• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : من قتل الإمام الحسين عليه السلام؟! ومن قاتل معه؟ حقائق مُغيّبَة تكشف الهوية العقائدية والجغرافية للفريقين ( 3 ) .
                          • الكاتب : جسام محمد السعيدي .

من قتل الإمام الحسين عليه السلام؟! ومن قاتل معه؟ حقائق مُغيّبَة تكشف الهوية العقائدية والجغرافية للفريقين ( 3 )

الإمام الحسين وأنصاره يمثلون أمة الاسلام الحقيقي ويزيد وأتباعه يمثلون أمة الكفر

إن الحقيقة التي لا غبار عليها، أن الإمام الحسين(عليه السلام) هو مقياس الخير بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فسيرته وإشادة جده الرسول به خير دليل على ذلك، بيد أن يزيد بن معاوية قد مثل الباطل بقتله إياه، وبطمسه للسنن الإلهية وإحياءه للبدع، وظلمه للرعية.
وبطبيعة الحال أن شبيه الشيء منجذب إليه، فأهل الخير ينجذبون إلى الإمام الحسين عليه السلام حتى لو كانوا من غير دينه ومذهبه، كالنصراني وهب وأمه والعثماني (السني باصطلاح اليوم) زهير بن القين.
أما أهل الشر والنفاق فيلهثون وراء مصالحهم وملذاتهم، وأنها كانت حاضرة في حاضنة يزيد ومن يسير في فلكه، فالعبرة بالهداية والعاقبة، فأنها من نصيب أهل الصلاح والتقوى، بغض النظر عن انتماءاتهم.
وحسبك بقصة زهير بن القين، فقد كان أبغض شيء إليه أن ينازل الحسين (عليه السلام) في منزل خلال طريق الرحلة الى العراق، فلما اجتمع به وكلّمه بضع كلمات، حتى اقتنع بنهضته في دحض الباطل وإحياء الحق، فطلّق الدنيا وفداه بنفسه.
لما عارض الحر بن يزيد، الإمام الحسين ( عليه السلام ) في الطريق، وأراد أن يُنزِله حيث يريد، فأبى الإمام الحسين عليه، ثم إنه سايره، فلما بلغ منطقة يقال لها (ذا حسم) خطب أصحابه خطبته التي يقول فيها : " فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الضالمين إلا برماً... "(17).
 فقام زهير وقال لأصحابه: تكلمون أم أتكلم ؟ قالوا: بل تكلم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: قد سمعنا هداك الله يا بن رسول الله مقالتك، والله لو كانت الدنيا لنا باقية، وكنا فيها مخلدين، إلا أن فراقها في نصرك ومواساتك، لآثرنا الخروج معك على الإقامة فيها.. قتال: فدعا له الحسين ثم قال له خيرا (18).
(قال أبو مخنف) فحدثني على بن حنظلة بن أسعد الشامي، عن رجل من قومه شهد مقتل الحسين حين قتل، يقال له كثير بن عبد الله الشعبى، قال: لما زحفنا قبل الحسين، خرج إلينا زهير بن القين على فرس له ذنوب، شاكٌ في السلاح، فقال:
  يا أهل الكوفة نذار لكم من عذاب الله نذار، إن حقا على المسلم نصيحة أخيه المسلم، ونحن حتى الآن إخوة، وعلى دين واحد، وملة واحدة، ما لم يقع بيننا وبينكم السيف، وأنتم للنصيحة منا أهل، فإذا وقع السيف انقطعت العصمة، وكنا أمة وأنتم أمة.
 إن الله قد ابتلانا وإياكم بذرية نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، لينظر ما نحن وأنتم عاملون، إنا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية عبيدالله بن زياد، فإنكم لا تدركون منهما إلا بسوء عمر سلطانهما كله، ليسملان أعينكم، ويقطعان أيديكم وأرجلكم، ويمثلان بكم، ويرقعانكم على جذوع النخل، ويقتلان أماثلكم وقراءكم، أمثال حجر بن عدى وأصحابه، وهانئ بن عروة وأشباهه.
 قال: فسبّوه وأثنوا على عبيدالله بن زياد!! ودعوا له!! وقالوا: والله لا نبرح حتى نقتل صاحبك ومن معه!! أو نبعث به وبأصحابه إلى الامير عبيدالله سلماً.
 فقال لهم: عباد الله، إن ولد فاطمة رضوان الله عليها أحق بالود والنصر من ابن سمية، فإن لم تنصروهم، فأعيذكم بالله أن تقتلوهم، فحلوا بين هذا الرجل وبين ابن عمه يزيد بن معاوية، فلعمري ان يزيد ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين.
 قال: فرماه شمر بن ذى الجوشن بسهم، وقال اسكت أسكت الله نأمتك، أبرمتنا بكثرة كلامك!!
 فقال له زهير: يا ابن البوال على عقبيه، ما إياك أخاطب، إنما أنت بهيمة، والله ما أظنك تُحكم من كتاب الله آيتين! فأبشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الاليم.
 فقال له شمر: إن الله قاتلك وصاحبك عن ساعة..
 قال: أفبألموت تخوفنى، فوالله للموت معه أحب إلى من الخلد معكم..
 قال: ثم أقبل على الناس رافعاً صوته، فقال: عباد الله لا يغرنكم من دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه، فوالله لا تنال شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم، قوماً هرقوا دماء ذريته وأهل بيته، وقتلوا من نصرهم وذب عن حريمهم.
 قال: فناداه رجل فقال: له إن أبا عبد الله يقول لك: أقبل فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه، وأبلغ في الدعاء، لقد نصحت لهؤلاء وأبلغت، لو نفع النصح والابلاغ.
 (قال أبو مخنف) عن أبى جناب الكلبى عن عدى بن حرملة قال ثم إن الحر بن يزيد لما زحف عمر بن سعد قال له أصلحك الله مقاتل أنت هذا الرجل قال إى والله قتالا أيسره أن تسقط الرؤس وتطيح الايدى قال أفما لكم في واحدة من الخصال(19).
فعبارة زهير بن القين واضحة " فإذا وقع السيف انقطعت العصمة، وكنا أمة وأنتم أمة " ولما وقع السيف فعلاً في عاشوراء عام 61هـ بين معسكر الإمام الحسين عليه السلام وبين معسكر يزيد، فأن الإمام وأتباعه يمثلون أمة الإسلام، وبالتالي فيزيد وأتباعه يمثلون أمة الكفر.

