• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الاسلام الغريب .
                          • الكاتب : بوقفة رؤوف .

الاسلام الغريب

 كلنا نعرف ونحفظ ونردد حديث : " إن الإسلام بدأ غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء"
وفي اعتقادنا الجمعي أن مسلم اليوم يجسد صدق نبوءة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم , فالمسلم اليوم يعيش في غربة , فهو غريب عن دينه , غريب اذا التزم في مجتمعه المسلم , غريب في العالم
غريب عن دينه :
لأن المجتمع الذي يحسب على الاسلام ,  اليوم لم يعد يمثل التجسيد الفعلي والتطبيق العملي للإسلام النظري المتمثل في الكتاب والسنة , بل اصبح سلوكه مناقض لهما في كثير من الأمور
غريب في مجتمعه :
المسلم الملتزم بتعاليم الاسلام في كامل شؤونه , يصطدم مع مجتمعه الذي يمثل التراخي والتقصير في بعض التعاليم وتعارض سلوكياته مع بعض التعاليم الاسلامية الأخرى , وهنا لا نتكلم عن تطبيق الحدود , ولا المظهرية الدينية , بل نتحدث عن نسبة العدل في مقابل الظلم , والفساد في مقابل الاصلاح مثل انتشار الرشوة وشهادة الزور واكل حقوق الغير
غريب في العالم :
المسلم اليوم في العالم هو الضعيف المستهدف من طرف الجميع , هو المتهم دون تهمة والمطارد والمراقب في كل مطار , هو الوحيد اليوم الذي يسيل دمه دون سبب في الشيشان , في البوسنة في افغنستان في بورما في فلسطين , المسلم هو الشخص الوحيد الذي يقتل من طرف الجميع , من طرف الشرق والغرب وحتى من طرف مسلم مثله (سني/شيعي , سلفي جهادي ...), بل اصبح يقتل في وطنه من طرف السلطة ومن طرف المعارضة ومن طرف من ثاروا على السلطة مثل ما يحدث في سوريا وليبيا ...
هذه الركائز الثلاثة التي يدور عليها فهمنا لحديث غربة المسلم , لكن ماذا لو قمنا بتحليل الحديث تاريخيا , لنركز في بحثنا عن غربة دين , لا غربة تابع , ولنفهم الأمر مرحليا , يجب ان نعرف أولا مترادفات مصطلح الغريب وأضداده كما جاءت في قاموس المعاني :
•    مترادفات كلمة غَرِيب :
أَجْنَبيّ , حُوشِيّ , خَارِجِيّ , خَارِق , دَخِيل , طَرِيف , عَجِيب , عَوِيص , غامِض ,  غَيْر مَأْلُوف , لا وَطَنِيّ , لَبِك , مُبْهَم , مُتَطَفِّل , مُخالِف , مُدْهِش , مُشْكِل , مُعْضِل , مُغَايِر , مُلْغِز , نَادِر ، آبِد ، وَحْش ، وَحْشِيّ ،
•    مترادفات كلمة غَرِيبُ الأَطْوَار:
شَاذٌّ
•    أضداد كلمة غَرِيب :
القَريب , النَّسيب , بادٍ , بَيِّنٌ , جَلِيٌّ , داخِلِيّ , سَهْلٌ , شبيهٌ , صَرِيحٌ , ظَاهِرٌ , مثيلٌ , مَأْلُوفٌ , مَحَلِّيٌ , مَعْرُوفٌ , مَكْشُوفٌ , مُبِينٌ , مُتَعَوَّدٌ عليه , مُتَوَقَّعٌ , مُنْتَظَرٌ , مُوافِقٌ , مِأْنُوسٌ , مِثْلٌ , وَاضِحٌ , وَطَنِيٌّ
•    أضداد كلمة غَريب من الكلام:
المَأنوس , الشَّائِع , المَأْلوف
•    أضداد كلمة غَرِيبُ الأَطْوَار :
حَصِيفٌ , حَلِيمٌ , رَزِينٌ , عَاقِلٌ
•    أضداد كلمة غَرِيبُ الأَطْوَار :
عَكَّرَ

