• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : حياة يكسوها الألم .
                          • الكاتب : محمد المبارك .

حياة يكسوها الألم

كانت تجلس شاردة الذهن ، لا يعلم فيما تفكر رمقها بطرفه شعرت بوجوده ، رفعت طرفها إليه وقد تبسمت عندها أقترب منها حيث مقعدها في الركن الخلفي من حديقة المنزل ذلك المكان الذي وإن كان تملؤه الاشجار بجمالها والعصافير بزقزقتها إلا أنها تراه في عينيها لا يعدو ان يكون مكان يخنقها ، مكان يزيد من همها ولا يفك عنها فاقتها النفسية ، هكذا تشعر وهي تجلس وقد احتست كوب الشاي المنصوب أمامها.

بعد أن أتخذ لنفسه مكانا بقربها خاطبها ؛ يبدو أن الجو هنا يروق لكِ أليس كذلك؟ ولكنها لم تكترث لسؤاله كثيرا وأكتفت بالإيماء.

عندها أدرك أنها لا تزال في عالم آخر غير عالمه فحاول لفت حواسها الشاردة بطرقة خفيفة على الطاولة ليفوز بانتباهها ، عندها وبعدما أقبلت عليه بوجهها خاطبها مستغربا ؛ ما كل هذا الشرود..!!

أهو في العسل أم...؟؟

عندها تنهدت وتنفست الصعداء ، لتقول : بل في العذاب والألم ..!!، في التعاسة ، في ألم الحياة والرتابة المملة التي أعيشها ، بل من قال أنها حياة أصلا أنه سجن ولكنه بلا قضبان ، أنه حكم بالإعدام ينفذ في حقي كل يوم ، أين الراحة المزعومة التي تجمعني بهذا الرجل الذي لم أشعر معه يوما بالمودة ولم اتذوق معه طعما لها..!! أو أشتم رائحتها..!!

تقول ذلك وهي ترفع طرفها  لتجد ذلك الرجل يتسمر أمامها ؛ زوجها الذي لم يمهلها أن تواصل حديثها لأخيها ( عبدالله) الذي أحس أنه في موقف لا يحسد عليه .

خاطبها زوجها وصوته يعزف على أوتار الحزن والحشرجة ، أما أنا فقد ذقت منكِ كل جميل من طعم الحياة التي تكسوها اللذة !! من الاهتمام بي وبأطفالي!! وبشؤونكِ أنتِ داخل البيت!!

ما هي أفضالكِ علي ؟ هل هي الاهمال كل يوم في إعداد الطعام لي ولهم ؟ أم هل هي التأخر في الجلوس كل صباح ؟ أم هل هي عدم اهتمامك بتلك الطفلة في ملبسها وهندامها؟؟ فكلما زاد اهتمامكِ بهذه الطريقة زاد اهتمامي بكِ بنفس الطريقة وكما تدين تدان ؛ هنا وقفت لتقابله وجها لوجه لتقول : إذا بهذه الحسابات لن نلتقي أبدا.

ذهبت مهرولة لتنهزم من بين يديه وقد أشاحت بوجهها المكفهر عنه ، ناداها وهو واقف في مكانه .. إلى أين؟ أجابته وهي مستمرة في قطع طريقها إلى بوابة اللاعودة أني راحلة عنك وعن حياتك التي تحيطها الجحيم ، ليأتي منه الرد مدويا ، صدقيني  لن أأسف على هذا الرحيل..

تذهب لترتمي في أحضان أمها بعد عمر قد قضته بتعاستها في حياتها الزوجية بعد أن عاشتها تكسوها الآلام والأحزان.

وهكذا سقط عمود بيتها بعد أن سلمها زوجها ورقة النهاية..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=40135
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 12 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28