• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أسحار رمضانيّة (26) .
                          • الكاتب : نزار حيدر .

أسحار رمضانيّة (26)

   {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ}.
   هي واحدة من علامات السّفيه، فهو يتصوّر انه وحده على حق وان بقية الناس على باطل، وانه وحده الذي يفهم والباقون لا يفهمون، وانه وحده القادر على قيادة دفة الدولة والباقون لا يقدرون، وهو وحده القادر على ان يناور ويخادع ويضحك على ذقون الناس في الوقت الذي يختاره، والباقون همجٌ رعاع ستخدعهم ألفاظه البراقة واكاذيبه وخدعه في كل حين، وهو وحده الشاطر الذي يعرف كيف يصنع الأزمة؟ ومتى وكيف يمررها ليستل منها بعد حين كالشعرة من العجين، على حد وصف العراقيين.
   انه يعيش عدة مشاكل تحدثت عنها عدد من آيات سورة البقرة، يمكننا ان نتابعها كما يلي:
   اولا: الصح والخطأ عنده سيان لا يختلفان، لانه منح عقله واذنه وبصره اجازة مفتوحة، بسبب سيطرة مصالحة الخاصة الضيقة على اية مصلحة اخرى، فهو لا يتعلم من تجربة ولا ينتبه لتحذير ولا يصغي الى ناصح امين، فقال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} لماذا؟ تجيب الاية الكريمة {خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
   ثانيا: همه إرضاء الجميع لدرجة التناقض في الآراء والمواقف، فالقيم والمبادئ لا تقوده وإنما تقوده مصالحه الحزبية الضيقة، ولذلك يتوسّل بالكذب والتزوير والتضليل والغش والخداع من اجل ان يحقق هذا الامر، وفي نهاية المطاف يقع في المصيدة، وهي عادة ما تكون حفرة او بالوعة تشبه الى حد كبير تلك التي استخرج منها العراقيون الطاغية الذليل صدام حسين، فقال تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ* يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} فهو يتصور ان بإمكانه ان يخدع الناس بعنترياته وبهلوانياته وخطبه النارية، الا انه مخدوع وان لم يُظهر ذلك على تصرفاته، يقول تعالى {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ* اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}.  
   ثالثا: يعتقد بأنّ كل ما يفعله فهو صحيح، حتى اذا حذّره منه الناس او رفضوه، لانه لا يصغي، عادة، الا الى المطبّلين والأبواق التي تلتف حوله كالذباب المزعج الذي يحوم حول القذارة، فقال تعالى {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ* أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ}.
   رابعا: امّا اذا دعاه احد الى انتهاج السبيل الذي يقود البلاد الى بر الأمان، من خلال تبني سياسات صالحة ومناهج سليمة وبرامج عادلة ومشاريع استراتيجية، تراه يرفض ذلك ويتذرع بأيّ شيء يمكن ان يتهرب به من الاستحقاقات الدستورية والقانونية، ومن هذه الأعذار والمبررات ما تحدث عنه القران الكريم بقوله {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ}.
   خامسا: واخيرا، فان مثل هذا المخلوق سيلقى مصيره الأسود في الدنيا قبل الآخرة، فلقد رأينا كيف ظل الطاغية الأحمق صدام حسين يعاند ويكابر فلا يصغي لعتب العاتب ولا لنصيحة الامين المشفق ولا يعير للنقد السليم الحريص على البلاد والعباد اية اهمية، رأينا كيف كانت نهايته البائسة بعد كل الذي فعله للبقاء في السلطة التي كان يقول عنها دائماً، ان الذي يريدها منا فسنعطيه أرضا بلا شعب، في إشارة منه الى عمق تشبثه بها حتى الموت، ولكن الله الذي قال {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ} فهو الذي يهلك ملوكا ويستخلف اخرين قادر على التغيير بكلمة {فَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ}.
   يقول تعالى متحدثا عن نهايات الأحمق بقوله {أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}.
   وكل رمضان وانتم بخير.
   23 تموز 2014
                       للتواصل:
E-mail: nhaidar@hotmail. com
Face Book: Nazar Haidar 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=48966
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 07 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18