• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح261 سورة الفرقان الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح261 سورة الفرقان الشريفة


بسم الله الرحمن الرحيم

بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً{11}
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقاتها (  بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ ) , اقتصرت انظارهم وافكارهم على الدنيا وزخرفها , فذهبت بهم المذاهب الى ان الكرامة والعزة في المال والانساب ... الخ , فكذبوا بيوم القيامة , (  وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً ) , واغفلوا ان الله تعالى اعد نارا شديدة الاسعار لمن كذب بيوم القيامة .   

إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً{12}
تنقل الآية الكريمة صورة عن القيامة (  إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ) , قبل ان يدخلوها او انهم شارفوا على دخولها , فلا زالت بعيدة عنهم , مع ذلك البعد (  سَمِعُوا لَهَا ) , بالرغم من بعد المسافة سيسمعون لها :  
1-    (  تَغَيُّظاً ) : كالصوت الذي يصدر من الغاضب , او كالأصوات الصادرة من البراكين .
2-    (  وَزَفِيراً ) : صوت اشد من التغيظ .  

وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً{13}
تنتقل الآية الكريمة لتنقل صورة اخرى ليوم القيامة , وهذه المرة (  وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا ) , دخول النار , (  مَكَاناً ضَيِّقاً ) , لها عده محاور منها :  
1-    اما ان تكون ضيقة لمزيد من العذاب .
2-    او تكون ضيقة لكثرة روادها .
(  مُقَرَّنِينَ ) , مقيدين كل مع من شاكله بالجرم , الزناة مع بعضهم البعض , وشاربي الخمر مقيدين مع بعضهم البعض وهكذا , (  دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً ) , لا يملكون عندها سوى الدعاء على انفسهم بالهلاك , الموت الحقيقي , فلا يبقى لهم اثر , يدعون ان يكونوا عدما , كل ذلك من شدة ما يرونه من العذاب .  

لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً{14}
يأتيهم الرد الحازم في الآية الكريمة على لسان ملائكة العذاب (  لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً ) , لا تدعو بدعاء واحد , (  وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً ) , بل ادعوا بكثير من ادعية الثبور , والسبب ان عذابكم صنوفا واشكالا كثيرة , الآية الكريمة في جملتها تسخر منهم ومن دعواتهم على انفسهم .  

قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاء وَمَصِيراً{15}
تنقل الآية الكريمة الصورة الى الطرف المقابل (  قُلْ ) , قل لهم يا محمد , (  أَذَلِكَ خَيْرٌ ) , أذلك المصير خير وافضل , (  أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ) , ام جنة الخلد التي هي مصير المتقين , (  كَانَتْ لَهُمْ جَزَاء ) , جزاءا واجرا لهم , (  وَمَصِيراً ) , مقرا ومرجعا . 

لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاؤُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُولاً{16}
تنقل الآية الكريمة شيئا عن حال المتقين في الجنة (  لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاؤُونَ ) , كل طلباتهم مجابة , (  خَالِدِينَ ) , وايضا خالدين فيها لا يخرجون منها ابدا , (  كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُولاً ) , السؤال له منحنيين :   
1-    من جهة الناس بأن يقولوا { رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ } آل عمران194 .
2-    او من جهة الملائكة { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }غافر8 . 

وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاء أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ{17}
تنتقل الآية الكريمة لتسلط الضوء على جهة كل ما عبد سواه جل وعلا (  وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ) , كل ما عبد من دون الله تعالى , كالملائكة وعيسى "ع" والحجر وغيره , (  فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاء ) , يقال للمعبودين هل انتم اوقعتموهم بالضلال , (  أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ ) , ام هم اضلوا الطريق الصحيح , فعبدوكم . 

قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْماً بُوراً{18}
تروي الآية الكريمة جوابهم (  قَالُوا سُبْحَانَكَ ) , استهلوا جوابهم بتنزيهه جل وعلا , تأدبا في حضرة الباري جل وعلا , سواء كانوا ملائكة او انبياء او جمادات , فالجميع مأمور بتسبيحه جل وعلا , (  مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء ) , لا يصح لنا ذلك , (  وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ ) , بطول العمر وسعة الرزق ... الخ , حتى غفلوا عن ذكرك ونسوا المواعظ , (  وَكَانُوا قَوْماً بُوراً ) , هلكا , او عديمي النفع والفائدة , لا خير فيهم ولا يرتجى منهم .   

فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلَا نَصْراً وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً{19}
تستمر الآية الكريمة في نفس الموضوع (  فَقَدْ كَذَّبُوكُم ) , كذب المعبودون عبادهم , وهذه اقوى والزم حجة , (  بِمَا تَقُولُونَ ) , بأنهم آلهة مستقلة او شركاء لله تعالى في خلقه وملكه وتدبيره , (  فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلَا نَصْراً ) , بيانا للعجز التام , فلا يمكنكم دفع العذاب عنكم , وليس لكم من مدافعا ناصرا ومعينا , (  وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً ) , العذاب الكبير هو النار .   

وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً{20}
توضح الآية الكريمة مذكرة وهي ايضا جوابا لقولهم المتقدم (  وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً{7} )  (  وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ) , وانت يا محمد "ص واله" مثلهم في ذلك , (  وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً ) , ابتلاء , كابتلاء الاغنياء بالفقراء , والشريف بالوضيع , والسليم بالمريض ... الخ , (  أَتَصْبِرُونَ ) , لها موردين يرويهما الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي ج4 :  
1-    علة للجعل اي لنعلم ايكم يصبر .
2-    وحث على الصبر على ما افتتنوا به .
(  وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً ) , بمن يصبر وبمن لا يصبر . 

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=57714
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 02 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19