• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : في ذكرى شهادة الامام الصادق - عليه السلام - .
                          • الكاتب : صلاح عبد المهدي الحلو .

في ذكرى شهادة الامام الصادق - عليه السلام -

عروجٌ على براق الرحيل.
بدموعِ الاحزانِ تجري من عُيونِ القلوبْ,
وبزفراتِ الاسى تسْعرُ في خلجاتِ الصُدُور,
تنعى شفاهُ قلمي,
غيابَ كوكبِ العصمةِ في سماءِ الامامة,وغروبَ شمسِ الهُدى خلفَ أُفُقِ الرحيل,
وتعزَّي بهذا المُصابِ الجَللِ والفجيعةِ العُظمى صاحبَ العصرِ والزمانِ المهديَ المنتظرَعجل اللهُ فرجَهُ الشريف.
وُلِدَ الامامُ الصادقُ كما يُولَدُ الفجرُ الصادقُ في أُخرَياتِ الليلِ البهيم، 
وُلِدَ كما يُولَدُ مطلعُ القصيدةِ في قلبِ الشاعر، وكما تولَدُ القضيةُ الحيَّةُ في ضميرِ الامة ؛
وكان يكتملُ في نموهِ سنةً بعد سنةً، كما يكتملُ القرآنُ في نزولهِ سورةً بعدَ سورةً والقمرُ في اطلالتهِ ساعةً بعدَ ساعة،
وكان ابوهُ صلوات اللهِ وسلامُهُ عليه يحنو عليه كما يحنو صدرُ الربيعِ على ربى الحقول,وكما تحنو كفُّ المطرِعلى نوَارِ الرياض. 
وكان فرداً من الرجال, اجتمعت فيه امةٌ من الصفات, فهو بين رجال الصفوة صفوة الرجال, كما يكونُ البيتُ في القصيدةِ بيتَ القصيد، والفكرةُ في النظريةِ سرَ النظرية.
وُلِدَ ليكونَ في ميلادِهِ مولدُ قضية،
وقتل ليكونَ في موتهِ احياءُ امة,
واستُشهِدَ ليكونَ في استشهاده بعثُ شريعة.
كُتِبَ على دمِ الامامِ الصادقِ انْ يكونَ كوثراً تروي منه شفاهُ الشريعةِ ظمأها، وعلى انينِهِ انْ يكونَ قيثارةً تعزفُ عليهِ اصابعُ الثوراتِ ترانيمَها.
كانَ فكرُهُ هو المبدأ وهو النظرية، وكان دمُهُ هو الموقفُ وهو التطبيقُ..
وكانتِ الثورة ....
ثورةٌ لسانُها الصمتُ,وحينَ يكونُ الصمتُ احتجاجاً,
وحينَ يكونُ الصمتُ اعتراضاً,
فهو ابلغُ من القولِ بَيانا,واشدُّ منهُ لهجة
وحينَ يكونُ الصمتُ ابلغَ من القولِ,واشدَّ لهجة,
فهو للامةِ موقفٌ, وللرجُلِ هويةٌ,وللتاريخِ عبرة.
وبعد ان قتلُوا شخْصهُ ارادوا قتلَ شخصيتَهُ فقالوا كذبا وزورا انه كان يستخذي أمَامَ المنصورِ الدوانيقي فيقول له معتذراً (يا أميرَ المؤمنين ، إن سليمانَ أعطِيَ فشَكر ، وإن أيوبَ ابتليَ فصبر ، وإن يُوسُفَ ظُلِمَ فغَفَر ، وأنتَ من ذلكَ النسلِ).
وانا لازلتُ اعجبُ ممن يروي هذه الروايةَ بتلكَ الصورةِ من شيعتِهِ, مع ان المحققينَ من علمائِنا رفضُوا هذه الصورةَ ,وان اتفقَ ان نقلَها احدُهُم فمن بابِ الحكايةِ عن كُتبِ غيرهم لألزامِهم بها ,لالإعتقادِهم بمضمونِها.
