• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الإرهاب ذراع أمريكا الخفي .
                          • الكاتب : علي جابر الفتلاوي .

الإرهاب ذراع أمريكا الخفي

استطاعت أمريكا ومعها الصهيونية الدولية بخبرتهما توظيف الفكر الوهابي والسلفي الجهادي اللذان تبنيا التكفير والتطرف لخدمة الأهداف الأمريكية والصهيونية ، سواء علم أتباع التيار الوهابي والسلفي بذلك أم لم يعلموا ، المهم من يرعى هذين الإتجاهين من الحكام يعرفون ذلك ، وهذه الرعاية والدعم لهؤلاء الحكام الذين يدعمون الفكر المتطرف مدفوعة الثمن ، إذ تعهدت أمريكا وحلفها الشيطاني حماية هؤلاء الحكام المفروضين على شعوبهم بالقوة ، وهذا ما نشاهده اليوم في كثير من البلدان العربية ، مثل البحرين وقطر والأمارات واليمن والسعودية والأردن وكثير من البلدان التي تشهد غليان شعبي وثورات  .
سلاح الفكر الوهابي والسلفي الجهادي هو الإرهاب والقتل العشوائي للمختلف من أي مذهب أو دين ، وجميع منظمات الإرهاب المتواجدة في الساحة بكل المسميات والعناوين تنتمي للفكر الوهابي والسلفي الجهادي ، وهذان الإتجاهان المتطرفان التكفيريان يحسبان على المذهب السني ، وللأسف كل إرهابيي العالم محسوبون على المذهب السني ، ونتأمل أن يثور السنة الشرفاء بوجه هؤلاء التكفيريين الذين يريدون تشويه سمعة المذهب السني وسرقته ، وأتباع الإتجاهين الوهابي والسلفي كل منهما يدعي تمثيله للإسلام والمذهب السني ، وتدعم الحكومة السعودية ودول أخرى الإتجاه الوهابي والمنظمات الإرهابية المتفرعة عنه ، وترعى السلفية الجهادية والمنظمات الإرهابية التابعة له مثل داعش ، حكومة قطر مع الحكومة التركية وحزبها الحاكم العدالة والتنمية ، وكذلك حزب الإخوان المسلمين الذي تختلف مسمياته من دولة إلى أخرى ، فهو الأقرب إلى السلفية الجهادية ، وتتنافس السلفية الجهادية ومعهم جماعة الإخوان مع الوهابية على تمثيل السنة ، فعلى أتباع المذهب السني الحريصين على سمعة مذهبهم وإسلامهم رفض الإثنين معا .
 يوجد صراع خفي بين الإتجاهين من أجل النفوذ ، وإدعاء التمثيل للإسلام والمسلمين ، لكن الواقع يقول أن كليهما لا يمثلان الأسلام ، والإتجاهان السلفي الجهادي والوهابي لا يختلفان في التوجهات والتطرف والدعوة إلى التكفير ، فكلاهما يتبنيان الإرهاب طريقا للتغيير، ونتائج أعمالهما تصب في خدمة أهداف أعداء الإسلام ، وكلاهما يسيئان إلى الإسلام في دعوتهما للإرهاب والقتل العشوائي ، إذ يعطيان إنطباعا إلى العالم أنّ الإسلام دين القتل والدم وعدم تقبل الآخر ، وفي هذا تشويه لصورة الإسلام الناصعة ،  أما أمريكا فإنها تدعم وتحتضن كلا الإتجاهين فهما ذراعها الخفي في محاربة الشعوب المسلمة وتطبيق مشاريعها التي تتعدد مسمياتها ، مثل مشروع بايدن ، أو مشروع الشرق الأوسط الجديد ، وربما نسمع مسميات جديدة أخرى ، وكل هذه المشاريع تهدف إلى تقسيم دول المنطقة وتحطيم البنى التحتية للدول المستهدفة وسلب الثروات الطبيعية فيها ، خاصة تلك الدول المحيطة بإسرائيل من أجل خلق حزام آمن إلى الدولة الصهيونية ، وهذا ما يجري ونشاهده اليوم في مصر وليبيا واليمن وسوريا ولبنان والعراق ، وربما سنشاهد دولاعربية أخرى ستدخل ضمن دائرة الإستهداف ، بما فيها الأردن المتعاون مع أمريكا وإسرائيل بشكل علني .
