• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بين لا ،و لا .
                          • الكاتب : رائد عبد الحسين السوداني .

بين لا ،و لا

حدثني صديق لي في تسعينيات القرن العشرين إن صاحبه سأله مالفرق بين لا صدام ،ولا الحسين ، فكلاهما لم يؤد إلى انتصار صاحبه ،فأجابه صديقي بأن لا صدام جوعت الناس ،وأما لا الحسين فمنذ قرون تشبع الجائع .والحقيقة أريد أن أنطلق من هذا الحديث (الذكرى) والذي تذكرته وأنا أسير في مدينة الكوت وأشاهد (مواكب) الطبخ  وفيها الفقير والغني يغترفان من نفس القدر أو ترى الغني يقف على باب الفقير وفي يديه قدوره ليأخذ مما طبخ هذا الفقير وكثيرا ما يتخلى التاجر المقتر والبخيل عن هذه الصفة في ذكرى الحسين ويبذل من الخيرات ما لايوصف ولا يعد وبكل سرور وحبور وهو يتوسل بالغادي والرائح كي يدخل بيته أو سرادقه ليأكل مما بذل ،وتراه يحزن عندما يعتذر أحدهم عن تناول طعامه ،أو تجد الشباب وقد تخلوا عن نزهاتهم ولقاءاتهم وعن تأنقهم ليساهموا في إعداد الطعام وتوزيعه ،والنساء بكامل طبقاتهن ومنهن الطبيبة والمدرسة والمهندسة وهن يحملن ما جادت به أيديهن من الطعام ليوزعنه على بيوت الجيران ،إذاً في موسم الحسين (عليه السلام) يشبع الجائع ولا تجد أو ترى للجوع من مكان في الأماكن التي تقام فيها الأماكن حتى في أيام الحصار الذي ضربه التحالف الأمريكي – الغربي والذي قطع أوصال العراقيين من شدة الحرمان الذي عانى منه شعب العراق لكنك تجد إن الفقير كان يجمع الدرهم فوق الدرهم للوصول إلى أيام محرم ليساهموا في موسم الإيثار هذا ،وتصل ذروة التكافل عند المسير إلى زيارة الأربعين حيث تفتح البيوت أبوابها للزائرين ويتنازل الشيخ عن كبريائه ليكون خادما يخدم الزائر الذي يعده متفضلا عليه لأنه لبى دعوته ودخل بيته ومضيفه وكذلك لا يتخلف الفقير عن هذا الركب فيكرم الناس بفرح وجذل وسرور ،وقد يقول قائل إن هذا يدخل ضمن باب الرياء والتباهي والظهور بمظهر المعطي المتكرم والجواب على هذا القول يتطلب منا هذه الملاحظة ؛في زمن البعث ومنذ 1975منعت المراسيم الحسينية بكل تفاصيلها ويكفي للحزب وجهازه الأمني المتمثل بالأمن والاستخبارات والمكافحة أن تعتقل أي فرد حتى لو أضاء الشارع بعدة مصابيح أو رفع علما يدل على شهر محرم أو يخرج قدرا للطبخ ناهيك عن سماع صوت محاضرة دينية كانت تكفي هذه الممارسات لاعتقاله وحتى اعدامه لكن هل خفت أو غابت عن الساحة ؟ يمكن القول إنها ازدادت في نهايات حكم البعث على الرغم من البطش والتنكيل بمن يقوم بها لشعوره إنها تساهم في تقويض أسس هذا الحكم مما يعني إن الرياء وحب الظهور لا يتوائمان أو يتلائمان مع الخوف والقمع والإعدام ،ولا يختلف الأمر عما حدث بعد الاحتلال وزوال حكم البعث وصدام إذ رافق المواكب الحسينية سواء في محرم أم في صفر (الزيارة الأربعينية) تهديد من نوع آخر تمثل بالقتل الجماعي المعلن من خلال العمليات الانتحارية والتفجيرات بالسيارت المفخخة والأحزمة الناسفة وقنابر الهاون إلا إننا نجد إن التي تحنو على رضيعها في باقي الأيام تضعه في أيام الحسين في عربة أمامها وتحت المطر ،تعصف به وبها الريح العاصفة أو أب يرافق أسرته جميعا للوصول إلى كربلاء ،فهل يتلائم الرياء مع هذه الأجواء المرعبة والمخيفة ؟ أم إنها حالة يجب أن نضعها تحت المجهر الدقيق لنستخلص منها عبر ودروس أهمها دروس تهذيبية للذات وتقويمية للفرد والمجتمع من خلال المحاضرات اليومية .وعليه إن لا الحسين هي لا التربية ولا التعليم ولا التضحية والفداء ولا الإباء الذي قال فيها الحسين (عليه السلام ) (إن مثلي لا يبايع مثله) والتي تربى عليها من قاوم الإسرائيلي وحرر لبنان ودافع عنها في عدوان 2006وتربى عليها من عارض وقام الاحتلال الأمريكي وأقض مضجعها ووجه لها أشد الضربات . على العكس تماما من تلك (اللا) التي قالها صدام التي جرت العراقيين إلى الجوع والحرمان وأيضا جرت العراق إلى فقدان أرضه وثروته وعرض أبنائه للقتل الجماعي باحتلال الأمريكي للعراق في 2003.  




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=39104
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 11 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29