• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : حوار بلارتوش مع هادي جلو مرعي رئيس مرصد الحريات الصحفية .
                          • الكاتب : ريسان الفهد .

حوار بلارتوش مع هادي جلو مرعي رئيس مرصد الحريات الصحفية

**العراق بلد بثروة نفطية، وبثروات من المآسي والفشل!!
**منظر الصحفيين على أبواب المصارف يثير السخرية ويبعث على ألم ممض!!
** هيئة الإعلام والإتصالات.. مؤسسة حكومية لكبت الحريات..!!
أجرى الحوار/ريسان الفهد
أعرف هادي جلو مرعي كاتبا ، وأحيانا مشاكسا ، ولكن لم ألتق به شخصيا
،وليس بيننا معرفة سابقة والى الآن ..لكن جمعتني معه .لعبة الفيسبوك.
الجميلة ..وكنت مشاكسا عنيدا له ، حتى قال لي مرة ,والله يا أستاذ ريسان
لو أعرف شتريد مني ؟!! أرجوك أن دزلي إيميلك حتى أكتبلك ما أريد أن أكتبه
لك.. )!! ولكني إزددت عنادا ، وواصلت لعبتي (الخبيثة) معه وأحيانا أراها
قاسية ، ولكن الرجل ظل يرد علي بكلمات مقتضبة أحيانا .. ليتخلص من
(حرشتي) ..وأخيرا قررنا أن نكون أصدقاء لأنه نجح في تحمل (مشاكستي(،
وأنا تمكنت من ترويض هذا المشاكس اللذيذ!!
من عادتي في كتابة حواراتي أن أقدم ضيوفي بطريقتي الخاصة ، ولكن (إبن
مرعي) تمكن  أن ياخذ زمام المبادرة ليقدم نفسه للقراء ..وبأسلوب  أكثر
صدقا وشفافية ، حيث فتح ملف حياته ، وبدون رتوش ، وإنه يتباهى بأنه فقير
الحال ومن بيئة بائسة ..(ياله من تباهي)!! ويفتح بعض أوراق حياته .. كما
هي وبدون أن يؤطرها ..بإطار (مزور كما يفعل الآخرون )وأليكم هادي يقدم
نفسه لكم ..ولنبدأ حوارنا معه بعد ذلك ..

*أنا رئيس ..ولكن بلا إمتيازات*

أنا هادي جلو مرعي ولدت في خربة تبعد عن فندق بابل الشهير في بغداد
بمسافة مائة متر عام 1971 في يوم الإحتفال بالعام الميلادي الجديد غير
إني وجدت أني مسلم, لأب من الريف الفقير,وحين مات أبي الفقير ,إنتقلت
وأمي وأخي الأكبر مهدي للعيش مع أخوالنا في قرية بائسة تسمى زورا
وبهتانا, السعادة,على طريق بغداد بعقوبة القديم.ربتني أمي وأخي بطريقة
عجيبة كانت إمرأة عصامية ترفض مساعدة أحد, وعملت في حياكة السجاد
اليدوي,حتى كبرنا وتعلمنا ثم مضينا في المدرسة ,أخي مهدي جلو مرعي يدرس
الدكتوراه في أعلى الإختصاصات الهندسية في البصرة,وأنا أصبحت صحفيا مثيرا
للجدل كما يسميني صديقي( ريسان الفهد) الذي لم ألتق به سوى في العالم
الإفتراضي ,وكنا شبه مناكفين لبعض حتى تصاحبنا,أنا أعيش الفقر والحاجة
لاكما يعيشها الفقراء ،وضعي تحسن في السنوات الأخيرة لكني مازلت في
القرية البائسة أعاني والناس من حرمان في الخدمات الأساسية,أعمل في
الصحافة من أيام النظام السابق وأحسب نفسي من جيلين لأني بدأت مع نهايات
نظام صدام حسين ,وإنغمست في الصحافة مع بدايات نظام( وين ماوين,وين
ماوين)!حاليا أعمل في مرصد الحريات الصحفية بصفة رئيس لكني (لاأتمتع
بإمتيازات الرئاسات الثلاث للأسف)!! ,ومتهم بتقاضي الأموال والمنح من
جهات عدة,لم تستطع كل هذه المنح أن تدفع بي لأعيش في منطقة أقل بؤسا من
قريتي!
* يقال  إنك مثير للجدل ..هل إنت فعلا أم ترى نفسك واضحا جدا ؟
 - ربما,والحق إني أجد ذلك في أحيان لكني لا أستمتع بهذا الجدل فغالبا
ماأشعر بغربة وعزلة,وأنت تعلم أن الكاتب والأديب يعيش واحدا من حالين,إما
أن يتحول الى مغرور,أو الى منغلق ومنعزل وغريب,وفي كلا الحالين فهو مرهق
ومتعب وشبه محطم !!
* أنت غزير الكتابة ..تكتب في كل المجالات ..وسريع الكلام ؟أين تريد أن
تصل بهذه المواصفات التي تتمتع بها ؟
-أنا غزير لأني غزير في داخلي وأجد الفكرة حاضرة في كل وقت وكما في
العراق ثروة من النفط ففيه ثروات من المآسي الراتبة التي تنتج الأفكار من
آبار النفس والوجدان,أريد أن أصل الى اللذة,وأعرف أنها منقطعة لكني
أريدها بأي ثمن!!
*- تقارير مرصد الحريات الصحفية منذ بداية الإحتلال ولحد الآن ..تكشف لنا
إن وضع حرية الصحافة من سيء الى أسوء..لماذا؟
- لأن الأمريكيين جاؤا بثقافة أن الصحافة أقوى من السلطة ,وبعض الصحفيين
أمثالي تعشقوا هذا المفهوم ثم إصطدموا بنظام سياسي يلتقي بالغرب لكنه
يعيش ويتصرف بفكر وروح العرب والبدو الرحل,وكلما تقدمت الدولة العراقية
خطوة الى الأمام سيعاني الصحفيون ,لاأحد يرغب بفكرة التعاطي مع الصحفيين
وفق المعايير العالمية لحقوق الإنسان ولا بحسب مفاهيم حرية التعبير وحق
الوصول الى المعلومةّّ!!