الملفت للإنتباه أن منظمات الإرهاب أشبه بالوحش المروّض الذي ربما يهاجم مروضه في أية فرصة متاحة ، وقد سمعنا بالهجوم الإرهابي على منطقة عرعر السعودية ومناطق أخرى في المملكة ، بعض الهجمات تعلنها الحكومة الوهابية في السعودية ومنها يبقى طي الكتمان ، كذلك سمعنا وشاهدنا الهجوم الإرهابي على مكتب الصحيفة الفرنسية ( شارلي أيبدو) يوم ( 8 / 1 / 2015 م ) ، والهجوم في شرق باريس على متجر ( بورت دو فانسان ) في اليوم التالي مع احتجاز عدد من الرهائن ، والكل يعرف مقدار الدعم السعودي لكثير من منظمات الإرهاب ، والدعم الفرنسي لمنظمات الإرهاب في سوريا وبعض البلدان الأفريقية وتسميهم ثوارا .
  إنّ الإرهاب لا دين ولا صديق له ، فهو نار حارقة تحرق حتى من يلقي بالزيت عليها لتأجيجها بهدف أن يحرق الآخرين ، على فرنسا أن تراجع سياستها  فهي من الداعمين للإرهاب في سوريا ، ومن المؤيدين لأمريكا في مشروع تدريب مجموعات من المعارضة المسلحة في سوريا تحت مسمى ( المعارضة المعتدلة ) ولا أعرف كيف يكون معتدلا من يحمل السلاح ويقتل الآخرين ؟
 وقد تبرعت الأردن والسعودية وتركيا بتدريب هؤلاء الإرهابيين على أراضيها مع دفع تكاليف التدريب والسلاح إنهم يفعلون ذلك طلبا للثواب لوجهه تعالى ! ألا لعنة الله على المنافقين ، إننا نعيش في عصر المهزلة والضحك على الذقون ، نؤكد أن النار ستصل إلى هؤلاء الداعمين اللاعبين .
نشير إلى أنّ الإتجاهين الوهابي والسلفي الجهادي لا يختلفان في الفكر والتوجهات ، كلاهما يؤمنان بالتطرف والتكفير ، وإن كانت الحركة الوهابية تتهم السلفية الجهادية ومعهم جماعة الإخوان المسلمين بالتطرف ، لكن ممارسات كلا الإتجاهين واحدة ، إذ يستخدمان الإرهاب وسيلة لفرض فهمهم المتخلف للإسلام على الآخرين ، ويعدان ذلك من الواجبات الدينية ، بل تماديا أكثر من خلال فتاوى المتخلفين من وعاظ السلاطين ، عندما صدرت الفتوى بحرمة قتال اليهود الصهاينة في فلسطين لأنهم أصحاب كتاب ، وأوجبوا قتال المسلمين المختلفين عنهم في الفكر والتوجهات ورفض التكفير من السنة والشيعة لأنهم مرتدون وكفرة في شريعتهم الشاذة ، هكذا توحي لهم عقولهم المتحجرة ، وقالوا تحرير فلسطين يؤجل لحين إقامة دولة الخلافة في جميع البلدان الإسلامية ، لقد رحبت أمريكا وإسرائيل بهذه الفتوى المنحرفة والشاذة ، وبما أنّ هذه الفتوى تخدم أمريكا وإسرائيل التزمت بها الكثير من الحكومات العربية المحسوبة على المذهب السني ، والسنة براء منهم ومن أفعالهم المشينة المخزية ، عليه لابد أن يتحرك علماء ووجهاء السنة الشرفاء المعتدلون الذي لا يرتبطون بأجندات خارجية ليعلنوا براءتهم من الوهابية والسلفية الجهادية ، ويعلنوا ولاءهم لأوطانهم ولإسلامهم الإنساني الذي يريد التكفيريون تشويه صورته من خلال أداء وعمل منظمات الإرهاب .
