• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الفساد عمل إرهابي؟!! .
                          • الكاتب : د . صادق السامرائي .

الفساد عمل إرهابي؟!!

عندما نقرأ التأريخ بمنظار نفسي وسلوكي , تبدو حقائق خفية فاعلة في صناعة الويلات والتداعيات التي مرّت بها الشعوب والمجتمعات , وفي قراءة متأنية لسقوط بغداد واحتراقها في عام 1258 على يد جند هولاكو , يتبين أن الفساد كان العامل الأساسي الذي وفر الأجواء والفضاءات اللازمة , والبيئة المؤاتية لإسقاط المدينة في غضون وقت قصير , وإنهيار جيوش الدولة العباسية.
 
فلولا الفساد بكافة أنواعه لما إحترقت بغداد , وسقطت دولة بني العباس بتلك المأساة , التي أوجعت التأريخ وبقيت دامية في ربوعه.
 
فالفساد يصنع حالة الهزيمة في النفس والروح والفكر , والمجتمعات الفاسدة مستعدة للهزيمة , أو أنها تتحرك وفقا لزخمها , وعندما تتوفر قوة معجلة لهذا الزخم , فأنها ستنطلق في سكة إنهزامها.
 
ومن العوامل الأساسية التي تسببت في دمار البلاد وترويع العباد , هو الفساد الغاشم وما أوجده من إنحرافات في الطباع والسلوك , وأصحاب أرقامه القياسية لا يزالون يسرحون ويمرحون , ويستوزَرون وأكثر.
 
وهذا يعني , أن الفساد يحكم , وربما هو مادة دستورية خفية , وله مواده القانونية التي تصونه من الحساب والعقاب , وعليه فأن الخروج من مآزق الويلات لن يتحقق , وإنما سيستولدها ويلات متفاقمة وتداعيات متعاظمة , لتوفير الآليات اللازمة لحماية الفساد , وتعزيز نشاط الفاسدين , الذين يمعنون في سرقة حقوق الآخرين , ويحسبونه رزقا من ربهم المُصنع على هواهم , ووفقا لقياسات نفوسهم الأمارة بالسوء.
 
بل أن الفساد صار دينا عند بعضهم , وبهذه الكيفيات التضليلية التدميرية , إنما يسلكون سبل الخسران والإنقراض والضياع , ويسلمون البلاد للطامعين بها , ولا همّ لهم إلا الإنهماك بمفاسدهم , وحرمان الناس من أبسط حقوقهم الإنسانية , بذرائع شتى ومواقف مصطنعة وتفاعلات مخططة من قبل الآخرين , الساعين لإفتراس وطن وشعب ووجود حضاري عريق.
 
وإذا بقيت أرضة الفساد تنخر بدن الوجود الوطني والنفسي والفكري والروحي , فأن كل شيئ سيبقى مستباحا , وستترعرع الحركات الناجمة عن هذا السلوك التدميري الإنتحاري , الذي تتولاه أئمة الكراسي الممرغة أنوفهم بالذهب والفضة والدماء.
 
فاقتلوا الفساد يندحر الإرهاب , ويموت حالا , لأن الفساد أشبه بغرفة العناية المركزة التي تحافظ على حياة الإرهاب بأنواعه وتطلعاته المريضة الشوهاء.
 
فهل يصح القول , إذا عمّ الفساد وَفَدَ الإرهاب؟!!
 
27\1\2015



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=57475
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 02 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19