• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : رسالة مفتوحة الى السيد محافظ ديالى الجديد .
                          • الكاتب : جواد كاظم الخالصي .

رسالة مفتوحة الى السيد محافظ ديالى الجديد

خالص التحية والاحترام
وأنا اكتب هذه السطور اليك لن تستوقفني كل الميول والاتجاهات التي نعاني منها اليوم في العراق ، فلا يهمني الى أي كتلة سياسية تنتمي أو الى أي مذهب تنتمي أو الى أي فكر تنتمي ، ما يهمني هو وطنيتك وإخلاصك لمحافظتك التي تربيت فيها وترعرعت صغيرا وانت تكبر مع أشجار حمضياتها وتنام على ضفاف أنهارها الوادعة وربما لن تنسى أيام مطالعتك الدراسية وأنت تحاول ان تظفر بالنجاح وتحصل على مستقبل زاهر من اجل نفسك وأهلك وأصدقائك وكذلك من اجل محافظتك ديالى مدينة السلام والوئام التي تعاني طيلة السنوات الماضية من ضيم الارهاب والموت المجاني الذي يقتل كل صباحاتها الجميلة ليشم الناس رائحة البارود والموت المفاجئ والدماء التي تسيل على أرصفتها ، فتلك المحافظة لم تحظى طيلة السنوات الماضية بمحافظ لها يتمكن من تقويم وضعها على كل المستويات وان كانت الخدمات المقدمة فيها خجولة جدا وتكاد تكون معدومة بسبب الميول السياسية لكل من تصدى لهذا المنصب فأتمنى ان لا تكون ميولك واتجاهاتك ان كانت موجودة لهذا الطرف أو ذاك مؤثرة في مهنيتك ، فما عرفته عنك من خلال تواصلي هاتفيا مع عدد من وجوه المحافظة الكثير من الحرص والاخلاص وحب النجاح وهذا ما شجعني الى كتابة تلك السطور .
لأنني ومن مكان غربتي وبُعْدي عن الوطن استقصيت عن مشروعك الوطني في تلك المحافظة التي كانت اشجار البرتقال تضحك فيها ليلا نهارا فوجدت ان إصرارك وإقدامك يوحي " وان كان نظريا اليوم" بأن تكون السنين القادمة غرة نهوض مدينة الحمضيات ونخيلها الزاهي وهو يرفرف بسعفه على مروج ضفاف نهر ديالى العزيز . 
وأنا أتأمل نهر التايمز في وسط لندن لا أرى على مرمى النظر بأن بساتينًا تتدلى أشجارها على ضفافه لكنه فسحة من الأمل وواحة غنّاء تبعث على الطمأنينة والحب والأمان وأنت تتأمّل ، وهنا شدني الحنين الى نهر ديالى تأملته وهو يقسم بعقوبة ضفتين كما نهر التايمز يقسم لندن الى ضفتين لكن هاتين الضفتين ينعمان بالامن والامان وبعقوبة تسيل دموع بكائها في نهرها الحزين وتلتحف الخوف بصمت وأنين !! ومع ذلك تذكرت  أيامه الجميلة وهو يحتضن أبناء المحافظة وغيرها بكازينوهات ومطاعم على امتداده المنبطح تحت غابات البساتين وشناشيل أشجارها التي تتدلى علينا في ساعات الصفاء والود الذي يجمع كل العوائل والأحبة والأصدقاء ، فهل ياترى تعود تلك الأمنيات الى نهر يحتضر ويريد ان يموت موتا بطيئا .
صدقني وانا اكتب اليك هذه الرسالة ليس بَطرا ولا فلسفة فرُبّ قائل يقول أنا اكتب في راحة تامة بعيدا عن صوت المفخخات والقتل والارهاب اليومي والدمار في البنية وسوء الخدمات والفساد المستشري ،، كل تلك المفرقعات؟ لا ولن تكن في بالي هذه اللحظات أو ان أتصنع الكلام أو أطرح فلسفة لمن لا يوجد لديه رغيف الخبز او لم يتذوق طعم اللحوم لأشهر ولكن هي حسرة في نفسي أن أرى العراق كل العراق وبالذات محافظتي العزيزة ديالى وأزقة احياءها ومناطقها بأروع ما تزهو به مدن العالم ،، فعلى مدى أكثر من خمس وعشرين عاما في غربتي وأنا الف العالم من دولة الى أخرى فأقول لماذا لا نكون مثل هؤلاء طالما كلنا نتشابه كبشر في واحة الانسانية ، أنا أقول لك عزيزي المحافظ المحترم (المهندس عامر المجمعي) إن اوجه الاختلاف بيننا وبين شعوب هذه الدول هو الاعتقاد والمنهج الفكري  الذي يعتبر أصعب التحديات التي نواجهها اليوم في العراق وما وصولنا الى ما نحن عليه اليوم هو بسبب الفكر المتحجر الذي اصبح دخيلا علينا والعابر الينا من خارج الحدود فهو من يدمر الجهد ويجعل هذا المسؤول وغيره يُرخي قامته انحناءً لأجندات غريبة علينا لنصل اليوم الى حافة الدمار بتلك البنية المتهرئة والنافقة من الخدمات والمعانات الكبيرة لأبناء ديالى الكرام ، فالمحسوبيات إن أخذتنا وسلكنا دروبها سوف لن نتمكن من الحل وسيبقى هذا السرطان المتمثل بالارهاب ماثلا لحياة الناس ولن تنكشف البسمة عن وجوههم وسيبقى الانطواء سيد الموقف ، لكنني أتوسم مستقبلا واعدا على ضوء ما تحدّثَ به السيد المحافظ خلال مراسم تنصيبه  مخاطبا ابناء المحافظة بالقول بأن "موعده معهم في الحقول والمعامل والمشاريع وليس عبر شاشات الفضائيات او الفيس بوك" ، وهذا ما نريده منك بالفعل لأن اغلب السياسيين اليوم هم أبطال الشاشات الفضائية يبيعون المواقف من خلالها ويبدون ولاءاتهم العمياء لجهة سياسية او دينية لذلك نحن نتراجع والزمن يمضي والتاريخ يدوّن ،، أتمنى على السيد المحافظ أن يعمد الى جعل فترة توليه المسؤولية تكتبها أقلاما ذهبية وليست حجرية سوداء فالأيام تتقادم والحياة تسير ولن تتوقف مطلقا والسعيد من خدم اهله وناسه ليكتنز مكانة في قلوبهم بعيد عن كل العناوين الضيقة لأننا نريد ان تعود ديالى كما كانت رائدة التسامح والمحبة بين ابناءها وواسعة الصدر وصاحبة الترحاب لباقي ابناء العراق.
انها رسالة محبة وحنين وشوق الى الايام الخوالي لتلك المحافظة بطيبتها ومودتها من أحد أبناءها المغتربين لعشرات السنين وهي ليست رسالة عتاب او تنكيل بأحد أو اتهام للمرحلة القادمة  مع انتقادي وتحميلي المسؤولية لكل من سبق له وان تصدّى الى مركز القرار وفشل بسبب ولائه الخاطئ.



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=41876
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2014 / 01 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29