• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الحجة المنتظر منة الله على البشر... .
                          • الكاتب : شاكر نوري الربيعي .

الحجة المنتظر منة الله على البشر...

نكمل مابدأناه في حلقتنا السابقة عن الإمام المهدي عليه السلام

والآن نضع هذين التساؤلين أمام أنظار الجميع ,ثم نحاول الإجابة عنها بماوفقنا له ,وحسب ماإستطعنا لذلك سبيلا ,والإنسان مهما كان لايتجاوز حدود فهمه وكذلك حدود ماوفقه الله سبحانه لذلك.

والتساؤل الأول الذي يفرض نفسه هو من هم المستضعفين ؟وهل أشار القرآن الكريم إليهم ضمن آياته الكريمة ,وكتابه الذي لم يغادر صغيرة ولاكبيرة إلا أحصاها؟

فنقول إن القرآن الكريم يصنف المستضعفين الى ثلاثة أقسام:

1-القسم الاول:ماذكره القرآن الكريم في سورة  النساءفقال جلت قدرته (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا) سورة نساء: الآية 98.

 والمستضعفون هنا هم الضعفاء، كالعجزة والقاصرين ، وهؤلاء  يمثلون قدسية الحياة في أضعف مظاهرها وقد أمر الله تبارك وتعالى بالدفاع عنهم كما أمر  بالدفاع عن المقدسات.

2- القسم الثاني من المستضعفين ماتذكره الآية المباركة في سورة النساء(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا)النساء: 97,والمستضعفون هنا أقوياء يملكون طاقات جبارة  عالية، ومواهب قادرة على وضعهم مع  العباقرة والعظماء، غير إنهم أهملوا أنفسهم وقنعوا بما هو تافه وحقير، فإتخذهم الأقوياء والجبابرة قاعدة يشيدون عليها مجد طغيانهم.وهؤلاء ظالمون ولكن لأنفسهم كما يصنفهم القرآن الكريم,والتساؤل الذي يضعه الله في هذه الآية المباركة مستغرباً وموبخا ًألم تكن بلاد الله واسعة فتهاجروا إليها ولكنهم رضوا بأن يدفعوا ضريبة الذل على أن يخوضوا الحياة بشجاعة.

3-القسم الثالث من المستضعفين الذي يذكره القرآن الكريم هم المستضعفون الأقوياء الذين يملكون طاقات كفاحية مخيفة ترعب أعداء الله والطغاة والجبابرة، فتناصرت عليهم قوى الظلام والطغيان ، فأصبحوا مقهورين، كالأنبياء، والعظماء، والقرآن منهم  موقفاً إيجابياً ويبشرهم بالفوز في نهاية المطاف ,ومثل هؤلاء قد إدخروا جزءاً كبيراً  من إمكاناتهم وطوروها  ولابد لمثل هؤلاء أن يفوز  حينما تتوفر له الشروط ، فالله يقول عن هؤلاء في محكم كتابه الكريم: (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) سورة القصص: الآية 5.

 

 

والتساؤل الآخر الذي نجيب عليه في هذه الحلقة هو بمن يمن الله على مستضعفي الأرض؟

فنقول إنه قد ورد في تفسير نور الثقلين هذا الحديث عن علي عليه السلام بعد قراءة

الآية المباركة قال:

هم آل محمد ,يبعث الله مهديهم بعد جهدهم ,فيعزهم ويذل عدوهم.

وفي حديث آخر في كتاب معاني الأخبار,وبإسناده الى محمد بن سنان عن  المفضل بن عمر

أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نظر الى علي والحسن والحسين  عليهم السلام فبكى

وقال :أنتم المستضعفون بعدي

قال المفضل:فقلت له:مامعنى ذلك يابن رسول الله؟

قال معناه انكم الائمة بعدي ,إن الله عزوجل يقول) وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)

إذن, سيمن الله على مستضعفي الأرض بالإمام الحجة بن الحسن  عليه السلام,فهو البقية الباقية من آل علي والحسن والحسين عليهم السلام والذي سنذكر مايثبت ذلك من آيات قرانية واحاديث شريفة ضمن هذه السلسلة من المقالات تبعا ان شاء الله كل بحسب الحاجة اليه مما لايدع شكا بعد ذلك .

بقي تساؤل آخر نعرضه ونعرض الإجابة عليه

وهو لماذا يمن الله على مستضعفي الأرض كلهم بظهور الحجة ؟

فالجواب : هو أنه عجل الله تعالى فرجه الشريف ,يحقق النتيجة التي أرادها الله تعالى من وراء بعثة الأنبياء و المرسلين كلهم منذ أن خلق آدم عليه السلام حتى خاتم الأنبياء و المرسلين محمد صلوات الله عليهم  أجمعين, ومن الطبيعي  أن تقرن النتيجة العظيمة بالمن العظيم كما قرنت ببعثة الهادي البشير.

و الملاحظ إن صيغة الماضي هي الصيغة التي وردت بها مواضع المنة حين ذكرها الله في المواضع التي وردت وهي(وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ 000, وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى..., لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ

لكن حين ورد ذكرها في آية القصص(وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ) القصص : 5-6 ,جاءت الصيغة بصيغة المضارع المستمر,مشيرة الى المستقبل ,وكانت شاملة لكل أهل الأرض, وقد لا تكون هناك أية مشابهة لهاتين الآيتين من حيث وجود الأفعال الستة الواردة فيها بصيغة المستقبل ( ونريد 0000 ان نمن 000 ونجعلهم أئمة 0000 ونجعلهم الوارثين 00 ونمكن لهم 00 ونري ),وما هذا التكرار في إستعمال صيغة المستقبل, إلا للتأكيد على إن الأمر سيقع في المستقبل الآتي, وليس في الماضي ,ولا في حاضر يومنا الذي نعيشه, بل إنه سيصدر في الآتي من الزمان, و في مستقبل الأيام

 بقي أن نقول في ختام حلقتنا هذه ,والتي نمضيها في رحاب الإمام المهدي عليه السلام ,والتي ستعقبها حلقات أخرى إن شاء الله رب العالمين ,إننا نحن أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام, نعتقد جازمين بوجوده عجل الله تعالى فرجه ,وإنه يرانا ولا نراه ويرى أعمالنا وهو تفسير قوله تعالى (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) التوبة:105,ويعرفنا ولانعرفه عرف الله بيننا وبينه, ,وإنه مؤيد بروح القدس ,وبينه وبين الله عمود من نور ,يرى فيه أعمال العباد وكل ما يحتاجوا اليه

ويرى ما وراء ذلك من فكر ومن نوايا ,ولما كانت نوايانا و أفكارنا في كل ساعة ,بل في كل لحظة ,فلنعاهد الله ولنبدأ بإصلاح نفوسنا ,وإتخاذ الطرق للوصول الى هدفنا الحقيقي ,ونتشرف بلقياه المبارك ,فهو مُنتظِرٌ لنا ,وليس نحن منتظرون له, فلنطهر نفوسنا و أرواحنا للقياه ,و للنزه عيوننا الخطاءة عن إرتكاب المعاصي و الآثام, و لنجعل آذاننا لا تسمع إلا صوت الحق ,بعيداً عن المعاصي و الرذيلة ولنقبل أياديه ,ولكن بعد أن نطهر شفاهنا من درن الخطايا ,عندها سيستقبلنا فإنه لا ينظر الى أبداننا, ولكن الى قلوبنا و أرواحنا, بعد تطهيرها من ذنوبها ومعاصيها .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=58249
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 02 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18