مرصد الحريات الأفضل في العالم!!

*- ما هي مهمة المرصد ؟هل رصد الحالات وإستنكار وشجب فقط ؟
سيدي,منذ 2004 وحين كانت بغداد قرية شبه مخربة كنا نرقب المشهد بقسوة
وإحباط وشعور بالرغبة في الحياة,لم نكن نضع إستراتيجية واضحة لعملنا ,كنا
شبانا يدفعنا الحماس ,الصحافة كانت موجودة قبل الإحتلال لكن موضوعة
الدفاع عن الحريات لم تكن معالجة في ذلك الحين,وبدأناها بطريقة غير
تقليدية فاجأت كثيرين ,ثم تحول مرصد الحريات الى مؤسسة ينظر لها العالم
بإحترام,ووصل الحال الى أن ينال المرصد جائزة أفضل منظمة في العالم لعام
2007 في مجال الدفاع عن حرية التعبير والصحافة,لم يكن الذين إختاروا
المرصد لنيل الجائزة بالحمقى هم يعرفون جيدا كيف تسير الأمور.مهمتنا صعبة
نحن نسعى الى توثيق حالات الإنتهاك التي تطال الصحفيين,كأننا نقول للقتلى
منهم ( دمكم لن يذهب هدرا) لأننا وثقنا التفاصيل وهي تنفع في وضع
إستراتيجيات من قبل المشرعين والسلطات التنفيذية للتعامل مع المؤسسات
الصحفية بطريقة تختلف عن تعاملها مع تشكيل آخر!!

*- هل تكشف لنا أسرار إستقالتك من هيئة الإعلام والإتصالات؟
- أنا أؤمن بالديمقراطية ,وحتى لو كانت وهما فهي مايتبجح به السياسيون
ليل نهار,هيئة الإعلام والإتصالات ترتكب الخطايا بحق الإعلام الحر وهي
مؤسسة حكومية تستخدم لكبت الحريات,لم أستطع التعايش مع سياسيين يديرون
الإعلام, وأناس لاصلة لهم بالصحافة ولايجيدون سوى التشبث بعباءة هذا
الحزب أو ذاك,كنت أتمنى أن لاتطرح علي هذا السؤال ,لأني أشعر بالقرف
والتقزز والحاجة الى التقيؤ كلما تذكرت جهة تقف ضد وسائل الإعلام.لو
يسمونها هيئة الجباية والإتصالات كان أجدى وأحسن.

*- هل تعتقد أن الهيئة من شأنها أن تضبط إيقاع الوضع الإعلامي في العراق؟
- المشكلة ليست في الإعلام ليتم ضبط إيقاعه ,بل في السياسة,عندما يستقيم
العمل السياسي سيكون الإعلام متزنا كفاية,لاحظ أن وسائل الإعلام في
الغالب هي أبواق (فوزفيلا )كالتي تنعق في جنوب افريقيا لأنها مملوكة
لأحزاب وهيئات وتجمعات وحتى منظمات إرهابية,الهيئة شكلت لتنظم الإعلام
لالتقمعه كما تفعل الآن !!