وبهذه المناسبة أحيي موقف الشيخ الدكتور أحمد كريمة الأستاذ في الأزهر الشريف سابقا لوقفته الشجاعة ضد الوهابية والسلفية الجهادية ، وأحيي موقف الشيخ مهدي الصميدعي مفتي أهل السنة والجماعة في العراق وقد عبر عن رأيه بخصوص داعش البرلمان التي سهلت لداعش المسلحة في احتلال الموصل ،  وموقف الشيخ الدكتور خالد الملا رئيس جماعة علماء العراق لمواقفه الوطنية والإسلامية الواضحة والصريحة ، والشيخ محمود الفهداوي الذي أفتى بوجوب القتال ضد داعش في الأنبار وبقية المحافظات وإن جاءت الفتوى متأخرة ، وأحيي جميع علماء السنة والوجهاء والجماهير السنية الذين أعلنوا براءتهم من داعش وجميع أنواع الإرهاب ، وبذلك أثبتوا وطنيتهم وحبهم لدينهم الإسلامي النقي الذي يريد تشويه صورته أدعياء الجهاد من الوهابيين والسلفيين الجهاديين ، وآخر فتوى شاذة سمعناها من شيوخ الوهابية والسلفية الجهادية هي تحريم الإحتفال بالمولد النبوي الشريف ، ووصفوا الإحتفال بهذه المناسبة الكبيرة والعظيمة أنها بدعة ، هؤلاء المتشيخنون من وعاظ السلاطين يصدرون مثل هذه الفتوى من بلدانهم ، وحكوماتهم تسمع بهذه الفتوى الشاذة لكنها لا تحرك ساكنا وتدعي محاربتها للإرهاب ، وهم يعرفون أن من يصدر مثل هذه الفتوى ينتمي لا محالة لمعسكر الإرهاب .
 أرى من الواجب على شعوب الحكومات العربية الداعمة للإرهاب ، والمسؤولة عن نشر الفكر المتطرف التحرك لغرض إسقاط هذه الحكومات ، كي تتخلص هذه الشعوب من ويلات الظلم والتطرف والإرهاب ، ولتؤدي دورها وواجبها الديني في حفظ صورة  الإسلام الناصعة ، التي تدعو إلى محبة وخدمة الإنسان ، واحترام المختلف من المذاهب والأديان الأخرى ، وأن محاسبة الإنسان على معتقده ودينه ليس من اختصاص ومسؤولية البشر ، وقد منع الله تعالى رسوله الكريم من أن يقوم بهذا الدور فكيف للبشر العادي أن ينوب عن الله ويحاسب الآخرين بل يسفك دماءهم تحت هذا العنوان ، قال تعالى وهو يخاطب نبيه الكريم محمد ( صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم ) في سورة الغاشية :
(( فذكّر إنما أنت مذكّر ، لست عليهم بمسيطر ، إلّا من تولّى وكفر ، فيعذبه الله العذاب الأكبر ، إنّ إلينا إيابهم ، ثمّ إنّ علينا حسابهم)) 21 – 26 .
أخيرا لابد من معرفة أن الإرهاب بجميع أجنحته ومسمياته ، إبتداء من منظمة القاعدة في أفغانستان بقيادة أسامة بن لادن التي أنتجتها السعودية وأمريكا ، لمحاربة قوات الإتحاد السوفيتي السابق التي دخلت أفغانستان عنوة ، وما تفرع من القاعدة إلى يومنا هذا الذي كثرت فيه منظمات الإرهاب وتعددت مسمياتها ، وجميعها تنتمي إلى الفكر الوهابي والسلفي الجهادي ، جميع هذه المنظمات الإرهابية تعمل في خدمة المشاريع الأمريكية والصهيونية ، ويعلم بهذه الحقيقة من يساهم في إنتاج الإرهاب ويرعاه ويدعمه من الحكام العرب .
 أثبتت الوقائع والأحداث تورط أمريكا في دعم الإرهاب ورعايته ، وقد سمعت جميع الشعوب بالدعم الذي تقدمه أمريكا إلى داعش من خلال أنزال السلاح ووسائل الدعم الأخرى بواسطة الطائرات الأمريكية وربما الإسرائيلية ، أمريكا عندما تقصف موقعا لداعش هنا ربما وحسب الإتفاق غيرالمعلن تقدم الدعم إلى موقع هناك تراه أكثر أهمية ، أمريكا اليوم لا تقبل أن يُقضى على داعش بسرعة ، بل أعطت سقفا زمنيا لذلك لا يقل عن ثلاث سنوات حسب تصريح أوباما ، وبعض الساسة الأمريكان الصهاينة طلبوا أكثر من ثلاث سنوات ، من أجل أن تتمكن أمريكا من تنفيذ مشروعها في العراق حسب خططها المرسومة ، وباتت هذه الأمنية الأمريكية واضحة لجميع شعوب المنطقة .
