• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الديمقراطية .. ليست حزبا أو شخصا .. .
                          • الكاتب : راسم قاسم .

الديمقراطية .. ليست حزبا أو شخصا ..

خروج الملايين من المواطنين العراقيين للتصويت في يوم الاقتراع العام يُعطي انطباعا أوليا  على رغبة هذه الجموع بالديمقراطية ولكن من متطلبات الديمقراطية أن ننشغل بالنظام الديمقراطي , وليس بالشخوص السياسية , أي أن المواطن يكون داعما لقيام نظام ديمقراطي في بلاده إذا أهتم أولا  بمعرفة أسس النظام الديمقراطي , فما هي أسس النظام الديمقراطي ؟ أن النظام الديمقراطي هو نظام سياسي عام , هو نظام إدارة الدولة سياسيا, متمثلا بالدستور والقوانين والانتخابات وحرية الرأي والتداول السلمي للسلطة , أنه أقرب  لشكل السياسة العامة للدولة , فهو ليس شخص  تُختزل فيه سياسة الدولة , ولا حزب يتكفل بسن ملامح الدولة , ولا عملية سياسية  لا قوانين فيها تنظم التنافس الديمقراطي , وتُحدد المتنافسين , بالمراقبة والعدد , تراقب المنافسة وتضبطها دستوريا وقانونيا, وتقر عدد الأحزاب المتنافسة على الحكم , وهذه تسمى الديمقراطية الليبرالية , والتي ترتكز على  المساواة بين الناس , وحث الأمة في أن تُعبر عن إرادتها  ، أن هذا المفهوم الثقافي يرتبط ارتباطا وثيقا بمنتظم الاعتقادات وبهيكل العلاقات الشخصية التي تميز مجتمعا  من المجتمعات في فترة معينة والتي تتطور , كما يؤكد العلماء الانثروبولوجيون , ببط شديد , وتنتقل من مكان الى آخر بصعوبة , وبكلمة أخرى ؛ أن ما ينقص النظام الديمقراطي عندنا  هي فضيلة المواطنة .أن نقل الديمقراطية من الولايات المتحدة الأمريكية إلى العراق لا يكفي لقيام نظام ديمقراطي بقدر تعلق الأمر بنضوج المواطن , ولهذا علينا أن ننشغل بالنظام الديمقراطي وليس بالشخوص السياسية , فالنظام الديمقراطي هو الغاية التي يعمل على تحقيقها السياسيين , وبالنسبة للمواطنين  فإن السياسيين يُعتبرون وسيلة لقيام النظام الديمقراطي , وديمومته , ولكن عمليتنا السياسية الحالية مكنت السياسيين من جعل الديمقراطية وسيلة لقيام نظامهم السياسي كبديل للنظام الديمقراطي , إذ جعل السياسي من نفسه الغاية , أي أنه اتخذ من الديمقراطية وصوت الناخب وسيلة لوصوله الى السلطة , فصار ؛ وبإرادته , لا بإرادة الناس , هو الغاية التي يعمل هو نفسه  على هدر كافة الوسائل  لبقاءه بالسلطة , وصار النظام الديمقراطي في خبر كان وظل المواطن غير فاعل , وهنا تشكلت قواعد مغايرة للنظام الديمقراطي المعروف ، سيظل السلوك السياسي للمواطن هو المرتكز لقيام واستمرار النظام الديمقراطي , فالتزام المواطن تجاه الديمقراطية يوفر لها عنصر البقاء , ونعني بالالتزام أن يكون المواطن فعالا  في سلوكه السياسي , وعارفا بقواعد الديمقراطية , ومثقفا  بشروط استمرارها , وإلا  ستجد المؤسسات الديمقراطية نفسها وقد صودرت من قبل السياسيين, ومع أن الدولة تتحكم بشق من الثقافة , إلا أن المدرسة , والمنظمات المجتمعية , والإعلام , والفن , وتزايد أعداد النخب المتعلمة والانفتاح ألمعلوماتي على تجارب عالمية عريقة , والدور الفعال للأحزاب السياسية الديمقراطية , من المصادر الحقيقية لمنع قيام حكومة حكم الأقلية , وعلى أساس السلوك السياسي الناضج للمواطن تستقيم الديمقراطية , ويتبلور نظام ديمقراطي حقيقي , ونبتعد عن الوقوع في فخ سلطة الأقلية , ومع أن الإدارة الحكومية في النظام الديمقراطي تمثل أقلية من الشعب , ولكنها أقلية لخدمة الشعب , لا أقلية لنهب واضطهاد الشعب , أي أنها سلطة من الشعب وليست مستقلة عن الشعب , ولكن ؛ يظل السلوك السياسي للإنسان متأثرا بالعرق والوسط الاجتماعي والحضاري  فالأقليات القروية ضلت تتحكم بشؤون بلادنا عبر مراحل الدولة العراقية الحديثة , وظل المواطن , بالغالب , متأثرا ببيئته التي غادرها في إثناء الهجرة من الريف الى المدينة , واليوم نجد ملامح الريف حتى في العاصمة بغداد , ومن هذه الجذور والأصول والموروثات نتج السلوك السياسي لرجال السلطة والمواطنين , فتأخر نضوج فضيلة المواطنة , والتعرف على النظام الديمقراطي , وظل المواطن ينحدر باستمرار إلى الاهتمام بالشخصيات السياسية , وليس بالنظام الديمقراطي ..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=46078
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 05 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 16