الفصل الثاني
الهوية العقائدية لقـَتـَلة الإمام الحسين عليه السلام

هل قتل الشيعة الإمام الحسين عليه السلام؟!
 كثيراً ما يتداول الناس بشكل مغلوط وقلب للحقائق بأن الشيعة، هم مَن قتلوا الإمام الحسين عليه السلام!!! وهذه الشبهة صنعها أعداء أهل البيت عليهم السلام، وروجها بين بقية الناس من باقي المذاهب، لإلصاق تهمة قتل الإمام الحسين عليه السلام بشيعته، وتخليص بني أمية وشيعتهم من عار قتله عليه السلام.

ولكشف هذه الشبهة علينا أولاً معرفة من هم شيعة أهل البيت عليهم السلام؟
إن المسلم الشيعي هو من يؤمن بأن الأئمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله اثنى عشر إماماً، وهم خلفاؤه الشرعيين المنصوص عليهم من الله، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وثانيهم الإمام الحسن عليه السلام وثالثهم الإمام الحسين عليه السلام وهكذا بقية الأئمة التسعة من ذرية الإمام الحسين عليه السلام فآخرهم الإمام محمد المهدي القائم عليه السلام، وهو حي غائب ينتظرُ وننتظرُ الفرج بظهوره ليملأ الأرض قسطاً وعدلا بعدما مُلأت ظلماً وجوراً.
فقد قال النبي محمد صلى الله عليه وآله: الائمة من بعدي اثنا عشر أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وآخرهم القائم، طاعتهم طاعتي، ومعصيتهم معصيتي، من أنكر واحدا منهم فقد أنكرني(20) .
وعليه فإن كل انسان مسلم شيعي لم يؤمن بإمامة واحد من هؤلاء الأئمة الإثني عشر خرج من مذهب التشيع، كما قال إمامنا الصادق عليه السلام: «المنكر لآخرنا كالمنكر لأولنا» (21).
والآن لنقارن مع التعريف السابق ونسأل: هل من قتل الإمام الحسين عليه السلام كان شيعياً؟!.
والجواب هو: لم يكن القتلة من شيعة وأتباع أهل البيت عليهم السلام ومنهم الإمام الحسين عليه السلام ؟! وذلك لأن قتلته عليه السلام، كانوا يريدون منه الخضوع لحكم الطاغية يزيد الذي نصبه معاوية في منصب خلافة النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله.
 فأولئك القتلة يعتقدون بأن الإمام الحسين عليه السلام خرج على إمام زمانه يزيد!!! لذلك أرادوه أن يستسلم ويبايع يزيد اللعين الذي حرّف الفرائض الإلهية والسنن النبوية، حتى يصبح فعل يزيد شرعياً، ويصبح الاقتداء به حلالاً!!! .
فإذن قتلة الإمام الحسين عليه السلام نواصب ملعونين وأعداء له وللنبي وأهل بيته وليسوا شيعة لهم، لأن من يرى أن الإمام الحسين عليه السلام خارجي!! ويزيد بن معاوية هو الخليفة الشرعي، فهذا ناصبي لا محالة، ولكن أعداء أهل البيت عليهم السلام يحاولون خداع الناس بذاك الافتراء.

