• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التوازن في العمل والأمل هل أن مصيرنا مرتبط بالانتخابات؟ .
                          • الكاتب : إيزابيل بنيامين ماما اشوري .

التوازن في العمل والأمل هل أن مصيرنا مرتبط بالانتخابات؟

بناءا على طلب الكثير من الاخوة ان اكتب شيئا عن الانتخابات التي هي على الابواب. واستجابة لهذا الطلب اضع لهم ما يلي لعلهُ ينفع الناس ويوضح لهم بعض الامور . 
 
بعد أيام قليلة ستأتينا الانتخابات البرلمانية التي ستؤدي بحسب المفترض إلى تشكّل الحكومة القادمة.
ويحاول البعض استثارة أكبر قدر من الحماسة لتحريك الناس إلى صناديق الاقتراع بمعادلة التوازن أو معادلة الخوف أو معادلة تحسين الوضع المعيشي الخاص أو العام. وقد يبالغ بعضهم في استثارة حماس الناس وكأنه يبشر بظهور القائم أو نزول المسيح، أو كأنما يوم الانتخابات هو آخر أيام الدنيا!.
ويحاول البعض الآخر تثبيط الناس عن الانتخابات لتحقيق مصالح سياسية حتى لو تلبست شعاراته بالحيادية ورفض السياسة والسياسيين، خصوصاً القوى التي فشلت في تحصيل مقاعد برلمانية أو رصيد اجتماعي فصارت تعتاش على فشل الآخرين وإفشال الحركات السياسية حتى المعتدلة منها تحت شعار فشل الحكومة، كما يعتاش حفار القبور على عدد الموتى في مدينته.
ولا يجد كثير من الناس حيلة للتنفيس عن غضبه إلا بالقعود والعزم على عدم المشاركة أبداً؛ ذلك حين لا تتحقق الطموحات الكبيرة التي كان يحلم بها إذا انتخب فلان أو انتخب فلان الذي تبين له أنه (لا يحل ولا يربط) أو لا يهتم سوى بمصالحة الضيقة.فالناس في الغالب بين أفراط وتفريط في الموقف السياسي وفي الآمال القلبية، والأفضل في التوازن فيهما بين الإفراط والتفريط.فالسياسيون ليسوا ملائكة وليسوا شياطين، وليس كلهم مخلصين وليس كلهم خونة. وعلينا أن لا نتأمل منهم أن يحولوا العراق إلى جنة خضراء منعّمة، كما علينا أن لا نيأس من تحسن الوضع وأن نتفاءل بالخير لنجده.وإن حسنة الديمقراطية متوقفة على فكرة الفصل بين السلطات لتتوازن القوى السياسية كما يتوازن السوق بين العرض والطلب، فيأمن المواطن الاندفاعات القوية كالحروب والطغيان في ظل ذلك التوازن السياسي.وعلينا أن نراهن بأحلامنا كثيراً على الحكومة، فإنه من التواكل المذموم، لأن الشعوب الأخرى لم تتكئ جانباً وتنتظر من صناديق الاقتراع أن تحسِّن أوضاعها، فإن الانتخاب لوحده لا يكفي، فعلى المواطن أن يتابع عمل الحكومة ويراقب نشاطها ويقومه إن أمكن وينتقدها إن نفع النقد، ولا بأس أن يسجل النشاطات الخيرة للسياسيين المخلصين ليكتشف أياً منهم يستحق صوته، وعليه أن يطالب بحقوقه وأن يتظاهر إذا تطلب الأمر، ولا نعني بالمظاهرة الثورة والتخريب والتعبير عن الغضب كما يفهمها كثير من الناس بل التظاهر لإشعار الحكومة بحجم المطلب الجماهيري وعموميته، ولعل بعض السياسيين يسره أن يحقق مطالب الجماهير ويعلقها إلى حين التظاهر، كما يقول جيمي كارتر لأحد العلماء المطالبين بالحد من التلويث البيئي لبعض المشاريع الصناعية في الولايات المتحدة: ((لا أقرأ مطالبك ولا بحثك، ولكن اجلب لي عشرة آلاف متظاهر أستمع لك وأحقق ما تريد)). 
فالشعوب هي التي تصنع رفاهيتها وتحسن معيشتها، والانتخابات جزء من الحل، وهناك شعوب انتخبت حكومة معينة ثم تظاهرت عليها وأسقطتها، وفي المثل الشائع المال المسروق يعلم الناس السرقة، وفي مثل آخر: ((الجدار العالي يصنع الجار الصالح)). وكذلك يمكننا أن نقول الشعب اليقظ هو الذي يصنع الحكومات المخلصة.. والحكومة المخلصة لا تستطيع أن تعمل شيئاً إذا كان الشعب كسولاً.
وشعوب العالم بأجمعها لم تحظ بسياسيين مخلصين كما لا ندعي أنها تخلوا منهم، ولكن الرفاهية والأداء الجيد للحكومات تكون في الشعوب اليقظة التي تتابع وتهتم بأمورها ومصائرها، ولا تغرم كثيراً بالحكام كما لا تلعنهم وتقاطعهم، فإنهم قد تخلو عن انتظار الأبطال يوم اختاروا نظام فصل السلطات.. وقد اعتمدوا على أنفسهم لصناعة ثقافة احترام حقوق الإنسان والحيوان والبيئة والولاء لبلادهم والبناء لأجلها ونكران الذات أمام المجتمع.. ونحن نمتلك مقومات كل ذلك ولا نحتاج إلى دفعة تستثير الكامن من قوانا..
 
