• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : معايير الخسارة والفوز في الانتخابات البرلمانية .
                          • الكاتب : مهدي الصافي .

معايير الخسارة والفوز في الانتخابات البرلمانية


وفقا للنتائج الاولية (الغير رسمية) للانتخابات البرلمانية الحالية,نجد ان الشعب العراقي وقع في فخ الكتل البرلمانية الحاكمة نفسها مرة اخرى,رغم ان النظام والالية الانتخابية في توزيع المقاعد البرلمانية قد تغيرت,وفيها خدمة كبيرة للكتل الصغيرة او حتى الافراد المتنافسين,لكن يوجد بصيص امل في بعض الوجوه الجديدة التي جلبتها القوائم التقليدية(دولة القانون,المواطن,كتلة الاحرار,الخ.),
اما بخصوص بقية الكتل
(,والاخوة الاكراد,والعرب السنة) فيبدوا ان الحزب الديمقراطي (البرزاني) قد حقق نجاحات ملحوظة, تجعله الاقرب لمنصب رئاسة الجمهورية القادم,مع تراجع غير متوقع للاتحاد الوطني (اليساري الهوى),الذي انهكته الخلافات الداخلية بين قياداته,ومشروع حركة التغيير التي قدمت خدمات كبيرة للحزب الديمقراطي,فهي تتنافس في عقر دار الاتحاد الوطني,اما الاخوة العرب السنة فهم بلا قائمة واضحة, بسبب الاوضاع الامنية وحالة التشظي المتكررة لاغلب كتله المتنافسة المعروفة,
يبقى لنا ان نعرف معايير المواطن والكتل المشاركة في العملية السياسية في الترشيح  والاختيار ,ان اردنا ان نضع الحقائق على طاولة المناقشة دون مجاملة او استحياء من احد,علينا ان نقول ان العراق مهد الحضارات الانسانية الاولى,شعبه من الشعوب المتخلفة في المنطقة,والاسباب عديدة منها ماهو موروث, فماكنة الاعدامات والجرائم المنظمة السابقة التي استخدمها البعث البائد بوحشية ضد معارضي حكمه من السياسيين والمستقلين ,وهجرة اعداد كبيرة من النخب والكوادر والطاقات الثقافية والفكرية والاكاديمية,اضافة لما حصده الارهاب المتواصل منذ انهيار نظام صدام 2003من العلماء والاكاديميين والابرياء الاخرين,تراجعت قدرات المجتمع العراقي في اعادة بناء وطنه,وهذه الصورة تجسدت في طريقة كتابة الدستور العراقي ,والمواد المحشوة فيه بلا تعريفات محددة او واضحة,هذا فضلا عن اسقاطهم عمدا او سهوا لمواد وردت في اغلب الدساتير العراقية السابقة, التي تحد من ظاهرة فساد المسؤول الحكومي,مع اداء متعثر لثلاث دورات برلمانية,لم تستطع على الاقل حكومة السيد المالكي من تعبيد الطرق الرئيسية او الفرعية لاغلب محافظات العراق, بما فيها العاصمة بغداد,او تحسين الخدمات العامة وتقليل البطالة المخيفة,لكن عندما قلنا عبر صفحات الفيسبوك ان المالكي ضرورة ,للعراق كضرورة بشار لسوريا,لم يكن القصد انه نجح في الاداء الحكومي السابق,وانما مسار الخط السياسي الداخلي والاقليمي والدولي,يحتم بقاءه بنفس الوتيرة والسياق المتبع حاليا(متناغما مع المحور الروسي الصيني الايراني السوري),فالرجل يصرح علنا ان بعض الوزراء يتبعون رغبات قيادات كتلهم البرلمانية,واخرين يعملون ضد الصالح العام,خوفا من تسجيل نجاحات حكومية يمكن احتسابها لكتلة رئيس الوزراء,لكنها تبقى مجرد ادعاءات غير مؤكدة او معززة بالادلة والوثائق,خدمت دولة القانون بشكل كبير, وهناك بالطبع
عدة اسباب اخرى منها ان الرجل لايمثل الا صوت برلماني واحد,وعليه فهو لايستطيع ان يفرض ارادته وقراراته واراءه بحرية على كتلته, دون الرجوع الى دوائر القرار الملتفة حوله(سواء قيادات كتل المحافظات او حزب الدعوة),
وسؤال بسيط لرئيس الوزراء حول  الية المحاصصة الداخلية لدولة القانون(توزيع الوزارات والسفارات والقناصل وقيادات الجيش والشرطة والمدراء العامين والوكلاء,الخ.),سنجد( ان اجاب على السؤال دون حرج) انها تخص الدائرة القريبة منه المتنوعة,هذا هو الفرق بين النظام البرلماني وبين النظام الرئاسي ,الذي يعتبر الشخص الفائز في التنافس الانتخابي الرئاسي هو صاحب الكاريزما والشخصية المرغوب بها من قبل الجماهير,اما النظام البرلماني فهي رغبات الكتل البرلمانية المشروطة,هذا الامر يأخذنا الى حقيقة او معيار اخر, وهو لماذا تعتبر العملية السياسية فاشلة في العراق,ترقيعية لا اصلاحية,الاسباب سهلة التشخيص وبسيطة جدا,اولها ان النظام الانتخابي
