• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عواطف وطنية .
                          • الكاتب : د . حميد مسلم الطرفي .

عواطف وطنية

ليس من عادتي أن أفوت نشرتين إخباريتين أو أكثر كل يوم وكم حاولت سنيناً أن تكون متابعتي للأخبار مجردة من العواطف والمشاعر كما هي السياسة فلم أفلح ، ولم أدر لمَ انهارت دموعي دون إرادة وأنا أتابع إعلان نتائج انتخابات الرئاسة التونسية فقبيل الإعلان تم قراءة النشيد الوطني مع السلام الوطني وردد النشيد كل أعضاء هيئة الانتخابات والحاضرين من قادة الأحزاب وكبار السياسيين عن ظهر قلب فكان أداءً رائعاً وبعد إكمال النشيد تقدم رئيس الهيئة ليعلن النتائج فبدأ بالشكر لمن وقف الى جانب هيئة الانتخابات  وهنا اختنق بعبرة في صدره فأعانه الحاضرون بالتصفيق فأكمل . ومن الذاكرة البعيدة وتحديداً في نهايات السبعينيات من القرن الماضي وبعد أن وفد الى العراق عدة ملايين من المصريين صادف أثناء وجودهم في العراق أن أقدم الرئيس المصري حينذاك بتوقيع معاهدة كامب ديفيد عام 1978 مع الكيان الصهيوني وقد أعلن العراق في حينه رفضه واستنكاره للمعاهدة وسير ضدها التظاهرات فكان البعض القليل ممن ضعفت مروءته يريد أن يستفز بعض المصريين العاملين في العراق فيسب السادات فتثور ثائرتهم ويشتد غضبهم ليس لأنهم مقتنعون بما فعل بل لأنهم يعتبرونه وهم في الغربة رمزاً وطنياً لهم ولم أصادف في حينها أي مصري يقبل بأن يهان السادات أمامه . بعد الحرب وسقوط بغداد  في نيسان عام 2003 التقت إحدى القنوات  الفضائية  بممثل العراق في الامم المتحدة في حينه محمد الدوري فقال " انتهت اللعبة" وبكى . بعد أحداث الانتخابات الايرانية عام 2009  ومظاهرات مؤيدي حسين موسوي وقف مرشد الثورة السيد علي خامنئي فتحدث عن ايران وعن الثورة وعما قدم للجمهورية فبكى وأبكى معظم الحاضرين . وحدثني أحدهم أن ضابطاً للجوازات في مطار النجف الأشرف تلفظ بكلمات بذيئة بحق وطنه العراق " جئتم الى بلد الخيسة والزبالة ، جئتم الى بلد  السرقة والسلب والنهب ، هذا البلد التعبان واهله التعبانين " فلم تتمالك سيدة عراقية واقفة في الطابور نفسها فنهرته وذكّرته بالعلم الذي يخدم تحته والمرسوم الجمهوري الذي نال به رتبته ، وملايين الدنانير التي يجنيها سنوياً من راتبه ، وواجهة البلد الذي يعمل فيه وهو المطار فلم ينبز ببنت شفة وأدرك أنه مخطيء . مشاهدات متباينة تنبيك أن العواطف تجاه الوطن قد تموت لدى البعض وقد تعيش مع البعض بغض النظر عن التدين أو المسؤولية أو المكانة الاجتماعية ونحن اليوم بحاجة الى عاطفة حقيقية تجاه بلد نشرب من مائه ونشم هواءه وننعم بخيراته مهما كانت نعمه ضئيلة أو كبيرة فحب الأوطان من الايمان وأعظم الخيانات خيانة الوطن . 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=56121
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2015 / 01 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18