• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تاملات في القران الكريم ح169 سورة ابراهيم الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تاملات في القران الكريم ح169 سورة ابراهيم الشريفة

 

بسم الله الرحمن الرحيم
 
وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ{42} 
نستقرأ الاية الكريمة في موردين : 
1- ( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ) : لا يغفل الله تعالى عن ظلم الظالمين , ولا يهمل ظلامات المظلومين , فيستفاد من النص المبارك امرين : 
أ‌) وعيد للظالم . 
ب‌) تسلية للمظلوم . 
2- ( إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ) : يبين النص المبارك امرين : 
أ‌) تأخير عقاب الظالم الى يوم معلوم . 
ب‌) يبين ايضا شدة العذاب الذي سيحيق بهم ( لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ) من هول ما يروون في جهنم , فتبقى اعينهم مفتوحة , لا يمكنهم اغلاقها .     
 
مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء{43} 
تبين الاية الكريمة حال الظالمين ذلك اليوم في اربع حالات :  
1- ( مُهْطِعِينَ ) : مسرعين , او مقبلين بابصارهم بذلة " مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي " , ( والأهطاع الأقبال على الشيء ) "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .
2- ( مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ ) : رافعي رؤوسهم الى درجة ان احدهم لا يرى موطئ قدميه . 
3- ( لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ) : عيونهم مفتوحة , حيث لا طرف ولا اغلاق . 
4- ( وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ) : اي قلوبهم خالية من العقل والفهم والادراك , فرغت من كل محتواها لشدة الهول والفزع .   
 
وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ{44} 
توجه الاية الكريمة النبي الكريم (ص واله) ان ينذر ويخوف الناس ( وَأَنذِرِ النَّاسَ ) , خوفهم من يوم مجيء العذاب وحلوله عليهم ( يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ ) , عند ذاك يكتشف الظالمون انهم قد وقعوا في ما لا تحمد عقباه , ولا حيلة لهم الا ان يطلبوا ( فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ ) , اجلنا الى وقت نصلح فيه ما افسدنا , او ردنا الى الحياة الدنيا فنقوم بأمرين :         
1- ( نُّجِبْ دَعْوَتَكَ ) : نلبي دعوة الداعي الى التوحيد ( الرسل والانبياء "ع" ) . 
2- ( وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ) : ثم نتبعهم بالطاعة والتسليم بكل ما جاؤوا به .   
لكن الرد عليهم يأتي بشكل حاسم , مذكرا اياهم بادعاءاتهم ( أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ ) , لقد ادعوا فيما ادعوا ان لا حياة بعد الموت { وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ }الجاثية24 .        
 
وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ{45} 
تستكمل الاية الكريمة موضوع سابقتها الكريمة وتضيف الى دعواهم بعدم وجود حياة اخرى بعد الموت , ( وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ) , سكنتم في مساكن اهل الكفر والمعاصي , ( وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ ) , شاهدتم وسمعتم ما حدث لهم وما نزل بهم من العقاب بسبب كفرهم وجحودهم  , ( وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ ) , فلم تعتبروا وتعقلوا , لم تفقهوا ولم تدركوا , وكان حريا بكم ان تتعظوا بتجاربهم .      
 
وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ{46}
نستقرأ الاية الكريمة في ثلاثة موارد : 
1- ( وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ ) : لقد بذلوا قصارى جهودهم لابطال الحق وتقرير الباطل , فمكروا واحتالوا على الرسل والانبياء (ع) كما مكروا به (ص واله) فأرادوا قتله او منعه من نشر الدعوة الاسلامية , وحتى حجزه او تقييده واخراجه من البلد ( مكة ) .  
2- ( وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ ) : في النص المبارك عدة اراء : 
أ‌) الله عز وجل يعلم بخفايا مكرهم , فلا ينفع اي مكر من جانبهم لعلمه جل وعلا المسبق به . 
ب‌) اعدّ جل وعلا لهم العذاب المناسب جزاءا لمكرهم . 
ت‌) عنده ما يمكرهم به جزاء لمكرهم وابطالا له . " تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .
3- ( وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ) : يبين النص المبارك ان مكرهم كان شديدا وعظيما , لكنه لا يعد ذو بال ازاء مكره عز وجل .      
 
فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ{47}
نستقرأ الاية الكريمة في موردين : 
1- ( فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ) : بالنصر والغلبة . 
2- ( إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ) : يبين النص المبارك ان الله تعالى (  عَزِيزٌ ) , غالب , لا يعجزه شيء , (  ذُو انْتِقَامٍ ) , لأوليائه من أعدائه . " تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .            
 
يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ{48}
تبين الاية الكريمة ان انتقام الله عز وجل سيكون في يوم القيامة حيث ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ) , تبدل الارض بارض بارزة لا فيها جبال ولا نبات , خالية تماما من اي اعوجاج او انحراف , ( وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) , خرجوا ( بعثوا ) من قبورهم احياءا للحساب والجزاء .      
 
وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ{49}
تبين الاية الكريمة حال المجرمين ذلك اليوم , حيث يكونون مقيدين بعضهم مع البعض , وفي ذلك عدة اراء منها : 
1- مشدودين مع شياطينهم . "تفسير الجلالين للسيوطي " . 
2- قال مقيدين بعضهم إلى بعض قيل ولعله بحسب مشاركتهم في العقائد والأخلاق والأعمال . "القمي , تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .      
 
سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ{50} 
تنقل الاية الكريمة صورتين اخريين لحال المجرمين :   
1- ( سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ ) : قمصانهم من القطران وهو ابلغ للاشتعال "تفسير الجلالين للسيوطي " , وهو ما يطلى به الأبل الجربى فيحرق الجرب والجلد وهو أسود منتن تشتعل فيه النار بسرعة وقريء من قطران والقطر النحاس والصفر المذاب والآني المتناهي حره . " تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .      
2- ( وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ ) : تغطي , تلفح , وتحرق وجوههم النار .         
( خص الوجوه لأن الوجه أعز موضع في ظاهر البدن وأشرفه كالقلب في باطنه ولذلك قال تطلع على الافئدة ولأنهم لم يتوجهوا بها إلى الحق ولم يستعملوا في تدبره مشاعرهم وحواسهم التي خلقت لأجله كما تطلع على أفئدتهم لأنها فارغة عن المعرفة مملوءة بالجهالات ) . " تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .         
 
لِيَجْزِي اللّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ{51} 
نستقرأ الاية الكريمة في موردين : 
1- ( لِيَجْزِي اللّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ ) : لتنال كل نفس حقها واستحقاقها , وفي النص المبارك رأيان : 
أ‌) متعلق بقوله تعالى ( وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) . "تفسير الجلالين للسيوطي " . 
ب‌) متعلق بما سبقه مباشرة . " تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .           
2- ( إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) : مما يروى ان الحساب سيكون في نصف نهار , هذا مما اشار اليه السيوطي في تفسير الجلالين , بينما يرى الفيض الكاشاني ( لأنه لا يشغله حساب عن حساب ) وبذلك تتحقق سرعة الحساب .    
 
هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ{52}
نستقرأ الاية الكريمة في اربعة موارد : 
1- ( هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ ) : فيها رأيان : 
أ‌) (هذا) القرآن (بلاغ للناس) أي أنزل لتبليغهم . "تفسير الجلالين للسيوطي " .
ب‌) كفاية لهم في الموعظة لينصحوا . " تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" .           
2- ( وَلِيُنذَرُواْ بِهِ ) : ليكون لهم منذرا من عذاب محذور . 
3- ( وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ ) : ليدركوا بعد ان يتدبروا ما جاء فيه من الحجج والبراهين ان الله تعالى واحد احد , لا شريك له ولا ند . 
4- ( وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ) : ليتعظ به اصحاب العقول الراجحة , وخصوا بالذكر هنا لانهم الاكثر ادراكا للتدبر والتفكر فيه .    
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=39787
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 11 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29