وبالتالي فعند ظهور الاسلام في بدايته , كان كمفهوم أَجْنَبيّ ,  خَارِجِيّ , دَخِيل ,  عَوِيص , غامِض ,  غَيْر مَأْلُوف , لا وَطَنِيّ ,  مُبْهَم , مُتَطَفِّل , مُخالِف , مُدْهِش , مُشْكِل , مُعْضِل , مُغَايِر , مُلْغِز , شاذ ثم بعد ارادة وعزيمة وصبر وإصرار وتضحيات من طرف الجميع أصبح الاسلام,  بادٍ , بَيِّنٌ , جَلِيٌّ , , سَهْلٌ , , صَرِيحٌ , ظَاهِرٌ , مثيلٌ , مَأْلُوفٌ, مَعْرُوفٌ , مَكْشُوفٌ , مُبِينٌ , مُتَعَوَّدٌ عليه , مُتَوَقَّعٌ , مُنْتَظَرٌ , مُوافِقٌ , مِأْنُوسٌ ,  وَاضِحٌ , وَطَنِيٌّ
أما طوبى فلها معان عديدة، أهمها : أنها دعاء بالخير ، الطيب من كل شيء , الغبطة ,  السعادة ، الخير و الخيرة  , عيش طيّب لهم في الآخرة ,سعادة , حسن
لكن نحن هنا نحاول تحليل الحديث من وجهة نفسية , لم تعالج من قبل , لذلك نركز على مادة الاسلام في حد ذاتها , لا على شخص المسلم كما ركز شرّاح الحديث ومن كتب واستشهد بهذا الحديث أو برر الواقع بهذا الحديث
بداية الاسلام , كانت بداية انسانية , آيات قرآنية تتحدث عن العدل والعدالة الاجتماعية , عن المساواة والأخوة , عن الحب والتعاون بين البشر , فكانت الدعوة القرآنية دعوة غريبة في وسط ظالم , فاسد , كانت شعاع نور في وسط مظلم , هذه هي غربة الاسلام , فالإسلام جاء لأجل تبليغ الرسالة الانسانية , لأجل اعادة البشرية لحظيرة الانسانية ,لإخراج البشرية من الظلام الى نور الاسلام , من غابة البشرية وفسادها وسفكها للدماء الى رحاب الانسانية وصلاحها ...
وبالتالي فالأصل هو غربة الاسلام والصحة في بقاء الاسلام غريبا , لأن العالم لن يتحول الى عالم نوراني بأكمله ومن المستحيل ان يتحول الى مجتمع انساني عالمي , الاصل هو عالم فيه ظلم وفساد وسفك دماء وتمكن الشر فيه دون غلبته , ووجود فئة خيرة تصارع وتناضل من أجل نشر النور والعدل والعدالة , فان تحول يوما الاسلام الى أمر مألوف متخليا عن غربته , معنى ذلك انه يتخلى عن رسالته وأصبح مصاب بفيروس البشرية مع تعطل آليات رساليته الانسانية المناعية  , فان لم يعد يعطي للظلم صبغة دينية فانه لا يحاربه , والمتأمل أن الاسلام بعد مرحلته الاولى وهي مرحلة اسلام الثورة , ثورة ضد الظلم تحول الى اسلام الثروة , فأصبح لا يحارب الظلم بل يمرّجع له ويؤسس له فقهيا ومرجعيا ,فأصبح الانسان يظلم باسم الاسلام ويسفك دمه باسم الاسلام ويفقد حريته باسم الاسلام , بعد ان كان الاسلام يرادف العدل , وبالتالي فدورة الاسلام بالنسبة لي هي : ثورة ضد الظلم وهذه هي غربته بالنسبة لعالم تمكن الظلم منه  ثم ثروة حيث يفقد الاسلام صفة الغربة ويدخله الظلم ثم في المرحلة الأخيرة ثورة ضد الظلم والظلام , ليرجع الاسلام غريبا كما أول مرة في عالم فاسد ظالم .
والثائرون الذين لهم الطوبى والسعادة والخير هم ورثة الانبياء , الذين يحاربون الظلم ويفضحونه , دون لف ودوران , الشريف والضعيف عندهم سواء في الميزان أمام مكشاف القران , وهم قلة قليلة لكن صوتهم يعلوا على أصوات الظلم .
انها حتمية تاريخية ان يرجع الاسلام الى غربته ويعود الى اصالته , انها سنة وقانون وناموس , لكن الذي ليس حتمي هو القائمة الاسمية للغرباء الذي يتم النصر والتمكين على يديهم , فالقائمة مفتوحة والدعوة عامة إلا من أبى .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=57425
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 02 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28