• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب، ما له وما عليه .
                          • الكاتب : د . عبد الخالق حسين .

المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب، ما له وما عليه

في عشية عقد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في بغداد في يومي 12 و13 آذار الجاري)، دعاني مشكوراً الإعلامي المتميز السيد فلاح الفضلي في قناة الفيحاء الموقرة، لمناقشة الجوانب السلبية والإيجابية لهذا المؤتمر. إذ تساءل: 
هل الأزمة العراقية تحتاج إلى مؤتمرات؟ وهل سيتمخض المؤتمر عن نتائج تفيد الشعب العراقي؟ أليس الأجدى صرف هذه الأموال على فقراء العراق بدلاً من صرفها على مؤتمرات لا تجدي نفعاً؟ وفي جدول أعمال المؤتمر هناك نحو أربعين بحثاً، فهل بالإمكان إلقاء كل هذه البحوث ومناقشتها من قبل الحضور في غضون يومين؟...الخ
 
بإيجاز، أدون أدناه إجاباتي على هذه التساؤلات المشروعة كالآتي:
أولاً، أتفق مع الأستاذ الفضلي على الجوانب السلبية للمؤتمرات، وخاصة التكاليف المادية الباهظة لوفود من 56 دولة و12 منظمة عربية وعالمية وشخصيات وخبراء ومختصين، إضافة إلى إشغال قطاع واسع من الأجهزة الأمنية لتوفير الحماية لهم... الخ، ولكن هناك دائماً الوجه الآخر المشرق للقمر كما يقولون، إذ لا بد من جوانب إيجابية لهذا المؤتمر. 
 
في البدء، أود التنبيه إلى أنه ليس بإمكان حل مشكلة كبيرة ومعقدة كمشكلة الإرهاب بعصا سحرية وبهذا المؤتمر وحده، ولكن من المؤكد أن هكذا مؤتمر ضروري، وفي الاتجاه الصحيح ضمن العديد من الاجراءات الأخرى اللازمة لمواجهته. 
فأهمية هذا المؤتمر تكمن في البحث في أخطر وباء يهدد العراق والعالم أجمع، ألا وهو وباء الإرهاب المدعوم من أغنى دولتين في المنطقة وهما السعودية وقطر، إضافة إلى جهات سياسية وإعلامية في داخل العراق وخارجه، تتعاطف مع الإرهاب لأغراض سياسية وطائفية واقتصادية، ورغم أن هذه الدول والجهات تحارب الإرهاب في بلدانها، ولكنها تعتبره جهاداً مشروعاً في العراق، تحاول إضفاء شتى النعوت والصفات الإيجابية عليه وإظهاره بأنه حركات شعبية أو ثورات عشائرية لها مطالب مشروعة، وإلقاء اللوم على الحكومة العراقية المنتخبة وترديد تهمة "إقصاء وتهميش" العرب السنة وحرمانهم من حقهم في المشاركة العادلة بالحكم، وتزويق ودعم هذه الاتهامات بالتلاعب باللغة واستخدام حذلقات لفظية مضللة. 
 
فالإرهاب هو واحد وأيديولوجيته واحدة وغايته واحدة في كل مكان وهي السيطرة على السلطة بالقوة الغاشمة وإعادة الشعوب إلى الوراء لـ 14 قرناً، وإلغاء الديمقراطية والحداثة والحضارة، ولكن يتخذ الإرهابيون ذرائع وحجج مختلفة. ففي العراق يشنون حربهم بغطاء طائفي (سنة وشيعة)، وفي البلدان الأخرى مثل مصر وليبيا والجزائر والصومال ونايجريا ومالي وغيرها، حيث لا يوجد الإنقسام السني- الشيعي، فاخترعوا ذرائع وحجج أخرى. لذلك، فلو لم يكن في العراق الانقسام السني- الشيعي، وكذبة التهميش، لأوجدوا حججاً أخرى، إذ أنهم يقتلون المسيحيين والأيزيديين والصابئة، وهم ليسوا شيعة ولا علاقة لهم بتهميش السنة، ولا ينافسون أحداً في السلطة. فالإرهابيون لهم أجنداتهم التي هي أجندات الحكومات والجهات التي تمولهم وتدعمهم بالمال والسلاح والإعلام. وهناك دليل آخر على كذبة التهميش والصراع السني الشيعي، وهو اندلاع الاقتتال الشرس بين المنظمات الإرهابية نفسها في سوريا، بين داعش وجبهة النصرة والجبهة الإسلامية، والجيش السوري الحر، رغم أنهم جميعاً من المذهب السني وضد نظام بشار الأسد. 
 
