاً، بل إنّ جوهر الفتوى وتصنيفها، يضعان سقفاً طبيعيّاً لنهايتها، فالفتوى مرتبطة بدفع خطر "داعش"، وإنّ انتهاء هذا الخطر يعني انقضاء الفتوى أيضاً.

وهنا يكون على الدولة العراقيّة معالجة مرحلة ما بعد نهاية صلاحيّة فتوى السيستاني، وهي بالفعل تتّجه إلى ذلك عبر قانون "الحرس الوطنيّ"، الّذي يفترض أن يستوعب المقاتلين المتطوّعين ضمن آليّات واضحة للمراحل المقبلة.

الحشد الشعبي هو استجابة لفتوى السيستاني تنتهي حاجة اليها وحاجة المتطوعين حال انتهاء المعارك، والحرس الوطني قوة عسكرية تسليحه اكثر من تسليح الشرطة واقل من الجيش العراقي، و لا تنتهي لحاجة اليها بانتهاء الاخطار كونهم جزء من موسسات الدولة وتقوم بواجباتها حسب حاجة الدولة لهم، وهم ليس متطوعون وانما جنود يعملون بالدولة.

وإنّ حماية السلم الاجتماعيّ في العراق، هو هدف أساسيّ للمرجعيّة الدينيّة في النّجف، الّتي لم تتحدّث في أيّ مرحلة عن حماية مكوّن على حساب آخر، وتعاملت مع العراقيّين كشعب موحّد خارج المعايير الطائفيّة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=59046
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 03 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18