• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : معنى الغيبة .
                          • الكاتب : مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله) .

معنى الغيبة

 عندما نقول الغيبة مقابل الظهور يعني أن في فترة الغيبة لا بدَّ أن تكون جميع عناصر جهاز الإمام غير ظاهرة أي سرية مخفية فلا نغلو في معنى الغيبة وانقطاع النيابة الخاصة, فلا يأتي متقمص مُنتحل كذاب دجال مزور ذو ألاعيب يدعي التمثيل الرسمي للإمام وأنه من شبكته الأمنية أو جهازه التدبيري أو غير ذلك, فإنّ ذلك ينافي الغيبة ويخالف السرية والخفاء، إذ لا نتصور أنه عنصر أمني إلهي وليس أمناً بشرياً ويكشف السر الإلهي إذ كونه من جهاز الإمام السري سراً إلهياً وأن كشفه أوّل الدجل والكذب, فإنّ هؤلاء الأوتاد أو الأبدال ونحوهم لو شم منهم رائحة النشاط الإلهي العلني أتاهم عزرائيل وأطلق عليهم رصاصة الموت, أي نزع أرواحهم, فالتاريخ يحدّثنا عن كثير من الأوتاد والأبدال فما أن حصلت نوع من الريبة حوله يأتيه الأجل بسرعة, لم ذلك؟ لأن ذلك تصفية وهي مطلوبة وحالة طبيعية في طبيعة النظام الأمني, فأيّ عنصر يبرز ويظهر لا بدَّ من تصفيته, لذا فالذي يدعي أنه من جهاز الإمام أو له تمثيل رسمي من الإمام ونحو ذلك فهو أوّل الدجل لمخالفته السرية إذ لا يتصور الخفاء مع العلن.

 
فمع أن للإمام دوائر وشعباً إدارية مختلفة وجهاز عمل وتدبير كامل عجزت الدول العظمى كالعبّاسية والأموية عن اكتشاف فردٍ أو عنصر منه لأن مقتضى عمله السرية.
 
وهكذا النبي موسى عليه السلام عندما أراد أن يلتقي مع الخضر فلما كان الخضر من عناصر هذه الشبكة السرية لم يلتق به في البيت الفلاني أو المكان الفلاني أي لم يكن موعده معه موعداً وفق الموازين المتعارفة وإنما أعطاه الله شفرتين لمعرفته ذكرت شفرة في القرآن وذكرت الأخرى في الروايات, فالأولى: ((فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً * قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً * قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً)) فالعلامة أن يضيع منه السمك فالله تعالى قال لموسى عليه السلام إذا ضاع منك السمك ستلقى العنصر الإلهي في الشبكة الخفية.
 
والعلامة الثانية أن ذلك العنصر يكون مستلقياً ومغطى بلحاف والنبي عليه السلام لما وجد هاتين العلامتين المنحصرتين رأى الخضر فقال: ((هَلْ أَتَّبِعُكَ)) وبدأت القصة.
 
فموسى عليه السلام نبي من أولي العزم لم يستأمنه الله إلاّ مع إعمال تلك الدقة الأمنية الاستتارية لأن الخضر كان في ضمن شبكة أمنية خطيرة مخفية وهذه القضايا الأمنية الخطيرة هي سر الله التي عجزت عنه الدول العظمى فلم يتمكنوا من اختراقها لشدة نظمها وخفائها وصعوبة تدبيرها.
 
وقد تقدم وبيّنا أن كل ذلك من الخضر لم يكن ليتجاوز الضوابط والضروريات واعتراض النبي موسى عليه السلام إنما هو لإعمال القواعد الرقابية.
فإذا كان الله لا يكشف أحد أفراد تلك الشبكة السرية لنبي من أولي العزم, بل وبعد ما عرفه ورافقه لم يستطع الاستمرار ((قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً)) أي انقطع الاتصال بين النبي وبين الخضر وعادت السرية التامة, فإذا كان ذلك مع موسى عليه السلام فكيف بآحاد الناس والعاديين منهم, فالقرآن الكريم يقول نبي من أولي عزم لم يعرف فرداً من الشبكة السرية إلاّ بشفرتين ولم تدم مرافقتهما وانقطع الاتصال وعادت السرية, فكيف نقبل ونتصور أن يأتي إنسان عادي وفرد بشري يدّعي أنه من الشبكة السرية, فلنتعظ ولنأخذ العبر والدروس من القرآن بأنه لا كشف للشبكة السرية فهي سر الله الأعظم ولا ننخدع بألاعيب وتفاهات المغرضين فإنّ أولئك دجالون مزورون مسيئون قال تعالى: ((ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ))(3) فمن يحاول الدخول من الدجالين على خط خطير وشبكة أمنية سرية أخفاها الله ويكون دخولكم بدعاوى باطلة مغرضة أولئك مصيرهم الهاوية ومنزلقات خطيرة عجيبة.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=44413
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 03 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29