• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : متى توضع النقاط على الحروف ؟ .
                          • الكاتب : وليد المشرفاوي .

متى توضع النقاط على الحروف ؟

 لا شك إن ترهل ساحتنا السياسية , واضطراب وعدم استقرار وضعنا السياسي.. هو السبب الرئيسي المؤدي إلى تردي أوضاعنا على الصعد كافة امنيا واقتصاديا وإداريا واجتماعيا وتربويا وصحيا وخدميا وثقافيا وما إلى ذلك..وإذا ما كان تعللنا بالظروف الموضوعية الضاغطة على أنها هي التي تحول دون تصحيح الأحوال وكما يرام في ليلة وضحاها,ولذلك لابد من التعويل على الزمن , وعلى ما رسم من معالم المعادلة السياسية الجديدة , وعلى ما دون من مواد دستورية , وعلى ما ينتظر من ترويض الأيام للأطراف الجموحة.. كي تكف عن المشاغبات والتجاوز , لكنه لا مجال للانتظار والتغاضي عن ما يهدد حياة الناس في أية لحظة من موت زؤام .. فقد يعيش الناس معللي نفوسهم بالآمال, فإنما ذلك قد يصح مع ما ذكرناه من أوضاع حياتية إلا بشيئين وهما انعدام الأمن والفقر, لاسيما إذا ما كانت هناك إمكانية مادية ومعنوية لا غناء هاتين  الحاجتين .. مما يوجب على المعنيين بإدارة شؤون البلد بذل قصارى الجهود لمعالجة السلبيات المؤدية إلى هذين المنحدرين , والأمر لا يحتاج إلا حرص  المعنيين وتفانيهم وحزمهم وكفاءتهم الإدارية اللازمة , وهذا هو جوهر العقد والاتفاق مع الأمة , وثمن أصواتها في الانتخابات , وثمرة توكيلها لمن ينفذ باسمها , ولكن على ما يبدوا إن ثمة خلل جوهري لم يصار لحد الآن إلى معالجته وهو الذي يجعل من استغاثات المواطنين وكثرة مطالباتهم تذهب سدى, كما جعلت من وعود المسؤولين المتكررة تبدو  لاقيمة لها لأنها لم تتجسد إلى مصاديق على الأرض ,وان تكرار ما يحدث من فجائع القتل الجماعي المروعة بحق أبناء الشعب الأبرياء , كالحوادث الأخيرة الدامية التي استهدفت معظم المحافظات العراقية والتي راح ضحيتها المئات من الشهداء والجرحى ما يستدعي إعادة الحسابات وتقييم الوضع من جديد ..فقد استفزت هذه التفجيرات الذكريات الأليمة للحوادث والتفجيرات التي سبقتها ..واستحضرت كل وعود المسؤولين التنفيذيين ووعيدهم بتقفي آثار الجناة الهاربين ليؤكدوا مع ما القي القبض عليهم وأدلوا باعترافاتهم الواضحة بان الذي يقف وراء هذه الجرائم القذرة هو البعث ألصدامي وحلفاءه التكفيريين وبدعم إقليمي , فكانت الوعود الحكومية بالاقتصاص من أولئك الجزارين بسيف العدل ومنطق الثار المقدس لما أزهق على أيديهم من مئات الأرواح البريئة ولما سفك من دماء طاهرة.. ولكن ما يبعث على خيبة الأمل إن العدل قد اغتيل في هذه المرة واستهين بالثار كذلك..! علما إن الشعب المألوم المكلوم المضام يمني النفس برؤية أولئك الجناة معلقين في موقع تلك الجرائم المروعة كما وعد كبار المسؤولين بذلك.. ولكن لا ندري أين وصلت نتائج التحقيقات بهذه القضايا وعن ماذا أسفرت جلسات اللجان والهيئات التي عقدت على هامش تلك الماسي.. على أمل أن توضع النقاط على الحروف , ولكن لم تزل تلك الحروف باكية , مظلمة لضياع  نقاطها التي تضيئها, ولحد الساعة ..! في تقديرنا إن الخلل الجوهري لتكرار هذه الحوادث , والذي ينبأ بتكرارها مستقبلا , مما يترك آثاره الشديدة السلبية على مصداقية المتصدين , ويقدح في مقبوليتهم امنيا, بل يلقي بظلاله القائمة على مجمل العملية السياسية ..يكمن في ثنايا الملاحظات التالية:-
