آلمني رحيل شاعر فذ ذي عبقرية رائعة في الشعر الشعبي إضافة إلى روح الطرافة والإنسانية التي اتسم بها والقدرة على ابتكار القصيدة بما يتلاءم والمواقف الطريفة مع كل الحوادث والشخصيات !! ولقد آلمني أكثر أن تكون مثل هذه القدرة العبقرية ضائعة في زمان لا يقدر فيه الا المتملقون من أنصاف المواهب وأنصاف الكتّاب في عالم استسهال الإبداع بشتى أشكاله ومواضيعه !! فالأستاذ والشاعر محمد رضا جبر عبقرية ضائعة وحلم شفاف ومحبة وصورة واقعية كشفت زيف الحياة الكاذبة ولذلك كان محط أنظار الفاهمين والعارفين بجوهر الحياة المتلبسة بألف قناع وقناع!! ومن الخطأ الفادح محاسبة المبدع على حياته الخاصة !! فذلك من شأنه الذي لا ينبغي التدخل فيه وينبغي الالتفات إلى عبقريته الشاعرية فقد كان أعظم شاعر في فن الهجاء وابتكار الصور الشعرية التي تذكرنا بابن الرومي وأبي نؤاس معا!! وكان في الحب عاشقا محروما !! فصور الحب والمحبوب أروع تصوير كما صور الحرمان الذي عانى منه في هذا الجانب لكن الناس لا تفهم إلا ظواهر الأمور وكان الشاعر طيبا إلى درجة مذهلة وكان سريع البديهية حتى لتعجب كيف استقامت له أسرار الشاعرية الملهمة بمقطوعات قصيرة بليغة تفي بالمعنى وتبتكر الصورة التي لا تخطر في بال إلا العباقرة !! ولكم حاولت أن اجمع شعره إلا انه لم يكن يعبأ بالأمر ربما لعدم قناعته بهذا العالم الغبي!! وربما ستسبب له القصائد إذا نشرت مشاكل مع من هجاهم ذات يوم !! وربما كان يريد أن يهرب من تدخلات الناس في شأنه الوجداني وأخيرا فان المنصف في النقد يثمّن هذه العبقرية في الشعر الشعبي ويدعو إلى تعانق القصيدة الفصيحة مع بلاغة اللغة الشعبية وأسرار أصحابها المبدعين ورحم الله من سعى إلى الحقيقة ولا شيء سوى الحقيقة والله المستعان على كل شيء.