• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : \" حلقات الصراع \" .
                          • الكاتب : كريم الانصاري .

\" حلقات الصراع \"

خطورة مفهوم \" حلقات الصراع \" ناشئةٌ من حضوره في كافّة خلايا ومجالات الحياة ، ولايمكن التكوّن ذهنياً وتصديقياً لسلسلة المناهج والأنساق والأنظمة وميزان القوى والسلطة وعوامل النفوذ والسيطرة ثم الهزائم والانتصارات بمعزل عن حلقات الصراع ، وكما لايمكن ذلك فلايمكن أيضاً فصل هذا المفهوم وإخراجه من فضاء \" العقل الثاني \" أي العقل العملي المسمّى بالأخلاق أو الحكمة العملية ، من باب فاعلية ودخول الحسن والقبح والعدل والظلم في ممارسات هذا المفهوم حدّ التماهي ، وبما أنّ العقل العملي في طول العقل الأول طبق القانون العقلي فإنّه يعني ديمومة الحضور والتماهي بدوام الحياة .
ولايخفى أنّ مثل \" حقّ الطاعة \" و\" الولاء \" و\" شكر المنعم \" رغم كونها معركة الآراء إلّا أنّ الغالب عدّها في طول الشريعة لاعرضها، وثمرة النزاع تتجلّى في حلقات الصراع حينما تؤدّي هي ونظائرها دوراً مفصلياً في حسم نتائج أيّ صراع .
من هنا ذاع صيت حلقات الصراع وحيوية نقاشاتها في فضاءات العقل والفكر والمعرفة والوجدان الإنساني ، وتأثيراتها المباشرة في مصير الاُمم والشعوب عَقَدياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً و...
كما لايغيب عنّا : أنّ حلقات الصراع تعني في جملة من مراحلها : الإقصاء والحذف والتضليل ، كما تعني التعويض والتبديل والاستغناء والاستخدام المشروط غالباً بالطاعة والولاء .. من هنا فكلّ حلقة متصارع معها ليست شيئاً ثابتاً لايمكن إزاحته وتغييره ، بل هي - في طول الوصول إلى المراد - قد تكون مشروعَ تهميشٍ ونفي وتشويه مادامت عائقاً دون الهدف ، مادامت مصدر إزعاج ومنافسة ورقابة .
ثم مادامت حلقتنا حلقة إنسانية فهي غير ميكانيكية ، نعني : هي حلقة بشرية روحية متحرّكة بوحي العقل والشعور لا بوحي القانون الميكانيكي النيوتني الثابت ، القانون الذي اُطيح به أيضاً بظهور \" مبدأ الاحتمال \"الذي يمنح فرصةً أكبر للعودة إلى القوّة المهيمنة العليا ، قوّة الخالق تبارك وتعالى ، ومن ظرافة هذا المبدأ : أنّ الكون إذا لم يخضع لقانون نيوتن الميكانيكي فبالأولى عدم خضوع الإنسان له ؛ لكونه كتلة جوانح وجوارح وأحاسيس نابضة بالحركة والتغيّر والتقلّب آناً بعد آن ، التي بدونها لايبقى للعقل العملي أيّ معنى ومفهوم .
نعم ، وُلِد ابن آدم وولدت معه غريزة حبّ التملّك والحزن والألم والغضب والفرح و... التي تكبر معه طردياً ، فهو يروم ويقصد ويطمح ويكادح دون البلوغ والوصول وقطف الثمار ، تارةً بالسبل المشروعة واُخرى بالسبل المرفوضة ، وعلى كلا الحالين لابدّ من العقل الثاني ومؤنه ، سواء السليمة منها أم السقيمة ، وهذا هو قانون الصراع الذي تتفرّع منه حلقات الصراع ، وإلّا ماكان الخير ولاكان الشرّ ، ولاكان العدل ولاكان الظلم ، وماعرفنا معنى الحسن والقبح .
ذهب العديد منّا ومن غيرنا في مبحث \" حلقات الصراع \" إلى تحقّق الإجماع المركّب ، أي أنّها معادلة لاتحتمل أكثر من طرفين : إمّا النفي أو الإثبات ولاثالث . بعبارة اُخرى : إمّا الطرد والحذف أو الإبقاء بشرط الطاعة العمياء والولاء المطلق . 
لكنّا نقول استناداً إلى المفهوم القرآني المبارك \" وكذلك جعلناكم اُمّةً وسطا \" : الإجماع المركّب باطلٌ وغير متحقّق هنا ؛ بدليل إمكان الجمع العقلاني والوجداني بين الأمرين نصّاً وعقلاً ، بإبقاء ماكان وضمّ الجديد باعتماد آلية الحلّ الوسط طبق منهجٍ وقانونٍ ونظامٍ محكّم باُصول الدين والشريعة . 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=50309
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 08 / 31
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29