• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الشاب محمد .
                          • الكاتب : هادي جلو مرعي .

الشاب محمد

 كانت الأم تجهش بالبكاء وهي تروي قصة الألم ورحلة المعاناة التي إنتهت بأبنها ليموت حرقا على ناصية شارع سمي بأسمه في مدينة سيدي بوزيد الفقيرة جنوب تونس.الشاب محمد ليس مثل الشاب خالد الذي إنتقل الى باريس ليغني بعيدا عن أحياء الخبز الحافي في شمال أفريقيا العربية ,ومحمد هذا المحروق قلبا وجسدا تصوير حي لنهايات كان يؤجج لها الروائي الراحل محمد شكري في روايته الشهيرة (الخبز الحافي).
الشاب محمد كان خريجا عاطلا عن العمل ولم يدر في خاطره التفكير بحرمة الإنتحار حين أحرق جسده إحتجاجا على إجراءات أتخذتها إدارة البلدية في مدينته وأطاحت بآماله في تحصيل عمل ثم منعته من بيع حاجيات بسيطة في سوق شعبي بائس ..والدته واختاه تحدثن كثيرا عنه لكنهن لم يصلن بعد الى لحظة الشعور بأهمية ما قام به حين فجر ثورة هي الأولى من نوعها في بلد تعًود الدكتاتورية من أيام الحبيب بورقيبة ولم يكن في صورة تونس التي واجهت الاحتلال الفرنسي بعزم الثوار . هذا الشاب دفع بتونس كلها لتحقق على الارض هتاف شاعرها الخالد أبو القاسم الشابي 
 
إذا الشعب يوما أراد الحياة     فلا بد أن يستجيب القدر 
ولابد  لليل  أن  ينجلي           ولابد للقيد أن ينكسر 
ومن يتهيب صعود الجبال   يعش ابد الدهر بين الحفر 
ثارت البلاد من الساحل المتوسطي وحتى الجنوب الفقير واطاحت بامبراطورية زين العابدين بن علي وأخوته وأصهاره وأثارت المخاوف في بلدان الجوار التي إستشعرت الخطر القادم ,فرغيف الخبز يشوى في الأفران بأشكال مختلفة لكنه يحتفظ بتسمية لا تتغير, وكلما دخل فرنا في تونس أو الجزائر أو في بغداد فهو خبز وإذا غاب الخبز إندلعت الثورة فهذا حديث رسول السلام والإسلام يقول .. لولا الخبز ما عبد الله ,وقول الثائر ابو ذر, عجبت للرجل يدخل بيته ولا يجد خبزا فكيف لا يخرج شاهرا سيفه؟ .تجربة الأحتجاج حرقا وجدت من يقلدها في عواصم عربية عدة ومن لم يستطع إيضرام النار في جسده خرج الى الشارع محتجا وهاتفا طلبا للتغيير .
ومن قال لكم إن الحكومات العربية تجاهلت ثورة تونس ؟ فهذا الرئيس يأمر بتخفيض اسعار المحروقات وذاك يوجه بصرف تعويض مالي لمواطنيه عن مبالغ وقود التدفئة وحكومة هذا 
البلد تقدم دعما لإسعار المواد الغذائية وتلك الحكومة تؤجل قرار رفع قيمة الضارئب على المواد الغذائية .ثم هذا الشعب المظلوم سيرا على نهج التوانسة.
الشاب محمد بو عزيزي إنتهت حياته الحافلة بالقهر والحرمان وذهب الى العالم الآخر, ولعل الرحمة تدركه لكن أثره سينطبع في أذهان مجموعات بشرية حول العالم وفي البلاد العربية خاصة . الناس ستنسى آغان ورقصات الشاب محمد خالد لكنها ستحتفظ بذكرى الحروق  التي أكلت جسد الشاب محمد ,وأكلت ايضا  كراس الطغاة.
  



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=3931
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 03 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28