 بدائرة واحدة للبلدان الكبيرة خاطئ,لايمكن ان نجعل من محافظة تعداد سكانها يفوق المليون نسمة دائرة انتخابية,لان هذه الطريقة عززت سلطة القبائل والعشائر وحشرتهم في السياسة,بينما جل نضال وجهاد وعمل الحركات السياسية العصرية هو انقاذ تلك البيئات القابعة تحت قوانين واعراف التراث الشعبي البدائي,المتعارض مع روح العصر والمدنية والحضارة,وتحويل مناطق القرى والارياف الى مدن صغيرة كاملة الخدمات,
ثم اين قانون الاحزاب,اين قانون التمويل الحملات الانتخابية,وهل هناك اية الية مراقبة قضائية او دستورية  لكشف اية حالات استغلال اموال الدولة وتكريسها لحملات هذا المسؤول او ذاك الانتخابية,
(توزيع قطع اراضي او مناصب او ترفيعات عسكرية او اموال قبل الانتخابات بفترة وجيزة) الخ.
اما المعايير الاخرى التي يمكن اعتمادها في تقييم اداء الكتل البارزة حاليا في الساحة السياسية,هل يمكن الوثوق بقياداتها ورؤساءها,واعتبارهم من الشخصيات السياسية الكفوءة, ام هي مجرد سلسلة روتينية متينة متداخلة وموزعة بشكل مترابط بين والولاء القبلي والعشائري والديني,
مانراه يوضح حقيقة ان شرائح واسعة من الشعب العراقي تعود على سلطة السيد والعبد,وتعودت غالبية العامة منه على لغة التذلل والتنطع في باب هذا وذاك,متأملة وظيفة معينة او منحة او حتى هدية بسيطة,لاتريد ان تتحرر من الماضي البغيظ,الذي جعلها تتخوف من التغيير, فهي وريثة الخوف من كل شيء يتعلق بالدولة,تعلمت وعلمت الاجيال الخوف حتى من رجل الشرطة العادي,اضف الى ذلك جبل من الممنوعات والمحرمات الاجتماعية,وتخلف الطرق والاساليب التربوية والوسائل والادوات المعرفية المتوارثة.
ان الانتخابات البرلمانية التي انتهت مؤخرا,لن تجلب الخير للشعب ان لم تحمل معها على الاقل ثلثين من اعضاء البرلمان الجدد,من اصحاب الكفاءات الوطنية المخلصة والنزيهة,لا ان يتكرر سيناريوا البرلمانات السابقة, التي عجزت عن رفع الحصانة عن بعض الاعضاء المتهمين بقضايا الارهاب او الفساد,علما لوكانت الكتل السابقة قد نجحت في الغاء تقاعد اعضاء البرلمان,لتناقص عدد المندفعين الى هذه التظاهرة السياسية الحضارية من الباحثين عن الجاه والسلطة,ولاجاه في السلطة مطلقا ,لان المسؤول موظف حكومي مكلف بواجبات حساسة ليس اكثر.
المعايير الاخرى التي تحدد نسبة الخسارة والفوز في الانتخابات,هي معايير الحس الوطني لدى المرشحين,ورغباتهم في تصحيح مسار العملية السياسية,وانقاذ البلاد من شبح السيناريوا السوري,الذي تعمل من اجله بعض دول الجوار العربي والاقليمي,الداعمة للجماعات الارهابية (القاعدة وداعش),والتي تجد من يساندها في الداخل من بعض الخونة المتواجدين في بعض المناطق الساخنة,وهذه بالطبع مسؤولية الناخبين,الذين من المفترض انهم سئموا وتعبوا من الارهاب والفساد المالي والاداري,فسنحت لهم فرصة الاصلاح والتقويم والتعديل,فخسارة المرشح الكفوء النزيه تعني خسارة الشعب والعكس صحيح,
نأمل ان لايكون اداء البرلمان القادم بنفس مستوى اداء البرلمان السابق,ونأمل ايضا ان يكون رئيس الوزراء المرشح,مؤمن بضرورة تشكيل حكومة الكفاءات والخبرات الوطنية المتعاونة فيما بينها,ويبتعد ولو نسبيا عن حكومة التوافق الفاشلة,وان تكون الهمة عالية في اعادة كتابة بعض مواد الدستور وتصحيح المواد الاخرى,وتشريع القوانين المهمة, التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن.....
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=45689
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 05 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29