معظم وسائل الإعلام إنعكاس للمرض الطائفي!!

*- أفرزت لنا السنوات الماضية عشرات القنوات الفضائية والإذاعات والصحف ،
ما الذي أفرز هذا الكم لحد الآن ؟
- المال الأجندات الحزبية والطائفية والتمويل الخارجي بكل أشكاله
,والصراع القذر بين مكونات قومية وطائفية في هذا البلد الموبوء بنزق وطيش
وفساد أبنائه,ومعظم وسائل الإعلام إنعكاس للمرض الطائفي والعرقي .
*- لديك موقف من قانون حماية الصحفيين ؟ما هو البديل ؟
-البديل أن نتأنى وأن لانهتم بماسيقوله الناس في المستقبل بل نهتم بما
ينفع الصحفيين ,معظمهم يساند  كل مايصدر من الهيئات والمؤسسات الإعلامية
بحثا عن منافع لكن لابد من وضع قوانين محكمة تلبي متطلبات واقعية لمسيرة
العمل الصحفي في العراق,لابد من تعاضد النقابة والمؤسسات الإعلامية
والأكاديميين والصحفيين لوضع قانون لتنظيم العمل الصحفي ,أنا لا أعترض
على القانون لكني لا أستطيع تجاهل الأصوات العالية الرافضة من أناس أجدهم
أكثر فهما وثقافة قانونية مني!!
*- هل تعتقد إن الثقافة لها حصة في تفكير الحكومة والبرلمان؟وهل نحن
بحاجة الى دعم الحكومة ؟
- بالتأكيد ،ولكن كل حكومة تريد للأمور أن تسير وفق برنامج تضعه هي,وفي
الغالب يصطدم برنامجها برؤية مغايرة وتحدث مواجهة.نحن بحاجة الى دعم
الدولة,وكما تتوفر ميزانية يقرها البرلمان لدعم عمل الحكومة لابد من
ميزانية تقرها مؤسسة التشريع الأولى لدعم الثقافة!!
*- صرف مخصصات تشجيعية للمثقفين , هل تعتقد إن آلية التوزيع عادلة ؟
 - ليست عادلة ،والتوزيع لم يكن ضروريا لأن كمية الأموال تافهة,ومنظر
المثقفين والصحفيين والفنانين كان بشعا على أبواب المصارف,وكأننا نشهد
لحظة إعدام بطل رواية أحدب نوتردام,أو حين أكل المتجمهرون بطل رواية
العطر في واحدة من ساحات باريس وفي الصباح تقيأ أحدهم قطعة من حذاء
البطل!!
*- كيف تر ى أداء المكاتب الإعلامية في الوزارات والمؤسسات الأخرى ؟
 - الحكومة طلبت إليهم أن يكونوا صوتا لها ,ومن يرفض فعليه ممارسة
الصحافة خارج مكاتب الوزارات ,هكذا أبلغني بعضهم,ولاداع بعد هذا لتقييم
أدائها!!

الإعلاميات في التلفزيون أغلبهن أميات!!

*- المرأة الإعلامية لازالت في ذيل القائمة بين الصحفيين أي أن الصحافة
في العراق ذكورية ، ما هي رؤيتك لتأخذ المرأة دورها؟
- انا أعشق المرأة لكني لاأخدعها,ومع وجود بعض الإعلاميات ممن حققن نجاحا
لكن الأمور في العراق تجري بطريقة سيئة فغالب من يعملن في التلفزيون
أميات ولايمتلكن ثقافة واعية,أكثر ما يمكن أن يجدنه هو عمل المكياج
وترتيب الثياب وإظهار مفاتن الجسد وخاصة منطقة الصدر لذلك تجد أن كثيرين
لايتذكرون شيئا من الأخبار التي يسمعون لها لأنهم يكونوا منشغلين بصدر
المذيعة الأبيض عن نشرة الأخبار،هن كالفتيات في مكاتب الإستنساخ والطباعة
أو عارضات الازياء الرشيقات!!

