• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : الى الصديق العزيز الحسين بن علي .
                          • الكاتب : د . مسلم بديري .

الى الصديق العزيز الحسين بن علي

 أيام مرت قبل أن أرفع إليك كتابي هذا , أيام كنت أجلس فيها وحيداً صامتاً , ربما هو الضجر ولربما هو اليأس , أخاطبك اليوم بعد أن عرفت أن أولئك الفتية الذين مروا بقربي هم أبناء مسلم بن عقيل , صدقني لم أعرفهم حينها , فالأطفال متشابهون تماماً – خصوصاً هذه الأيام - فلقد توهمتم أنهم ابناء حيّنا , فالجميع يرتدي السواد ويأخذ الحزن منه مأخذاً , وذلك الجوع الأزلي يتوزع بالتساوي على مر الأزمان , وخلاصة القول فأنا عن نفسي لا استطيع التمييز بين طفل وآخر , تثاقلت في بادئ الأمر قبل أن أكتب إليك وقلت في نفسي وهل لابن بنت نبي وقت ومزاج ليقرأ كلمات !! , أنا أعرف أبناء بنات المسؤولين فهم ينغمسون بالانشغال حتى عن رد السلام , أما أنت يا صديقي غريب أمرك فأنت من باشرت بالسلام أول مرة , وأنت من راودت طفولتي بحلم , وجعلت صمتي دائماً , هل تذكر حينها يوم كنت جالسا على حجر أمي , وجئت أنت بجلبابك القديم , كنت تبتسم لي بينما يبكيك الجميع , غريب أمرك تقرأ كلماتي جميعها وتنتظرني وأنا أفكر ماذا سأكتب في السطر التالي .. أنى لك كل هذا الوقت وأنت تعد العدة لحرب قتلت فيها منذ الف عام , وقتلت فيها في العام المنصرم , ربما ستسأل في نفسك عمّا أريد قوله من وراء المقدمة هذه , أنت تعلم أني سأطلب منك طلباً , فأنت كريم , ولأنك كذلك سترد طلبي , ولكن ما الضير من رجائي لك بأن لا تخرج هذا العام ؟! نعم لا تخرج حتى يكون لك متسع من الوقت لتقرأ رسائل الأصدقاء والأمهات , ربما بلغك أن الانتخابات في العراق على الأبواب وسمعت أيضا أن السياسيين جميعهم أرسلوا يبايعونك ونحن عامة الناس قد دب فينا الخبر , أتعلم أنهم وعدونا , حين خرجنا مطالبين بالغاء امتيازاتهم , انهم سيبذلونها حال وصولك العراق , سيدي الجميع يدعي لك الوصل بينما نجلس أنا وأمي عند حافة الحزن , الجميع يبكيك بينما أنا الطفل الكبير ما زلت اراك تبسم لي من بعيد, وانا مصر على ان اراك حزناً في مدامع الندى وفي شوق الحمام , على ان اراك في السحاب اذانا لكل صلاة , وفي صمت الزهر , نعلم أنك ككل عام ستقف وحيداً وستموت وحيداً , نجلس ونحن ننتظر ذلك الشيخ الذي سلب قوتنا وكل ما نملك , نعلم أنه لم يشتر بها سيف يهديك اياه , وكل عام يجيئنا بوجه جديد , سيدي نرجوك أن تدلنا على بوصلة نعرف بها أعدائنا واعدائك , نرجوك أن لا تذهب هذه المرة دون ان تمسح على رأسي , فأنت تعلم ان رأسي يضج بأحلام لا اطيق معها صبراً , أرجوك أن تقف وتشرب قليلاً من بئرنا فقد أصاب العطب مذ مت عطشانا , ونرجوك أيضا ان تسأل اباك علي فقد تأخر جوابه , بلغه أن حيّنا مليء بأيتام وهم ينتظروه , اليوم هم وابائهم ايتام , هل بلغه أن ملاجئ الأيام تحتضن كل شيء الا الأيتام ؟! على أية حال لن اطيل عليك فأنا أعلم ان الحرب عمّا قليل ستبدأ ويزيد الآن في مؤتمره الصحفي , وسأوافيك بكل جديد ..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=38864
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 11 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28