• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تأملات في القران الكريم ح229 سورة الانبياء الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تأملات في القران الكريم ح229 سورة الانبياء الشريفة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ{11} 

تنعطف الآية الكريمة لتذكر (  وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً ) , كثرة القرى التي اهلكها الله تعالى , بسبب ظلمها "كفرها ومعاصيها" , (  وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ ) , يبين النص المبارك ان بعد هلاكهم حلت مكانهم اقواما اخرى , وهذه هي سنة الحياة , دول تختفي ودول تظهر , اجيال تذهب واجيال تحل محلهم .   

 

فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ{12} 

تبين الآية الكريمة (  فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا ) , كل قرية من تلك القرى لما شاهدوا العذاب الواقع بهم , (  إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ ) , حاولوا الهروب بما تيسر من وسائل , ومنها الركض "يعد الركض من اشمل واوسع وسائل الهرب من الخطر انتشارا" .   

 

لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ{13} 

الآية الكريمة بمورد الاستهزاء بهربهم راكضين من العذاب (  لَا تَرْكُضُوا ) , لا داع للركض لأن ما هربتم منه هو شر اعمالكم من جهة , ومن جهة اخرى , ان الركض لن ينجيكم من العذاب , (  وَارْجِعُوا إِلَى ) : 

1- ( مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ ) , بل ارجعوا بدلا من الهرب لما كنتم فيه مترفين من النعم , حتى تبطرتم . 

2- (  وَمَسَاكِنِكُمْ ) , ومنازلكم التي كنت تسكنون فيها , وقد بذلتم ما بذلتم من اجل اعمارها , الان تتركونها خلفكم وتهربون خوفا من العذاب , آملا بالنجاة .    

تختتم الآية الكريمة بمزيد من السخرية ( لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ) , ترجى ان تطلبوا من دنياكم شيئا . 

 

قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ{14} 

تروي الآية الكريمة مقالتهم عند ذاك (  قَالُوا يَا وَيْلَنَا ) , دعاءا على انفسهم بالويل والثبور , (  إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ) , يعترفون بجرمهم وجريرتهم .    

 

فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ{15} 

تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقاتها مبينة (  فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ ) , ما زالت تلك الكلمات يدعون بها اعترافا بظلمهم , يرددونها باستمرار , (  حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً ) , كالزرع المحصود , (  خَامِدِينَ ) , كخمود النار , اي ميتين .       

مما يروى في سبب نزول الآية الكريمة انها نزلت في أهل اليمن كذبوا نبيهم حنظلة وقتلوه فسلط الله عليهم بخت نصر حتى أهلكهم بالسيف . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" . 

 

وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ{16} 

تنعطف الآية الكريمة لتبين مؤكدة (  وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ) , عابثين , الله جل وعلا منزه عن ذلك , بل خلق السموات والارض وما بينهما , ( وإنما خلقناهما تبصرة للنظار وتذكرة لذوي الاعتبار وتسبيبا لما ينتظم به امور العباد في المعاش والمعاد فينبغي أن يتبلغوا بها إلى تحصيل الكمال ولا يغتروا بزخارفها السريعة الزوال ) . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .   

 

لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ{17} 

تبين الآية الكريمة (  لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً ) , اللهو بكل معانيه , ومنها ما يلهى به من الزوجة والولد , (  لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا ) , من جهة قدرته عز وجل , من الروحانيات كالملائكة والحور العين ,  لا من الجسميات , (  إِن كُنَّا فَاعِلِينَ ) , ذلك .     

 

بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ{18} 

تستمر الآية الكريمة في البيان (  بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ ) , نرمي الحق وهو الايمان ومحلقاته على الباطل وهو الكفر وملحقاته , (  فَيَدْمَغُهُ ) , يقهره ويمحقه , (  فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ) , هالك , (  وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ) , تهديد ووعيد لكفار قريش عما يصفون الله تعالى به , ويشمل التهديد اليهود والنصارى الذين نسبوا الولد والزوجة له تعالى عن ذلك علوا كبيرا .   

 

وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ{19} 

تنعطف الآية الكريمة لتبين (  وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) , خلقا وملكا وتدبيرا , (  وَمَنْ عِندَهُ ) , الملائكة , حالهم وصفتهم انهم :   

1- (  لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ ) : لا يأنفون من عبادته عز وجل . 

2- (  وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ ) : لا يعيون ولا يملون منها .    

 

يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ{20}

تضيف الآية الكريمة مبينة (  يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ) , يعظمونه وينزهونه ويذكرونه جل وعلا , تطرح اشكالية حول النص المبارك او سؤالا يلقي او يفرض نفسه , من المعلوم ان النص المبارك يتكلم عن الملائكة , وهم في الملكوت الاعلى , فهل هناك "في الملكوت الاعلى"  ليل ونهار ؟  , الاجابة عن هذا السؤال في عدة محاور : 

1- ان يكون فعلا هناك ليل ونهار , لكن ليس كليلنا ونهارنا . 

2- ان يكون الليل المذكور في النص المبارك كناية عن نوم الملائكة "ع" ( كما في الرواية ادناه ) , والنهار كناية عن وقت شغلهم بما هم مكلفون به .

3- ان يكون تعبيرا مجازيا يشير الى ان الملائكة في ذكر وتسبيح دائمين من غير انقطاع ولا تضييع لأي ساعة او حتى لحظة من الوقت .      

 (  لَا يَفْتُرُونَ ) , لا يسأمون ولا يضعفون عن تسبيحه وتقديسه عز وجل .    

( عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن الملائكة أينامون فقال ما من حي إلا وهو ينام ما خلا الله وحده والملائكة ينامون فقيل يقول الله عز وجل يسبحون الليل والنهار ولا يفترون قال أنفاسهم تسبيح . 

وفي رواية ليس شيء من أطباق أجسادهم إلا ويسبح الله عز وجل ويحمده من ناحيته بأصوات مختلفة ) . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .   




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=51242
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 09 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19