• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تفسير حديث ((لولاك ما خلقت الأفلاك ولولا عليّ لما خلقتك ولولا فاطمة لما خلقتكما جميعا))ً .
                          • الكاتب : مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله) .

تفسير حديث ((لولاك ما خلقت الأفلاك ولولا عليّ لما خلقتك ولولا فاطمة لما خلقتكما جميعا))ً

ما ورد في الحديث القدسي:”لولاك ما خلقت الأفلاك ولولا عليّ لما خلقتك ولولا فاطمة لما خلقتكما جميعاً”
 
ولتفسير الحديث ثلاثة أوجه:
 
الأول: الوجه الكلامي:
وليس هنا معنى الحديث ـ كما قد يتوهّم في باديء النظر ـ هو أفضلية علي أو فاطمة(عليهما السلام)، بل الرسول(صلى الله عليه وآله) أفضل الكائنات وسيد البرايا (فدنى فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى) دنواً واقتراباً من العليّ الأعلى، وقال عليّ(عليه السلام) “أنا عبد من عبيد محمد(صلى الله عليه وآله)” أي المأمورين بطاعته(صلى الله عليه وآله). بل مفاده نظير ما رواه الفريقين عن النبي(صلى الله عليه وآله) “عليّ منّي وأنا من عليّ” و”حسين منّي وأنا من حسين” وهو يحتمل أوجه من المعاني منها: انّ الغرض والغاية من خلق بدن الرسول(صلى الله عليه وآله) في النشأة الدنيوية وابتعاثه لا يكتمل إلا بالدور الذي يقوم به عليّ وفاطمة (عليهما السلام)من أعباء اقامة الدين وايضاح طريق الهداية، نظير قوله تعالى النازل في أيام غدير خم يوم تنصيب النبي(صلى الله عليه وآله) عليّاً(عليه السلام) إماماً (يا أيّها الرسول بلّغ ما أنزل اليك من ربّك وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته واللّه يعصمك من الناس إن اللّه لا يهدي القوم الكافرين)فقد جعل تبليغ الرسالة مرهوناً بنصب عليّاً إماماً ليقوم بالدور الذي يلي النبي(صلى الله عليه وآله) وكذا قوله تعالى (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) وهو أيضاً نزل في أيام غدير خم فرضى الرب بالدين مشروط بما أقيم في ذلك اليوم حيث يئس الكفار من إزالة الدين الاسلامي والقضاء عليه، لأن القيم على الدين وحفظه لن ينقطع بموت النبي(صلى الله عليه وآله) بل باق ما بقيت الدنيا.
 
ونظير قوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)فجعل الرسالة في كفّة ومودة الرسول(صلى الله عليه وآله) في كفّة معادلة وقال تعالى (ما سئلتكم من أجر فهو لكم)و(ما أسئلكم عليه من أجر إلا من شاء أن يتّخذ إلى ربّه سبيلاً)
فكانوا هم السبيل اليه تعالى والمسلك إلى رضوانه وانّ الدور الذي قامت به فاطمة(عليها السلام)من ايضاح محجة الحق وطريق الهداية في وقت عمّت الفتنة المسلمين ولم يكن من قالع لظلمتها ودافع للشبه إلا موقف الصديقة الطاهرة(عليه السلام) فقد كان ولايزال حاسماً وبصيرة لكلّ المسلمين ولكل الأجيال. اذ هي التي نزلت في حقّها آية التطهير والدهر وهي أمّ أبيها، اذ الأمومة للرسول(صلى الله عليه وآله) وهو مقام لا يقاس به الأمومة للمسلمين، وهي روح النبي(صلى الله عليه وآله) الذي بين جنبيه، فكل هذه الآيات والأحاديث النبويّة لم تزل حيّة وغضّة في آذان المسلمين.
 
وهذا المعنى للحديث حينئذ يقرب من مفاد قوله تعالى (ما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون) أي ليعرفون ثم يعبدون وذلك بوساطة هداية الرسول والدين الحنيف باقامة الائمة(عليهم السلام) له بعده(صلى الله عليه وآله).
 
الثاني: الوجه الفلسفي:
قد حرر في علم المعقول تعدد الغاية، فمنها غاية نهائية ومنها غايات متوسطة، كما قد حرر أنّ العلل الغائية تكون بحسب مقام متعاكسة بحسب مقام آخر، ولنمثل بذلك مثال يوضح هذا الأمر، فقد يقول القائل: انّي أذهب إلى المدرسة لكي أتعلّم، وانّي اتعلم لكي أحصل على الشهادة العليا، كما يصح من هذا القائل قوله لولا ذهابي للمدرسة لما تعلّمت ولولا تعلّمي لما حصلت على الشهادة العليا، كما يصح منه القول: لولا الرغبة للحصول على الشهادة العليا لما تعلّمت ولما ذهبت إلى المدرسة، فالحاصل من قول هذا القائل ليس مفاده أفضلية الذهاب إلى المدرسة من التعلم، ولا أفضلية التعلم من الدرجة العلمية الفائقة في حصول الشهادة، بل هذا التعليل هو بيان لدور وتأثير الغايات المتوسطة من دون أن يعني ذلك كونها غايات نهائية.
 
فما يوهمه ظاهر هذا الحديث من كون فاطمة(عليها السلام) علّة غائية نهائية وراء النبي(صلى الله عليه وآله) ليس بمراد، بل حاصل ما يعنيه أنّها(عليها السلام) من الوسائط التي بمثابة غايات شريفة تتلو الغاية النهائية في المقام.
 