كما ويمكن استخدام هذا المؤتمر لأغراض إعلامية لفضح الدول الراعية للإرهاب مثل السعودية وقطر. فقد صرح السيد نوري المالكي رئيس الوزراء، لفضائية فرنسية، أن لديه أدلة تثبت ضلوع السعودية وقطر في شن حرب الإرهاب على العراق، لذلك فالمطلوب منه توظيف هذا المؤتمر وعرض الأدلة على الوفود لفضح هذه الدول.
فدور السعودية في دعم الإرهاب بات معروفاً للقاصي والداني، إذ نتذكر تصريحات قائد القوات الأمريكية في العراق، ديفيد بترايوس قبل سنوات، حين قال أنه نحو 50% من الإرهابيين الأجانب و100% من الانتحاريين هم من السعودية.
وفائدة أخرى من المؤتمر، وهي الاستفادة من خبرات وفود الدول التي تعرضت للإرهاب، لطرح ما اكتسبوه من خبرات في مواجهته ودحره. يعني توفير فرصة للمسؤولين العراقيين للتعرف على كيف تعاملت حكومات هذه الدول مع الإرهاب، فهي فرصة للتعاون وتبادل الأفكار والخبرات. مثلاً الجزائر ومصر وسوريا ولبنان وليبيا، ودول افريقية أخرى مثل نايجيريا ومالي، ودول أوربية مثل بريطانيا وفرنسا واسبانبا، جميعها تعرضت وما زالت تتعرض للإرهاب، فمن المفيد الإطلاع على خبرات هؤلاء.
وكدليل على فائدة المؤتمر لفضح الحكومات الراعية للإرهاب هو تولي قياديين في كتلة العراقية وقيادي في كتلة متحدون مثل السيد أثيل النجيفي محافظ نينوى، للدفاع عن السعودية في الرد على تصريحات السيد المالكي عن دور السعودية في دعم الإرهاب في العراق.
كما وانبرى السيد اياد علاوي، زعيم كتلة العراقية مهمة الرد بالنيابة عن السعودية ايضا، إذ نقلت قناة العربية السعودية المؤتمر الصحفي لعلاوي كاملا ومباشرة، وقالت انه رد على اتهامات المالكي للسعودية بدعم الإرهاب في العراق. 
وكذلك طارق الهاشمي، الهارب من وجه العدالة، والمحكوم عليه بالإعدام لضلوعه في الإرهاب، صرح ضد عقد هذا المؤتمر الدولي في بغداد ودعا الدول العربية والإسلامية إلى عدم المشاركة فيه.
ولا ننسى أن قيادات كتلة العراقية دائما يطلبون الحكومة والبرلمان بإلغاء كل قانون يحارب الإرهاب في العراق. 
 
فمحاربة المؤتمر والتقليل من شأنه من قبل هؤلاء، أدلة على فائدته في محاربة الإرهاب، فلو كان المؤتمر بلا فائدة لما حاربته السعودية وقطر ومن يمثل مصالحهما في العراق من السياسيين العراقيين، من أمثال علاوي والنجيفي والهاشمي. وهذا يعني أيضاً، أن هؤلاء القادة السياسيين العراقيين حريصون على مصلحة السعودية وسمعتها أكثر من حرصهم على مصلحة العراق وشعبه. 
 
ومن كل ما تقدم، أرى أن المؤتمر يوفر للعراق مناسبة دولية جيدة لتحشيد الجهود والطاقات من أجل مواجهة الإرهاب، وفضح الدول التي ترعاه وتدعمه، خاصة وأن هذا المؤتمر مدعوم من الأمم المتحدة، والولايات المتحدة والوحدة الأوربية.
فالإرهاب ليس مشكلة عراقية فقط ، بل ومشكلة دولية تهدد الحضارة البشرية، لذا، فالحرب على الإرهاب هي الحرب العالمية الثالثة، تتطلب تضافر جهود دولية وبالأخص من الدول الكبرى لمواجهته ودحره.
ـــــــــــــــــــــــــ
رابط ذو علاقة
العالم معنا ضد الإرهاب، المالكي يفتتح مؤتمر بغداد اليوم بكلمة يدعو العالم فيها للتوحد في مواجهة التطرف
بغداد مقرا للأمانة العامة للمؤتمر الدولي لمكافحة الارهاب. اعتماد البيان الختامي وثيقة دولية تسمح بمعاقبة داعمي «داعش»
http://alakhbaar.org/home/2014/3/164447.html
المالكي: الارهاب امة واحدة على اختلاف مناطقه والعراق قدم تضحيات كبيرة في حربه ضد الارهاب
http://alakhbaar.org/home/2014/3/164477.html



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=43859
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 03 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28