 لقد توضحت الصورة لجميع الشعوب خاصة بعد أن أدخلت أمريكا وحلفاؤها داعش إلى الموصل ، بالتعاون مع أكثر من طرف سياسي عراقي في الداخل ، ونفس الأطراف السياسية هذه التي سهّلت دخول داعش إلى العراق تدعي اليوم أنها تريد محاربة داعش وتحرير الموصل ، هذا الكلام من السياسيين الدواعش دجل سياسي كبير، لن يحرر الموصل إلا الشعب العراقي وأبناؤه من الجيش والحشد الشعبي وفي فترة قياسية ، وقد بدأت عملية التحرير فعلا عندما تحررت جرف النصر ومناطق أخرى في العراق ، مما أربك الأمريكان وأفشل مشروعهم الشيطاني وبدأوا يفكرون بخطط  بديلة من أجل تحقيق أطماعهم في العراق ، لكنهم سيفشلون بفعل تلاحم الشعب مع الجيش وأبناء الحشد الشعبي المدعوم بفتوى المرجعية الحريصة على وحدة العراق أرضا وشعبا .
هذه الحقائق أصبحت مكشوفة ومعروفة للجميع ، وبناء على هذه المعطيات والحقائق نؤكد أن الأرهاب هو ذراع أمريكا المتخفي ، خلقته الحكومات الراعية للفكر التكفيري بكل أجنحته خدمة للأهداف الأمريكية والصهيونية ، ليس هذا فقط بل تدفع حكومات المنطقة الداعمة للفكر التكفيري أموالا طائلة من أموال النفط الخليجي لدعم الأرهاب من جهة ، ودعم الإقتصاد الأمريكي من جهة أخرى ، وما زيادة إنتاج النفط السعودي والخليجي إلا جزء من هذه اللعبة لأن الدول التي تحارب الإرهاب تعتمد في إقتصادها على النفط ، ولا تريد أمريكا وحلفاؤها لهذه الدول الصامدة أن تنتصر على الإرهاب ، لهذا قامت السعودية وإمتثالا  للأوامر الأمريكية ، بعملية زيادة  إنتاج النفط  بهدف تخفيض الأسعار للتأثيرعلى إقتصاد الدول الداعمة للمقاومة ضد إسرائيل من جهة ، والدول المقاومة للإرهاب من جهة أخرى .
  من الدول المستهدفة بتخفيض أسعار النفط بسبب زيادة أنتاج السعودية خارج إرادة الدول المصدرة للنفط ( أوبك ) ، هي العراق وسوريا وإيران وروسيا ، أما أمريكا  وإسرائيل والحلفاء الأوربيون فهم المستفيدون فقط ، والثمن الذي تريده السعودية وحكومات النفط الخليجي الأخرى هو بقاء السلاطين والأمراء والملوك في السلطة ، بحماية أمريكا والدول الحليفة لها ، وهذا ما شاهدناه واضحا في البحرين عندما أقدمت بريطانيا على إنشاء قاعدة عسكرية جديدة لقتل ثورة شعب البحرين ، ليس هذا فقط بل أخذت البحرين تستورد بشرا مرتزقة ليسكنوا في البحرين كبديل عن السكان الأصليين الشيعة الذين يشكلون الأكثرية ، وقد أشار السيد حسن نصر الله إلى هذه المعلومة في كلمته بمناسبة المولد النبوي الشريف ، كل هذه المخططات والمشاريع تجري بعلم وموافقة ودعم أمريكا ، وهذا دليل آخر على أنّ هذه الحكومات ومنظمات الإرهاب المدعومة من هذه الحكومات التي عفا عليها الزمن ، هي في خدمة المشاريع الأمريكية والصهيونية ، وهؤلاء الحكام هم خدم لأمريكا وإسرائيل ، وجميع منظمات الإرهاب المدعومة من هؤلاء الحكام العبيد هي ذراع أمريكا الخفي في المنطقة والعالم .

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=56288
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 01 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16