• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الإمام علي عليه السلام ورسالة في حقوق الجار .
                          • الكاتب : فوزي صادق .

الإمام علي عليه السلام ورسالة في حقوق الجار

يعرف الجميع ، إن الجار نال نصيب الأسد من نسيج الوصايا الاجتماعية ، وله موقع مهم في التركيب الديموغرافي للمجتمع ، فبات جداره يقارع جدار بيتك، وأذنه تسمع صراخ أهلك ، وأنفه يشم رائحة طعامك ، وربما هو أقرب إليك من أقربائك وإخوتك .تراه كل يوم أمامك ، تصبح عليه أول النهار، وتمسيه في آخره، وربما يكون شبحه آخر من تراه قبل دخولك النوم ، وهو أول من يسمع ندائك، وخاصة عند طلب العون والغوث، دائماً تتذكر أسماء أبناءه وتنسى أسماء أقربائك ، وتعرف أوصافهم دون أهلك .

 والشارع المقدس أول من وضع أسس قانون حقوق الجار وطورها ورتبها وأطرها ، كي تكون أحد بنود دستور المجتمع الإسلامي المتكافل ، فلن ننسى قول المعلم الأول للتربية الاجتماعية الإنسانية النبي محمد "صلى الله عليه وآله" :  مازال جبريل يوصيني بالجار ، حتى ظننت إنه سيورثه  ، ولن ننسى قصته مع جاره اليهودي الذي يرمي الفضلات أمام بيت النبي كل يوم ، ولن ننسى أن بيت النبي يحوي طالباً واحداً تربي ودرس على يد ذاك المعلم الخالد منذ نعومة أظفاره ، فأنشأه نعم النشء ، ولقنه العلم أفضل تلقين ، من كل باب ألف الف باب من العلم ، وأدبه التأديب الرباني حتى اصبح من سنخه ،حيث قال : " أدبني ربي فأحسن تأديبي " ، فأصبح النبي المؤدَب ربانياً يؤدب علياً ويطعمه كما تطعم الأم رضيعها ، حتى تخرج الإمام علي من المدرسة الربانية بأعلى رتبة ومنزلة .

فتلفظ النبي آخر أنفاسه ( صلى الله عليه وآله ) وشفتاه بأبي هو وأمي توصي علياً ( عليه السلام ) بالجار ..الجار ثم الجار ... حتى تلقته ملائكة السماء مع طابور الأنبياء في عرس سماوي ، مخلفاً دستوراً راسخا في ذهن أبا الحسن مفاده : ( ياعلي لا يعرفني إلا الله وأنت ) ، وأنت أولى الناس بتوصيل رسالتي ، ومنها رسالة ( حقوق الجار ) . فأضحى علياً ( عليه السلام ) يضرب الأمثال الرائعة ويجسد القيم الإنسانية الحقة في حقوق الجار، ليس للمسلمين فقط ، بل للإنسانية جمعاء ولنضرب مثالاً على ذلك :كان الإمام علي ( عليه السلام ) يغدي أحياناً خلف بيته قبل ذهابه إلى عمله ،مخفياً شيئا صغيراً داخل ردائه ، ودون علم أحد ، لماذا ؟ لا أحد يعرف . 

وفي يوم من الأيام تعقبته ًفضة ( خادمتهم ) وبأمر من الزهراء ( عليها السلام ) وهي تعلم بالأمر ، لكنها أرادت إيصالنا رسالة اجتماعية وإخبارنا (بأهمية الجوار) لنا جميعاً ، حتى رجعت فضة مهرولة إلى أم الحسن ( عليها السلام ) تخبرها : سيدتي إني رأيت مولاي يكسر فتات الخبز على الأرض خلف المنزل وهو يبكي متمتماً بكلام ورافعاً يديه للسماء حتى غادر إلى عمله، وعندما عاد في ذاك اليوم بعد عمل شاق، سألته الزهراء وفضة تستمع لهما والحسن والحسين يصغيان ، لماذا ترمي الفتات يا أبا الحسن ، فقال بأبي هو وأمي :(  إن الشتاء مقبل وبيت النمل جار لنا فأردت إعطاءهم مما أعطانا الله كي يخزنوه قوتاً للبرد ) ، فدمعت عيون الجميع وبعدهم عيناي عند كتابتي هذه الرسالة ( حقاً أنت حامي الجار)) ، كيف أهاب جيش نبي الله سليمان (عليه السلام) أن يدوس النمل وهو يضحك ويبتسم لقولها !  وأنت تعطي النمل من قوتك وأنت تبكي  !

 الفائدة من رسالة الإمام لنا :

عدة فوائد نستشفها من الموضوع ، وعدة حكم نستطيع أن نستنبطها من هذه الرسالة ومنها ما يلي : 

إن حق الجار عظيم كطوق العقـد في أعناقنا . 

إن كل من جاورك   تنطبق عليه حقوق الجوار ، حتى لو كان حيواناً .

إن هناك ممالك عظيمة نجهلها تعيش بالجوار ، ويجب علينا احترامها واحترام تقاليدها ، كبرت أم صغرت ، وهكذا مع الدول المجاورة .

هناك دول وممالك تحتاج مساعدتنا، يجب علينا مساعدتهم عند المصائب والمحن  .

إن الإمام أعطى الحيوان أو البهيمة من قوته الذي يأكله ، فما بالك بجارك الإنسان ، وبغض النظر عن دينه أو جنسه .

إن تأمين حقوق الجار واجب علينا وخاصة في المحن والمصائب ، كالأيتام والمساكين  .

يجب على الإنسان وضع خطة في حياته لكل برامجه الحياتية والمستقبلية كما يفعل النمل

ان نجاح العملية الاقتصادية في الممالك الحيوانية والإنسانية بالذات حاجة ضرورية للإستدامة .

 

التاريخ صنع العظماء، لكن الإمام علي عليه السلام هو ممن صنعوا التاريخ .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=48638
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 07 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20