• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : من كلثوميات السّمر"الأطلال"..! .
                          • الكاتب : د . سمر مطير البستنجي .

من كلثوميات السّمر"الأطلال"..!

ليلي صبيانيّ الشّقاوة ..
والفجر خمسينيّ النضوج...
وأنا بينهما من الراسخين في الأوهام ..
قد أرّقني السَّعي بين طلاسم الحظّ ومشيئة القدر..
وفتنة كلثوميّة حوليَ تَسعى بكواثر التمنّي وأقداح السَّمر ،وبذكرى أطلالنا الشائخات.

و..شاسعات الحيرة قد أنهكها تجنّي العتمة على قناديل الوصال..تلملم الضيّ المُراق شتاتا على قارعات العمر السَّحيق..
و.. الباقيات النحيلات مني تردّد أوراد الماضي نجوىً وغرام... ونافخات الصّبابة تبعثني من سَنا أيامي ذؤابة نارٍ حاتميّة التكاثر...وكلما قبّلتُ أطراف صَبري ارتدّ اليّ حالي وقد أرمد.

في غروبها كآبة تهدّل ملامح الشفق الأنيق.. وفي مسائِها تشتدّ نكبة التوق العجوز..¬وصباحاتها آيات نفور تتلو التجنّي على طِيب الندى وشقشة الطير واللحن الفيروزيّ الرقيق..وكلّها..!
كلها تفجّر فيّ رغبة العبور الى حيث هناك..هناك ..حيث أطلال المكان وفسحات ذيّاكَ الزمان...

فـــ يا هناك...!
خافت قصيد الدّم في شراييني ..متجلّط  بأكوام ولهٍ مستطير ..معقود بناصية الشَّتات، وبحديث كلثوميّ مكتظّ بكل ما قد خلا وكان وفات..
فكفّ يا ذاك اللحن المخادع عن استدعاء أحاسيسي الغارقة في الأزل..والتحالف مع قاتلي ؛الزمن الجميل .

غير ان فتنة اللحن السقيم تشتدّ وتشتدّ..
وتشتدّ تحت ذوائبه لواعجي سَعيرا ، تتلظّى تحت صوتها المدّاح ورضاب التلاحين ودبابيس الكلام...
وتجرجرُني كاهنة السَّهر...وتستحضِرني طقوسا من معجزات ..فأعمى عنّي إلاّها واللحن وأطلالنا الشاخِصات...وأنسى ذاتي إلاّها وأيامنا الخاليات..وأبقى خاوية الا من بقايا ورفات ،حيث رئة عنفواني مثقوبة الأنفاس منكوبة النشيد.

وكلثوم تُدرك ما الخبر..!
وتحتطبني.. تحتطبني لأطلالها سهادا ولأعوامها انبعاثا ولأشواقها آآآآهاً.
وتقتسمني..تقتسمني للسُكارى خمرا وعنبر ،وللعاشقين حلما وعبهر ، وللعطاشى سُقيا وكوثر،وللحزانى ملتجأ ومعبر..

و.. وأبقى !
تلك الموصولة بأطلالِنا كَبدا..على سهول الحنين قد افترشتُ اصفرار البقاء..وعلى رجع الصَّدى من أنفاس من رحلوا أتلوني صريرا وزمهرير شتاء..

فلّله يا ذاك العناء...!
فــكم من غناء قد وشى؟!
وكم من لحن قد قتل؟!
وكم من أصيل يستدرّ المساءات ذكرىً وعذاباتٍ أُخَر... ؟!

وسيدة الأطلال!
ما انفكّت تشدّ وثاقنا لداليةٍ من طلع الذكريات ،جذورها ضاربة في خلايا البقاء وآفاقها في علياء الشتات، تنقش بحنّاءٍ مستبدّ اللون خطوط الزمان والمكان طولاً وعرضا..تعزفنا على وتريّاتٍ مخادعة متهالكة كأنها الطينٍ المحموم....فتنطلق طيور الأيك المغرّدات في دمي ، ويتمرّدن الشجون ..ويتمنّعن صبايا الصبر عن الرأفة ...
والماضيات سُقيا عذاب...
والمبشّرات في إثرها سراب...
و بربريّ حضورها..!
ينفخ الريح الجسور في رحمي العقيم...فيتلوّى سَعيري بولادة متعسّرة وشيكة ،لوليد توقٍ استهلّ يبحث في شروقي عن مقامٍ له بين أشياء الضياع..وفي ضُحايَ عن"حبيب ساحر فيه عزّ ودلال وحياء" .. وفي غروبي عن أحلام الصبابة والمساء...ولا زلت انتظر نفحاً سماويا يهديني الخلاص ..

فــ يا فؤادي !
"لا تَسل أين الهوى "
ولا تبحث في وصالها عنه وعني...
فــ ما نفعه الشجن ما نفع التمنّي..؟
وما نفعه ان يؤرّخنا القصيد أغنيات...أو يسطرنا الغياب أحجياتٍ بعدما "عزّ اللقاء  ومضى كلّ الى غايته" وما فات فات؟!

فــ لتقرّي يا أنا بمشيئة القدر،ولتعلمي بأن " كل شيء بقضاء ما بأيدينا خلقنا ضعفاء"..
ولتسامحينا أيتها الأطلال النائحات ، المعلّقات بأكبادنا جوىً..
قد مضينا دون أن نشأ ، إنما الحق شاااء
"ان الحقّ شاااء"...
"ان الحقّ شااااااااااااااء".





 


كافة التعليقات (عدد : 2)


• (1) - كتب : د. سمر مطير البستنجي ، في 2014/01/10 .

الروعة هي متابعتكَ لأطروحات الخيال ولشطحات الروح أخي "المجروح"..
فدمتَ بهاءا...

• (2) - كتب : المجروع ، في 2014/01/09 .

كتاباتك في عايه الروعه.ننتظر المزيد



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=41042
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 12 / 31
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19