• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : نايف عبوش..كاتب أكاديمي مسكون بهاجس الموروث الشعبي .
                          • الكاتب : محمد صالح يا سين الجبوري .

نايف عبوش..كاتب أكاديمي مسكون بهاجس الموروث الشعبي

 تفتخر الأمم والشعوب بتراثها وموروثها الشعبي، إلى الحد الذي تعتبره ثروة معنوية، ورصيدا اعتباريا، قد يتفوق بقدسيته في أعرافها، على موجوداتها المادية، التي تشكل القاعدة الأساسية،لعناصر ثرائها المادي.

 

واليوم إذ نستعرض سيرة احد الكتاب المبدعين المهتمين بالتراث، وهو الأكاديمي الأستاذ نايف عبوش ،الحاصل على شهادة الماجستير في العلوم الاقتصادية،فان الداعي الأساسي الذي يدفعنا للكتابة عنه، هو نجاحه المتميز، في الجمع بين مؤهلاته العلمية،ومعطيات حداثته، واطلاعه على الكثير من مظاهر التمدن، بأيفاداته المتعددة ،ومشاركاته في ندوات خارج القطر (كاليابان، والهند، والسعودية، ومصر، والجزائر، وسوريا، والأردن)، واهتماماته الشخصية المكثفة بالتراث الشعبي. 

 

ولا عجب في ذلك، فالأستاذ نايف عبوش، ريفي النشأة ،فهو من مواليد قرية السفينة،التابعة لناحية الشورة، الواقعة جنوب مدينة الموصل. وبالتالي.. فهو نتاج قروي خالص النكهة، في العادات، والسلوك، والاندماج الاجتماعي، مع وسطه الحاضن له، ومع الآخرين .لذلك تراه ينجذب إلى ثقافة وتقاليد القرية، بشكل قوي، يصل إلى حد التماهي المطلق، تاركا خلفه ،كل تحديات العصرنة، وضغوط التمدن، وهوس التحصيل العلمي، فظل وفيا لموروث القبيلة، إلى الحد الذي جعل الجميع يأنس لحديثه، ويتمتع بمقابساته، وينجذب إلى ثقافته التراثية، في المناسبات العامة ومجالس السمر.

 

لقد كانت نقاوة الريف، طبيعة، وبيئة، ووسطا،عاملا مؤثرا، في تكوين شخصيته الاجتماعية، وتحديد نمط أسلوبه الثقافي،إضافة إلى سليقته واستعداده الفطري،وهذا ما يجعلنا، نتلمس روح الريف، والانتماء الصادق للبيئة، في الزمان، والمكان، والإنسان معا،واضحا في هواجسه الشخصية، أمام تحديات التمدن والعصرنة، التي تحاول كنس الموروث الريفي، المتأصل في أحاسيسه ومخيلته.

 

ولعل معاصرته، ومعايشته لبعض رواة التراث والعوارف، في خمسينات القرن الماضي،الأثر الكبير في إنعاش النزوع التراثي لدى الكاتب. 

 

على أن التصاقه العضوي، بالفضاء الريفي، وفنائه، في رحابه،وتفاعله مع وسطه،بتماهي مطلق، والتقاطه الكثير، من استلهاماته الإبداعية، من أعماق هذا الوسط الطافح بالإيحاءات، من طبيعة نهر دجلة الساحرة،التي تتوسد قريته ضفافه المتهدجة مع جنبات عبارة السفينة،والزاب المشاكس بانسيابه المتمرد على أمه دجلة، إذ يمتزج برحابها الخلابة، كانت كلها عوامل بيئية،تضاف إلى عوامل نشأته الاجتماعية،التي رسخت في خيال الكاتب، بتفاعلها معا،مجسمات ثقافة الموروث الشعبي. 

 

ويبدو أن اهتمام الأستاذ نايف عبوش، بموضوعة الحفاظ على التراث، نابع من قناعته التامة، بضرورة التواصل الحي مع التراث، باعتباره منجزا تاريخيا من منجزات الأمم،وذاكرة حية لها،وبذلك فانه يشكل قاعدة الانطلاق إلى الحداثة والتطور، حيث يعتبر التقاليد الموروثة، نقطة التوازن مع العصرنة،التي تهدد بوسائلها المتطورة هذا الموروث الشعبي بالانقراض،وبالتالي حرمان الجيل من هذا الإرث الشعبي، الذي يشكل امتيازا جماليا، وقيمة معنوية، وطاقة روحية، تجعل الماضي، ثروة من الخير المتواصل، مع الحاضر.

 

ولذلك فقد كتب الأستاذ نايف عبوش،ونشر العديد من المقالات، التي عالج فيها رؤيته في التعامل مع التراث الشعبي، مؤكدا على تشجيع الطاقات الواعدة المهتمة بالتراث، ومؤكدا على تضافر الجهود، لتوثيق ما يمكن من بقاياه المتاحة،لأن التوثيق يحمي التراث من الضياع بمرور الوقت،وتقادم الزمن،وضعف اهتمام الجيل بتداوله،بسبب مغريات العصر،وانتشار المحطات الفضائية،ووسائل الإعلام الأخرى،ورحيل الرواد من الرواة.

 

ويبقى الأستاذ نايف عبوش بهذه الاهتمامات، قريبا من المثقفين، والأدباء، وشعراء الديرة على وجه الخصوص،لما يتمتع به من ثقافة معاصرة، ورؤى تراثية، ومقدرة أدبية، أهلته أن يكون موضع إعجابهم وتقديرهم.

الموصل -العراق




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=39092
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 11 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18