الثالث: الوجه العرفاني
ومحصّله هو التنويه بالذات النورية للخمسة اصحاب الكساء، وأن بذواتهم النورية اشتّق اللّه خلق بقية المخلوقات وهو نظير ما ورد بروايات الفريقين، “أول ما خلق اللّه نور نبيّك يا جابر” وفي رواية اخرى العقل، وفي لسان القرآن الماء لقوله تعالى: (وخلقنا من الماء كلّ شيء حي) فهو نظير الروايات الواردة في اشتقاق النور، وقد أسند اللفظ في صدر هذه الرواية، وجُعل الشرط في الشرطية الأولى ذات النبي(صلى الله عليه وآله)الشريفة لا خلقته، والمراد بها ذاته النورية التي هي من عالم الأمر أي المخلوقة بالمعنى الأعم لا المعنى الأخص كما يشير إلى ذلك قوله تعالى (له الأمر وله الخلق) وقوله تعالى (انّما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء واليه ترجعون)فالمخلوقات على قسمين من عالم الأنوار ومن عالم التراب والمادة الغليظة وهي النشأة الدنياوية.
 
ففي الشرطية الأولى جعلت ذاته النورية واسطة لفيض خلق الأفلاك، وفي الشرطية الثانية جعلت ذات علي النورية واسطة فيض لخلق البدن الجسدي للنبي(صلى الله عليه وآله) وفي الشرطية الثالثة جعلت ذات فاطمة النورية واسطة فيض لخلق بدن النبي(صلى الله عليه وآله) وبدن الوصي. فمع الدقّة والتأمّل في ظرافة التعبير حيث لم يُسند في الشرطية الثانية ولا الأولى ولا الثالثة، ولم يُجعل الشرط في كل منها خلق الثلاثة الأطهار بل جعل ذواتهم النورية، وجعل الجزاء في الشرطيات الثلاث الخلق، فليس التعبير “لولا خلقك لما خلقت الافلاك ولولا علي لما كنت ولولا خلق فاطمة لما خلقتكما” والمغزى في اسلوب هذا الحديث المثير للوهم، هو التنبيه على مقامات فاطمة(عليها السلام) وأنّها تلو النبي(صلى الله عليه وآله) والوصي عليهما صلوات اللّه، دون سائر الأنبياء والمرسلين كما تقدم إيضاحه فيما سبق.
فالمحصّل انّ أول المخلوقات نور النبي(صلى الله عليه وآله) ثم نور علي(عليه السلام)ثم نور فاطمة(عليها السلام) ثم بقية الأنوار ثم بقية عوالم ونشأت الخلقة التي تتضمن الأبدان الشريفة للمعصومين، فنور علي وفاطمة يتوسط بين نور النبي(صلى الله عليه وآله) والاجساد الشريفة في تسلسل عوالم الخلقة، وهذا هو المراد من قولنا انّ نور علي وفاطمة(عليهما السلام) واسطة فيض لخلق بدن النبي(صلى الله وآله)الشريفة لا خلقته، والمراد بها ذاته النورية التي هي من عالم الأمر أي المخلوقة بالمعنى الأعم لا المعنى الأخص كما يشير إلى ذلك قوله تعالى (له الأمر وله الخلق) وقوله تعالى (انّما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء واليه ترجعون)فالمخلوقات على قسمين من عالم الأنوار ومن عالم التراب والمادة الغليظة وهي النشأة الدنياوية.
 
ففي الشرطية الأولى جعلت ذاته النورية واسطة لفيض خلق الأفلاك، وفي الشرطية الثانية جعلت ذات علي النورية واسطة فيض لخلق البدن الجسدي للنبي(صلى الله عليه وآله) وفي الشرطية الثالثة جعلت ذات فاطمة النورية واسطة فيض لخلق بدن النبي(صلى الله عليه وآله) وبدن الوصي. فمع الدقّة والتأمّل في ظرافة التعبير حيث لم يُسند في الشرطية الثانية ولا الأولى ولا الثالثة، ولم يُجعل الشرط في كل منها خلق الثلاثة الأطهار بل جعل ذواتهم النورية، وجعل الجزاء في الشرطيات الثلاث الخلق، فليس التعبير “لولا خلقك لما خلقت الاهفلاك ولولا علي لما كنت ولولا خلق فاطمة لما خلقتكما” والمغزى في اسلوب هذا الحديث المثير للوهم، هو التنبيه على مقامات فاطمة(عليها السلام) وأنّها تلو النبي(صلى الله عليه وآله) والوصي عليهما صلوات اللّه، دون سائر الأنبياء والمرسلين كما تقدم إيضاحه فيما سبق.
فالمحصّل انّ أول المخلوقات نور النبي(صلى الله عليه وآله) ثم نور علي(عليه السلام)ثم نور فاطمة(عليها السلام) ثم بقية الأنوار ثم بقية عوالم ونشأت الخلقة التي تتضمن الأبدان الشريفة للمعصومين، فنور علي وفاطمة يتوسط بين نور النبي(صلى الله عليه وآله) والاجساد الشريفة في تسلسل عوالم الخلقة، وهذا هو المراد من قولنا انّ نور علي وفاطمة(عليهما السلام) واسطة فيض لخلق بدن النبي(صلى الله كما انّ نور فاطمة(عليها السلام) واسطة لخلق بدنهما.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=45320
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 04 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18