لماذا كان قـَتـَلة الإمام الحسين عليه السلام مع الإمام علي عليه السلام في حروبه ضد معاوية والخوارج وغيرهم؟!

يتساءل الكثيرين، لماذا وقف بعض قتلة الإمام الحسين عليه السلام بجانب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في حروبه التي خاضها ضد الخارجين عن سنة النبي واجماع المسلمين كمعركة الجمل وصفين ؟! الم يكونوا شيعة له؟!.

والجواب بسيط: كلا لم يكن هؤلاء شيعة للإمام علي ولأولاده عليهم السلام، فقد كان سبب انضمام أولئك القَتَلة إلى جيش الإمام علي عليه السلام في تلك المعارك، هو لإعتقادهم بأنه الخليفة الرابع، وليس لأنه إمام مفترض الطاعة والوصي بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، والدليل على ذلك أنه أراد تذكيرهم بإمامته في رحبة الكوفة بعد معركة الجمل، فلم يعرف مكانته أكثر من ثلاثين رجل!!! وحديث رحبة الكوفة قد يصل إلى التواتر عند الفريقين.
فقد رواه الإمام أحمد بن حنبل بعدة طرق، ومنها باسناده عن أبي الطفيل، قال: «جمع علي رضي الله تعالى عنه، الناس في الرحبة، ثم قال لهم: أنشد الله كل امرىء مسلم سمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول يوم غدير خم ما سمع لما قام فقام ثلاثون من النّاس، وقال أبو نعيم، فقام ناس كثير فشهدوا حين أخذه بيده، فقال للنّاس: اتعلمون انّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال: فخرجت وكأنّ في نفسي شيئاً، فلقيت زيد بن أرقم، فقلت له: اني سمعت علياً عليه السلام يقول كذا وكذا، قال: فما تنكر قد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول ذلك له»(22).
ومن طريق الشيعة: (أخبرنا أبو عمر، قال أخبرنا أحمد، قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان، قال حدثنا عبيد الله، عن فطر، عن أبي إسحاق، عن عمرو ذي مر، و سعيد بن وهب، وعن زيد بن نفيع، قالوا سمعنا عليا عليه السلام يقول في الرحبة: أنشد الله من سمع النبي صلى الله عليه و آله يقول يوم غدير خم ما قال إلا قام، فقام ثلاثة عشر، فشهدوا أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا بلى يا رسول الله، فأخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، ...)(23).

وبعد هذا الحديث لم يتشيع معظم أهل الكوفة، رغم أن الإمام علي ذكّر أهلها بحادثة الغدير التي نصّب فيها النبي صلى الله عليه وآله علياً أميراً للمؤمنين وخليفة له من بعده .
فنلاحظ في خطبة الإمام علي عليه السلام التالية أن شيعته أقلية في الكوفة في تلك الفترة، فقد روى الكليني بسنده عن سليم، خطبة أمير المؤمنين عليه السلام بالناس والتي جاء فيها : «قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين لخلافه، ناقضين لعهده مغيرين لسنته ولو حملت الناس على تركها وحولتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله لتفرق عني جندي حتى أبقى وحدي أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عزوجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله »(24).
وكذلك غدر المنافقون والخوارج من أهل الكوفة بأمير المؤمنين علي عليه السلام في معركة صفين، أمثال الأشعث وابن أبي الكواء وأتباعهم عندما أجبروه على قبول التحكيم في صفين، ومن هذه الحادث خرج الخوارج عليه وكان تعدادهم اثني عشر ألف، وبقوا يتربصون به إلى أن قتلوه في محرابه في 21 من شهر رمضان سنة 40 الموافق لـ 28 كانون الثاني 661م.

يتبع ...


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : مرتضى المتيم ، في 2015/11/14 .

كلام غاية في الروعة وتوضيح رائع لما لم يكن يعرفه اكثر الناس



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=47781
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 06 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29