• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : صناعة العقول .

صناعة العقول

قالوا قديما ان الانسان حيوان ناطق، والنطق هوالصفة البارزة لوجود القوة العاقلة، إذ لولا التعقل وربط الجزئي بالكلي ووضع المقدمات و......

 ما تمكّن الانسان من النطق، إذاً القوة المحركة للانسان بصورة عامة ، نحو الخير أو الشر، ((هي القوة العاقلة))، وهي التي تحدد مسير الانسان ، لذا كان من أهم أهداف بعثة الانبياء عليهم السلام تصحيح مسار هذه القوة إذ بصحة عملها يفوز الانسان، قال أمير المؤمنين عليه السلام في ضمن سرد وضائف الانبياء : (ليُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ)

واذا اردنا ان ننظر الى المسالة قرآنيا، فقوله تعالى:( قُلْ كُلّ يَعْمَل عَلَى شَاكِلَته)خير دليل على صحة ما نقول، إذ أن شاكلة الانسان (وهي المنظومة الفكرية التي يعتمد عليها في مجال تحديد مسيره الثقافي، والاجتماعي، والسياسي والاقتصادي و...  والتي تتكون بدورها من البيئة والاسرة والمجتمع وطريقة التعليم و...) لها الدور البارز الفريد في كيفية أعمال الانسان، فاذا اردنا تقييم الانسان أومعرفة منطلقاته الفكرية، لابد من الوقوف على شاكلته وكيفية بنائها وتكوينها، ومن خلالها يمكن معرفة طريقة عمله، وحتى امكان تغييره بالتلاعب في الروافد التي رسمت شاكلته، وهذا ما يعمله الغرب معنا اذ بعد وقوفه على شاكلة الفرد المسلم كلّ بحسبه الشيعي و السني والمذاهب المتفرعة منهما، وبعد معرفته على الروافد المعرفية التي ابتنت عليها هذه الشاكلة، اصبح من السهل عليه التلاعب بهذه الشاكلة وتغيير روافدها أو استبدالها بغيرها ،ومن ثم تكوين خلية مسلمة كبيرة تفكر كما يفكر الغربي وبالتالي لا يكون خطرا لها، أو ان لم يتمكن من تغيير شاكلته، يمكنة على الاقل معرفة ردود فعله امام الحوادث الثقافية أو العسكرية أو ...

من خلال الوقوف على روافد المعرفية، حيث يعلم الغر ب المستعمر أن الحدث الفلاني يحدث جرائه ردود فعل كذائية عند المسلمين أو عند الشيعة أو عند أي فرقة ومذهب اسلامي آخر،ولذا يمكنه وضع خطط مدروسة لغزونا ثقافيا وفكريا وبأقل كلفة.واذا اردنا التمثيل بمثال مادي محسوس نقول: ان صفة الكيبورد مثلا أو صفة الهاتف النقال فيها ازرار ولكل زر مهمة خاصة، فمثلا زر الـ(ok) يعني فتح الهاتف وزر (off) يعني الغلق  وكذا باقي الازرار حيث ربطها المهندس بمعانيها المخصصة لها وعند الضغط على أي زر أعطانا النتيجة المطلوبة.

فاذا جاء شخص وتلاعب بهذه البرمجة وغير روابطها فربط مثلا بزر الـ(ok) بالاغلاق وزر (off) بالفتح وهكذا باقي الازرار، لأصبحت النتيجة معكوسة حيث لم يصل الانسان إلى النتيجة  المتوخاة، نفس هذه العملية تجري داخل جسم الانسان ، حيث ان دماغ الانسان له روابط شبكية مع أعضاء الجسم، ويعطي ايعازات عند حالات مختلفة مثل البرد والحر والخوف والالم و... ومن خلالها تاتي ردود فعل اعضاء الجسم فلو تغيرت هذه الروابط في الدماغ لأصبحت النتيجة معكوسة، فمثلا بدلا من ان  يفر الانسان عند رؤية حيوان مفترس،يقبل عليه ليقبله، وكذلك بالنسبة إلى الشاكلة المعرفية والثقافية لدى الانسان حيث يمكن مسخ هوية الانسان من خلال تغيير الروافد المعرفية والفكرية لتكون النتيجة وتحديد مسيره بيد من تلاعب بهذه الشاكلة ويكون مصداقا لقوله عليه السلام (لبس الاسلام لبس الفرو مقلوباً) (فالصورة صورة انسان والقلب قلب حيوان) وهذا ما يصنعه الغرب معنا من خلال وسائل الاعلام والكتب والمجلات ونشرات الاخبار والافلام و....