1-الخلل الفاضح في آلية الانتماء للوزارات الأمنية والعسكرية بواسطة الرشوة والمحسوبية مع شيوع البطالة المقنعة وترهل العمل .. وانعدام التوجيه المعنوي(تربوي , وطني, وأخلاقي) وضعف المتابعة ..إضافة إلى فساد البعض الذين يجنون الأرباح الطائلة جراء التلاعب بتغذية وتجهيزات الجنود..كل هذا يورث عدم ثقة المنتسب بآمريه ومؤسسته ويؤدي إلى التواكل والإهمال والضعف أمام الإغراءات والروح غير المسؤلة.. مما يؤكد ضعف الكفاءة الإدارية لرأس هذه الوزارة الحساسة جدا.
2-ضعف بعض المسؤولين التنفيذيين والإعلام الحكومي في تسمية الأشياء بأسماءها .. والاكتفاء بالإشارات والتلميحات من قبيل تصريح احدهم بان وراء الجريمة مخابرات إحدى الدول .. ولا اعلم إذا كان هذا المسؤول الرفيع المستوى في حال انه متأكد من تلك المعلومة ..فلماذا لا يستريح ويريح .. ويفصح عن الحقيقة بما هي , لكي تشخص الحقائق أمام أنظار الناس , ويتم تجاوز حالة التعمية والضبابية والغموض.
3- استمرار بعض الأنظمة الخليجية ذات العلاقة المتسمة بالتبعية للمعسكر الغربي .. برعاية أزلام النظام البائد والمجاميع الإرهابية وتوفير الدعم اللازم لديمومة مسلسل القتل . ما يستدعي الموقف المناسب الذي يحول دون ذلك.
3-لاشك  في حرص المحتل على صياغة الأجهزة الأمنية بما يخدم مصالحه من خلال تنفذه المعلن سابقا والمبطن حاليا , دون النظر لمصلحة الشعب العراقي كما إن طبيعة عقلية وسياسة تلك الجهة يفرض عليها التعامل مع من توظف لخدمة مصالحها تكتيكيا أو استراتيجيا دونما نظر للجنبة الشرعية أو الحقوقية أو الأخلاقية.. وهي إذ ترى ألبعثي ألصدامي هو الأفضل لمراعاته تلك المصالح من آخر متدين أو وطني.
4-التشكيك في قدرات المخلصين من أبناء الحركة الإسلامية الذين افنوا زهرة شبابهم بمعانقة البندقية جهادا ضد الطاغوت وإنقاذا للشعب العراقي من براثنه .. على أساس أنهم يفتقدون الكفاءة الأكاديمية كما يدعون(وعاد الترويج) للتكنوقراط بما يزيد عن الحد .. مما تسنى لهم تجميد أو تسريح الكثيرين من أولئك المخلصين واحل محلهم رجال أجهزة النظام القمعية .. ولقد فات أولئك إن النزاهة هي أهم من تكنوفراط(منحرف العقيدة والسلوك) وان صاحب التحصيل الدراسي المتواضع مع الإخلاص لهو أفضل ألف مرة من حامل ( شهادة دكتوراه في فكر القائد) إذ إن الأول قابل لتركيز الخبرة وتقديم أفضل الخدمات .. فيما الثاني أداة تخريب ووسيلة تقويض للنظام القائم ونخر للعملية السياسية.

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=509
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 09 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19