• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العراق ومصر السيسي .
                          • الكاتب : خالد اليعقوبي .

العراق ومصر السيسي

تحدث الكثير من المتابعين عن أهمية زيارة السيد العبادي الى مصر بتاريخ  ١١ كانون الثاني  ٢٠١٥ م ، وتاتي أهمية هذه الزيارة انها جرت في وقت عصيب تشهده المنطقة برمتها سياسيا وأمنيا واقتصاديا .

نرى ومن خلال تحليل لهذه الزيارة ان هنالك مجموعة من النقاط الاساسية يجب الانتباه لها،  وان حسن التعامل معها ومتابعتها لاحقا سينعكس بشكل إيجابي على البلدين ومن ثم على المنطقة برمتها .

لايخفى على المتابع انه و بعد احتلال العراق للكويت في ٢ اب / اغسطس عام  ١٩٩٠ والذي جرى في وقت كان العالم يشهد أزمة انهيار في سوق أسعار بيع البترول كما هو الان ،انهارت منظومة العمل العربي المشترك  بالكامل وأصبح الخطر العراقي اكبر على بعض الدول  العربية الصغيرة من الخطر " الاسرائيلي " ،  وبالنتيجة تدريجيا غاب الدور الرائد والكبير للدول الكبرى والتي كانت تهيمن على القرارات الكبيرة للدول العربية وأهمها العراق ومصر وسوريا تدريجيا وآلت الامور الى دول الخليج حيث لعب المال والثروة واستقرار المنظومة السياسية في هذه الدول دورا مهما في اعتلائها الصدارة تحديد القرارات المصيرية للأمة ،  في حين انشغلت الدول العربية الكبرى بجني ثمار مازرعته الأنظمة الدكتاتورية من انهيار في مؤسسات الدولة وضياع للثروة وتخلف وتدني مستويات التنمية والانشغال بالمشاكل الداخلية  فضلا عن ان تركيبة اغلب هذه الدول من قوميات وطوائف وإثنيات يساعد على أشعال الفتن والصراعات الداخلية بدون جهود استثنائية من قوى خارجية ، وبالتالي ضعفت كثيرا أدواتها في التأثير في السياسة الخارجية لدولها ومن ثم على منظومة العمل العربي المشترك .

لكن بعد التغيير الذي جرى في العراق عام ٢٠٠٣ والبدء بالتداول السلمي للسلطة وانتهاء الحكم الفردي الدكتاتوري وماجرى من احداث مايسمى بالربيع العربي الى وصول الرئيس السيسي الى سدة الرئاسة في مصر بعد انتخابات ديمقراطية أنهت بها ايضا تجربة الحكم الفردي أصبحنا امام واقع سياسي جديد يتطلب أدوات وإدارة تعي حقيقة التغييرات والتحولات الإقليمية والأممية التي تواجهها المنطقة ، لذلك نحن نعتقد ان مصر بعراقة مؤسساتها وذكاء قياداتها وعلى رئسهم الرئيس السيسي الذي ارى فيه ذكاء وحنكة سياسية وقدرة على تعبئة الجماهير تفوق ماكان يتمتع به رؤساء سابقين لمصر ، تنظر الى زيارة السيد العبادي بما يستطيع العراق ومن خلال شخص السيد  العبادي ان يقدمه . 

اعتقد ان رئيس مجلس الوزراء العراقي لديه أوراق مهمة يستطيع  ان يناور بها لتعميق العلاقات مع مصر وتشكيل عمق عربي قوي بين البلدين ومن أهمها الاستفادة من عمق علاقات العراق مع ايران اولا والولايات المتحدة  ثانيا وكذللك العلاقات التجارية المميزة مع تركيا لكن هذا الامر يحتاج الى توافق سياسي داخلي ولو بالحد الدنى وكذلك ممكن الاستفادة من عمق العلاقات المصرية الخليجية لان انفتاح العراق على دول الخليج يجب ان لايكون منفردا بل يفضّل ان يكون عبر الشقيقة الكبرى ونعتقد جازمين بانه سيكون ذو فائدة اكبر .

الفرصة مؤاتية بشكل مثالي ان تستعيد الوسطية والاعتدال الفكري والسياسي والديني والمتمثل بالعراق ومصر دورهما في الساحة العربية ومن ثم التنسيق مع الدول الإقليمية  لصنع سياسة حكيمة تعتمد في حماية مصالح مواطنيها اولا وحصر الفكر المتطرف وعناصر تمويله ودعمه  ، فضلا ان القادم من الأيام هو ان العديد من الدول التي لم تشهد ساحتها أحداثا مماثلة للربيع العربي مرشحة لمواجهة تحديات داخلية لن تمر بسهولة كما يتصورها البعض.  سيما وان ماجرى في اليمن من احداث اخيرة سيجعل من دول الخليج مراجعة حسابتها بشكل جاد في التحديات التي تنتظرها في المستقبل القريب ، كما ان التحديات التي تنتظر المنطقة صعبة جدا سيكون فيها الكلمة العليا للقراءة السياسية وتقدير الموقف بشكل جيد ينسجم مع الأداء السياسي وإلا اذا حصل العكس لاسامح الله فسنكون امام خارطة وجغرافية جديدة وبكل اسف لن تكون سلمية .

يقول محمد الماغوط ان كل طبخة سياسية في المنطقة أمريكا تعدها ، وروسيا توقد تحتها ، واوربا تبردها ، وإسرائيل تأكلها والعرب يغسلون الصحون .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=57058
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 01 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28