العملية هنا ادق واصعب لأن مسخ الهوية وتغيير المفاهيم وصناعة العقول لا تحصل فجأة بل لها صلات متعددة مع الخلفيات التي يعتمد عليها كل انسان من بيئة وأسرة ومجتمع وتعليم و... فاذا اردنا تغيير الشاكلة فلابد من التأثير الهاديء والمستمر على هذه الاسس والخلفيات وانحراف مسيرها شيئا فشيئا ً نحو ما نريده ماذا صنع الغرب أو حاول ايجاده لتغيير وانحراف هذه الروافد والخلفيات التي تعمل بمثابة ازرار صفحة الموبايل في الانسان، كيف نغيره ونتلاعب فيها..؟!

لو اردنا أن نشير إلى اهم الروافد الفكرية المعرفية والاجتماعية التي تبني شخصية الانسان وهويته وتساهم في صناعة عقله وشاكلته لأمكننا الاشارة إلى: الاسرة، البيئة،التربية، والتعليم، وسائل الاعلام، فضائيات، صحف مجلات، مواقع الكترونية هذه أهم الامور في صناعة الانسان .فلننظر ماذا فعل الآخرون للسيطرة عليها ويتبعها التلاعب بكينونة الانسان وهويته علما بأن هناك تأثيرا وتأثراً متقابلا بين هذه الروافد التي ذكرناها إذ انه بعضها يؤثر في البعض الآخر سلباً وايجابا، كما هو الحال في وسائل الاعلام وما تتركه من تأثيرات بالغة على الفرد والمجتمع والاسرة والبيئة.

الروافد المعرفية لصناعة العقول

1-  الأسرة:- الأسرة المتماسكة التي بنيت على المحبة والاحترام المتقابل، تعتبر المحطة الأولى لصناعة الانسان وتربيته، وقد عمدت الحداثة وما افرزته من حريات سلبية إلى ضرب هذه المحطة حيث نرى أن المرأة لها الحرية الكاملة ولاتخضع لأي رقابة وقيمومة ويتبعها الاولاد ايضاً يمتلكون الحرية كاملة بمعزل عن تدخل الابوين، وستكون النتيجة بالمال تفسخ الاسرة وابتعادها عن وضيفتها الرئيسية في بناء الفرد والمجتمع .

2-   البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الانسان تؤثر على تكوين شخصيته ايضا فهذه البيئة لو تكونت من اسرة متفسخة الهوية والثقافة والخلق سوف لاتكون بيئة اجتماعية سليمة، و سوف لا تنتج بالمآل الانسان المعتدل الحكيم .

3-  التربية والتعليم وهي المحطة الثالثة والرئيسة في تكوين وحدة الانسان، وبها يزدهر الفرد والمجتمع، فالحداثة على الرغم ما انتجت من تقدم علمي تقني، ولكن ابتعدت كثيراً في هذا المجال عن الدور الانساني والايماني في حياة الفرد والمجتمع .

4-  اما وسائل الاعلام فأمرها اوضح من غيرها مع ما تمتلك من قدره على مسخ العقول وتغيير الهوية سيما ما تستخدمه من قوى شيطانية) :الجنس والخشونة ) لنيل مآربها.

 

هذه الروافد المعرفية للأنسان والتي لها التأثير البالغ في صناعة شاكلته وهويته، قد لعب الغرب دوراً بارزا في الاستحواذ عليها، فما نراه اليوم من تخلف وفساد وتقهقر انساني على مستوى الفرد والمجتمع ناتج من هذا، ومن اراد الاصلاح عليه ان يقوم بإصلاح هذه الروافد وارجاعها إلى نصابها المطلوب ليصلح من خلالها الفرد والمجتمع 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=43462
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 03 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28