• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العقل الروثي .
                          • الكاتب : بوقفة رؤوف .

العقل الروثي

﴿أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ   ﴾ الأعراف (179)
 
العقل الروثي , عقل لا يؤمن بالقيم ولا بالمبادئ , إلا ما وافق هواه وخدم مصلحته الضيقة التي يغذيها أناه المتضخم في ذل وخنوع ,فهو عقل رضائي يرضى بأي شيء , ليس له حلم ولا طموح ولا أمل ولا يتحرك إلا لإشباع شهوته وهو بهذا عقل تبسيطي يبسط الأمور ويضعها كلها في خانة العادي , تتساوى عنده الظواهر والأحداث فهو لا رأي له يعيش وفق ثلاثية  ( مثل بعضه, لا فرق , عادي ) 
هل تشرب قهوة أم شاي؟ يجيبك عادي مثل بعضه لا فرق
 هل ترى يحكمنا فلان أم علان؟ يجيبك عادي مثل بعضهما لا فرق بينهما 
هل ترغب ابنك حين يكبر يصبح طبيب ام مهندس؟ يجيبك مثل بعضهما المهم وظيفة لا فرق عادي
وهو بهذا عقل يحمل موروث انهزامي, انبطاحي , استسلامي , يغطي عجزه وخنوعه وخضوعه بعبارة إيمانية هي للكفر اقرب للايمان (مكتوب) 
يتبعها بعبارة أخرى دفاعية في حالة مطالبته بالتغيير , بالإصلاح , بأن يكون فرد عنده قيمة اجتماعية   فيجيبك : ( ما الفائدة ) 
فان كان العقل الحضاري يفعل الفرد ويعطيه قيمة اجتماعية , فان العقل الروثي يعطل الفعالية الفردية كقيمة اجتماعية ليحول  المجتمع الى قطيع , يتحرك وفق المجموعة لكن ليس للصالح العام للمجموعة بل للصالح الذاتي للفردانية , فان كان المجتمع كتنظيم بشري يهدف للحفاظ على مصالحه الحالية والمستقبلية ويحمي نفسه من التهديدات الداخلية والخارجية على السواء , فان القطيع همه الماء و الكلأ  ولا يهم ان أكلت السباع والضباع البعض منه فذلك أمر عادي ومكتوب قد كتب وقدر قد وقع
و العقل الروثي لا يرى الجمال كقيمة أو مبدأ في الحياة , فالجمال عنده محصور في أمرين في مصلحته الذاتية فكل ما يريده يراه جميلا وفي كل ما يثير شهوته, فهو عقل جمع بين الأنانية والبهيمية 
وهو فكر خامل لا يحلل ولا يفسر ولا يفكك ولا يركب , يبتعد عن كل ما فيه نظر وتأمل يغلق باب الاجتهاد ويجعل فهم من سبقنا هو الفهم الصحيح والأصوب ويكاد يجعله الأوحد لأنهم كانوا للوحي أقرب ويكاد يصيح ويقول : كما أن  الوحي انقطع بوفاة الرسول  فكذلك الفهم توقف مع سلف الأمة , فالفهم للاسلام فهمهم والتفسير تفسيرهم والشرح شرحهم , فلا حاجة لنا للتفكير ولا للتدبير ولا للنظر ولا للتحقيق ولا للتأويل
والعقل الروثي عقل مرغوب من دوائر الاستكبار العالمية باعتباره كتاب جميع أوراقه بيضاء يكتب فيها المستدمر ما يشاء , فهو عجينة لينة  يسهل تشكيلها في الشكل الذي يريد دون جهد ولا وقت فهو الوقود البشري للصرح المادي الغربي , يقوم بأعمال السخرة بتعبد وهو يردد بينه وبين نفسه :" لهم الدنيا ولنا الآخرة "
بينما العقل الحضاري , عقل تنافسي ريادي , ينظر ويتدبر ويدقق ويحقق ويحلل ويفكك ويرتب ويركب , ينطلق من التشكك  ليصل للحقيقة, على يقين انه ان لم يعش جنته في الدنيا فانه لن يعشها في الاخرة , عقل خيري يبني ولا يهدم , ايجابي ليس بالسلبي اختار أن يكون اليد العليا أو لا يكون وأختار ايمان القوة الممزوجة بقوة الايمان 
يرى جمال الخالق تجلى في مخلوقيته كلها فقدر الجمال , ورأى حب الخالق تخلل الحياة , فكانت الحياة في يده القوية و ما كانت في قلبه , هو نحلة بشرية تعمل في جماعة مهيكلة منظمة لتنتج للإنسانية جمعاء  عسل مصفى مختلف ألوانه وطعمه ليكون غذاء وشفاء دون مقابل و جزاء يعرف انه مطالب بالقراءة ثم العمل وأن رسالته السامية تتلخص في إعادة الإنسانية المنسية للبشرية غير السعيدة .  



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=45326
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 04 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29