*- لماذ تريد المرأة دائما أن يقدمها الرجل  بينما هي تتصنع الشكوى والمظلومية ؟
- لأنها عاجزة لاتمتلك أدوات العمل والتواصل وهي ضحية ثقافة تقليدية
وتقاليد البداوة وتسلط الرجال,هذه ثقافة موروثة يستمتع بها الرجل,هو يريد
أن يراها تحته,وحين يراها من فوقه فإنه يصاب بالدهشة,المرأة في الغرب تحت
وفوق وعن يمين وشمال الرجل وهي في داخله,عندنا الشئ  الوحيد الذي يجمعنا
بالمرأة هو اللذة وحسب!
*- هل مارس إعلامنا دوره في كشف الحقائق ؟أقصد المؤسسات الإعلامية ؟
 - ليس كثيرا معظم وسائل الإعلام تمارس التغطية القصدية لا المهنية,في
إطار الصراع بين قوى مناوئة لبعضها البعض,الحقائق تكشف عن طريق جهد شخصي
لصحفي حر,وحين تكشف مؤسسة عن فساد فالكشف وللأسف يكون لصالح جهة مضادة.
*- في العراق نفتقر الصحافة الإستقصائية التي من شأنها تكشف العديد من
الفساد المالي والإداري ، و ما زالت  مثل هذه المحاولات فردية ؟
- السبب يعود  الى حداثة التجربة الصحفية في البلاد,في مرة كنت وعدد من
الصحفيين في ضيافة مسؤول رفيع,أحد الصحفيين كان يطالب المسؤول بدعم
الصحافة( الإقصائية) هكذا يسميها! تخيل.كنت أجزم أن المسؤول لايعلم شيئا
عنها لذلك هرب الى الضفة الأخرى من الحوار.
*- هل تتوقع في يوم ما أن الأعلام في العراق قد يسقط حكومة أو وزارة ؟كما
يحصل في بلدان أخرى ؟
- لا, الإعلام سيتحول الى سلطوي رويدا ويكون الصحفيون فيه موظفين وحسب
بإستثناء البعض ممن إختاروا تعشق الحرية!!
*-وضع حرية الصحافة في العراق كما ذكره اخر تقرير لمرصد الحريات الصحفية
يتجه نحو الاسوء  عن الاعوام السابقة و بزيادة تصل الى 55% عن العام
الماضي ، ويشير الى 372 انتهاكا ضد الصحفيين !!الا يعد هذا خلل في
الديمقراطية في العراق ؟
- هذا خلل فاضح لايمكن تجاوزه مالم تترسخ الديمقراطية وتكون ممارستها
حقيقة,وليست مجرد وسيلة للوصول الى السلطة!!
*- هل لدينا نجم اعلامي في العراق ،من بين 14الف صحفي من المسجلين في
نقابة  الصحفيين فقط في اخر احصائية؟
- الإعلام العراقي هو النجم في تحوله الى دكاكين ومبرات خيرية,وأحيانا
الى وسيلة للكسب والتربح!!
- مقالاتك تحمل عنوانات إستفزازية وأحيانا غريبة ، ولكن في متن المقال
تحاول أن  تغير اللهجة بإتجاهات ذكية ؟
- هذه طريقة تعلمتها من نفسي ,ربما لأني وجدتني وحدي سائرا في الحياة
,تعلمت المداراة,المداراة نصف العقل,هناك عقل عام ,وعقل خاص أمارسهما حسب
رغبتي وعند الضرورة..السائرون وحدهم في الحياة رواية طويلة تحكي قصة رجل
أمريكي اصيب بالجذام ونقل الى محجر على شواطئ الهادي ليواجه المرض ويعيش
وحيدا ثم يموت كذلك!
*-هل ترى جدوى من كتابة الأعمدة الصحفية ؟
- للإستمتاع ومواصلة الحياة,ومناكفة الاصدقاء الطيبين,ولتفريغ الهموم
،ولي فيها مآرب اخرى لن يعرفها (ريسان الفهد لو شو ماصار)!
*- هل تقرأ اعمدة غيرك ؟ومن يعجبك منهم؟
عندما يشدني عنوان أقرأ لصاحبه,ولكني اتعلم من الكتاب الامريكيين وأقرا
لهم بشهوة ،وللعرب ايضا!!
* بعض الإعلاميين والمثقفين عموما رشحوا للإنتخابات ولكن فشلوا ..لماذا برأيك؟
هذا الوهم يراودني أحيانا..يظهر الإعلامي على الشاشة ويعرفه المئات
ويباركون له نشاطه فيتصور إنه أصبح نجما يمكن أن يتعاطى السياسة في حين
إن الناس يصوتون بطريقة مختلفة.
reisanalfahad@yahoo.com




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=5762
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 05 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28