• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المجوسية ليست مسبة ياعرب ! .
                          • الكاتب : مير ئاكره يي .

المجوسية ليست مسبة ياعرب !

بين الحين والحين نسمع ، أو نقرأ من بعض الاخوة العرب أقوالا وكتابات عن المجوس والمجوسية  ، أو رمي الايرانيين بالمجوسية . وغالبا ما تكون تلكم الأقوال والكتابات ذا صيغة تعييرية ، إزدرائية وإستهزائية كأن المجوسية سُبّة ومسبة ، أو كأنها عيب وعار وشنار ! .
بالحقيقة إن التعامل مع الشعوب ، أو التعاطي مع الأديان والمعتقدات للناس الآخرين بهذه القسوة والعنف والسلبية هو أمر غير حضاري وراقي وبعيد عن الذوق الجميل ، ثم إنه جهل ، أو تجاهل واضح بحقيقة المجوس والمجوسية على المستوى الديني والتاريخي . علاوة إن الازدراء بالناس وتعييبهم وتعييرهم بسبب معتقداتهم الدينية ، أو المذهبية ، أو الفلسفية ، أو الفكرية هو شيء معيب وبعيد عن الذوق واللياقة من ناحية ، وإنه غير جائز في الاسلام أصلا . وقد ورد في القرآن الكريم حول ماورد ذكره العديد من الآيات التي تنهى صراحة ذلك وتحرّمه ، منها قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم * ولا نساء من نساء عسى أن يكنّ خيرا منهنّ * ولا تلمزوا أنفسكم * ولاتنابزوا بالألقاب بئس الإسمُ الفُسُوقُ بعد الإيمان * ومن لم يتُب فأولئك هم الظالمون } الحجرات / 11 ، وقوله تعالى : { ويل لكل هُمزة لُمزة } الهُمزة / 1 . ويقول رسول الله محمد [ ص ] : [ المؤمن كالنحلة إن حملت حملت طيبا ، وإن وضعت وضعت طيبا ] ! .
وقد لاحظنا أنه كلما توترت العلاقات بين ايران والدول العربية تطفو على السطح من قبل بعض العرب عبارات [ الفرس المجوس ] و [ أحفاد المجوس ] و [ أحقاد مجوسية ] و [ أحفاد عبدة النار ] و [ المجوسية الحاقدة ] ، والى غيرها من العبارات ذات الطابع التشهيري والتجريحي والاستهزائي والتعييري . وقد بلغت هذه المسألة ذروتها أيام الحرب العراقية الايرانية [ 1980 – 1988 ] من القرن الماضي . إذ خلال هذه المرحلة الكارثية على العراق وكوردستان وايران كانت غالبية وسائل الاعلام العربية تشهّر بالايرانيين عبر العبارات المذكورة آنفا . مضافا قد تم طبع ونشر الكثير من الكتب حول ذلك ، منها كتاب [ وجاء دور المجوس ] . حتى إن بعضهم زعم إن مذهب الشيعة له إمتدادات وجذور مجوسية وفارسية . وهذا الزعم ليس باطل وحسب ، بل إنه مضحك أيضا ، إذ لايخفى على الذي له إلمام بتاريخ المجوسية والشيعة يدرك تماما إن هذه المزاعم هي جهل مطبق بالتاريخ ، وإنه عار عن الصحة أيضا . والشيعة كمذهب من المذاهب الاسلامية قام ونما في بيئة عربية ، وفي أرض عربية ومن قبل شخصيات عربية !! .
وهنا لست في معرض الدفاع عن ايران والايرانيين ، أو عن نظامها ومذهبها ، أو الديانة المجوسية ، لكن على الانسان ، فضلا عن المسلم أن يكون صادقا مع نفسه وربه والآخرين ، وأن لا نقول في الآخرين ما ليس فيهم بسبب الاختلاف  ، أو الخلاف الموجود بيننا ، حيث ذلك مخالف ومتناقض مع الاسلام والايمان كقوله سبحانه وتعالى : { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط * ولايجرمنّكم شنآنُ قوم على أن لاتعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى * وآتقوا الله * إن الله خبير بما تعملون } المائدة / 8 . ومن جانب آخر فإن ذلك يتناقض مع التعارف والتعاون والتلاقح الحضاري والثقافي والانساني بين الشعوب والقوميات كما جاء في محكم القرآن الكريم :{ يا أيها الناس ؛ إنا خلقناكم من ذكر وأنثى * وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا * إن أكرمكم عند الله أتقاكم } الحجرات / 13 .  ومن جانب ثالث لايصح نبش التاريخ المندرس الغابر لإستعارة العبارات النابية للتشهير بالآخرين وقذفهم بها ، ثم أليس  العرب كانوا قبل الاسلام أمة وثنية وجاهلية فأكرمها الله تعالى ، كما أكرم الكثير من الأمم والقوميات الأخرى بالاسلام والتوحيد الخالص ! ؟ 
أما المجوسية التي تعرف اليوم ب[ الزرادشتية ] فإنها بالأصل ديانة سماوية ربانية توحيدية خالصة ، بل هي من كبرى وأهم الديانات السماوية التوحيدية . وقد يتفاجأ الكثير القول بأن المجوسية – الزرادشتية هي أقرب الديانات للاسلام ، وبخاصة على صعيد التوحيد . وإن الاسلام إعترف منذ البداية بالمجوسية كديانة سماوية وآعتبرها ومعتنقيها في عداد أهل الكتاب . يقول القرآن الكريم : { إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة } الحج / 22 . كما نلاحظ بوضوح فإن الله سبحانه جعل المسلمين واليهود والصابئين والنصارى والمجوس  - الزرادشت في صف واحد ، وإنه تعالى جعل المشركين في صف آخر ، وهو سبحانه يقضي ويفصل بالحق والعدل بين هؤلاء جميعا فيما كانوا فيه يختلفون ! . أما السنة فقد قال رسول الله محمد [ ص ] حينما سُئل عن الحكم والموقف من المجوس والمجوسية : [ سُنّوا بهم سُنّة أهل الكتاب ] يُنظر كتاب [ الأموال ] للامام الحافظ أبي عبد القاسم بن سلام  ، ص 40 ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، ط بدون ، 1988 بيروت / لبنان .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=5282
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 04 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19