فهذِهِ الروايةُ المكذوبةُ اما ان تُروى من دونِ ذكرِ السند اصلاً, اودون ذكرِالراوي عن الامامِ الصادقِ عليه السلام,كما في بعضِ الكتب,اوبسندٍ غيرِ موثوقٍ كما في البحارِ من كُتُبِ الشيعةِ اوبسندِ ضعيفٍ كما في (مقاتلُ الطالبين) والعقد من كتبِ العامة,ويكفي ان تعلمَ ان احدَ من انتهى اليه اسنادُ الروايةِ الربيعُ حاجبُ المنصور ومن اكبر رجالِهِ وممن تلطختْ يداهُ بدماءِ الابرياء,فكيف نصدِّقُ بهكذا رواةٍ ياأولي الالباب؟ 
تعالوا بنا نقرأُ التاريخَ ببصيرتِنَا لا بأبصارنَا,ونرسمُ اللوحةَ بالعقلِ لابالعاطفة.
ان الخائفَ هو الذي يخشى,وهو الذي يستخذي,ولقد شَهِدَ التاريخُ ان من اتصفَ بهاتينِ الصفتينِ هو الدوانيقي.
فهو الذي قالَ للامامِ-عليه السلام- متملقاً (لمَ لَمْ تغشنا كما يغشانا النَّاسُ؟ فأجابه الامامُ - عليه السّلام - : ليسَ لنا من أمرِ الدُّنيَا ما نخافُكَ عليه ، ولا عِنْدكَ من أمرِ الآخرةِ ما نرجُوهُ مِنك ، ولا أنتَ في نعمةٍ نهنئُكَ بها ، ولا في نقمةٍ فنعزيكَ. فقالَ له المنصورُ : تصْحَبَنَا لَتنْصَحنَا ، فَرَدَّ عليه الامامُ بقولهِ : إنّ مَنْ يريدُ الدُّنيا لا يَنْصَحكْ ، ومنْ أرادَ الآخرةَ لا يصحبَكْ) .
فها انْتَ تراهُ يُزمجرَ بزئيرِ النصيحةِ فيُدخلُ الرعبَ في قلبِ الطاغيةِ,ويعصفُ بريحِ الوعظ فيزلزلُ ثباتَ السلطان؟
ان الامامَ المعصومَ ,هو مَظهَرُ صفاتِهِ تعالى, ومن صفاتِ اللهِ تعالى العزيزُ
قال تعالى :-(هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ )
وقال عزَّ من قائل :-(وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) فالائمةُ -عليهم االسلام- من اظهر مصاديقِ المؤمنينَ, وهم الفردُ الاكملُ الذي ينصرفُ اليه اللفظُ عندَ الاطلاقِ ان لم نقلْ ان هذا اللفظَ اصْطِلاحٌ قرانيٌ مخصوصٌ فيهم لايخرُجُ عنهم الا اذا دلَّ دليلٌ على خلافه.
فكيفَ يكونُ مظهرُالعزةِ الالهيةِ خاشعا في بلاطِ الخليفة خائفاً خانعا؟كَبُرتْ كلمةً تخرُجُ من افواهِهِم مالهم كيفَ يحكمون؟.
اذن هذه دعوةٌ صادقةٌ لقراءةِ موقفِ الامامِ المعصومِ من خلالِ كونهِ مظهراً لصفاتِ الله تعالى,وبعبارةٍ واضحةٍ تعالوا نقرأ الامامَ قراءةً عقائديةً لاقراءةً تاريخيةً فمن خلالِ منظارِ الاولى نفهمُ زيفَ الثانيةِ ونعرِفُ مدى جنايةِ الاقلامِ على مقامِ الائمةِ المعصومين.
فسلامٌ على قمرِ العصمةِ الزاهرِ يومَ وُلِدَ هلالاً مشرقا, واستتمَّ بدراً مُنِيرَا, واستنارَ كوكباً ساطعاً في سَمَاءِ الخلود



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=49994
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 08 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19