فعلينا أن نذهب للانتخابات لا مغرمين بهذا وذاك ولا متعلقين بوعود خيالية ومصالح شخصية يمنينا بها هذا أو ذاك.
بل نذهب ونحن نمتلك تجربة سابقة ونستعد للتصحيح متى تطلب الأمر ونتفاءل، فإن المصير بيد الرب، والخاتمة الحسنة في نهاية التأريخ نعرفها جيداً وهي أن تمتلئ البلاد قسطاً وعدلاً مهما تعثرنا بأذيالنا في مفترقات الزمان. 
 
ولا نقعد متشائمين من هذا وذاك..فإن دماء الأبرياء التي سفكت على هذه الأرض بعين السماء ولن يخذل الرب المساكين والأرامل والأيتام وهو يوصي بالرفق بهم والمسح على رؤوسهم.. فهو أمل الجميع ونعم الوكيل، وقد أمرنا الرب بالعمل والسعي وإصلاح الأمور وتغيير الأشياء السيئة فإن الأمور التي يحصل عليها الإنسان بدمه وجهده سيحتفظ بها ويعتني بها بخلاف الأمور التي يحصل عليها بسهولة وبالمجان، تماماً كما يضيّع الإنسان المدلل ثروة والده في الملذات بينما يحافظ العصامي على ثروته وأمواله وينميها، وقد تعرض بنو إسرائيل للتيه ولم تكن لهم العزيمة لبناء دولتهم بأنفسهم ربما لأنهم تعودوا أن تتدخل السماء لإنقاذهم كما أنقذهم الرب من فرعون، فقالوا لموسى حين أمرهم بدخول الأرض المقدس: (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) فتطلبت الحكمة أن يتيهون في الأرض أربعين سنة، ثم لم يؤذن لهم بدخول الأرض المقدسة حتى عزموا على القتال مع طالوت وداوود فحصلوا على دولة منيعة امتدت لفترة طويلة من الزمان.
 
فنحن نتفاءل بالمستقبل لأن في نهايته القائم والمسيح، ولأن الأمور بيد الله، ونحن يجب أن نعمل على تحسين الأمور لأن الله أمرنا بذلك وشرط التغيير بالعزم فإنه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. وكما قال في الكتاب المقدس : مزقوا قلوبكم لا ثيابكم ، وارجعوا إلى الرب إلهكم لأنهُ رؤوف رحيم بطيء الغضب وكثير الرّأفة . 
ونحن نضمد جراحنا وآلامنا ونكتم دموعنا ولا نبكي علناً؛ إذا كان في ذلك صلاح الدين والدنيا.
ونقول كما قال الشاعر السياب:
في كل قطرة من المطر..
خضراء أو صفراء من أجنة الزهَر..
وكل دمعة من الجياع والعراة..
وكل قطرة تراق من دم العبيد..
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسم جديد. 
أو حلمةٌ تورَّدتْ على فم الوليدْ.
في عالم الغد الفتيّ واهب الحياة.حياة.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=45560
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 04 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28