• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الدليل المبسط للخطباء المبتدئين .
                          • الكاتب : مجاهد منعثر منشد .

الدليل المبسط للخطباء المبتدئين

يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) في خطبة له يعدد وظائف الأنبياء (عليهم السّلام) :

(( وَاصْطَفَى سُبْحَانَهُ مِنْ وَلَدِهِ ـ آدم ـ أَنْبِيَاءَ أَخَذَ عَلَى الْوَحْيِ مِيثَاقَهُمْ , وَعَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ أَمَانَتَهُمْ . . . فَبَعَثَ فِيهِمْ رُسُلَهُ , وَوَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَهُ لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ , وَيُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ , وَيَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بِالتَّبْلِيغِ , وَيُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ , وَيُرُوهُمْ آيَاتِ الْمَقْدِرَةِ . . . )) (1).

.معنى الخطبة لغويا

الخطبة - بضم الخاء , وهي مايقال على المنبر , يقال خطب على المنبر خطبة - بضم الخاء.

جاء في تهذيب اللغة : الخطبة مصدر الخطيب , والخطبة – بضم الخاء- أسم للكلام الذي يتكلم به الخطيب .

وقال في المصباح : خاطبه- بفتح الخاء- مخاطبة وخطابا ,وهو الكلام بين متكلم وسامع .

الخطابة : مصدر خطب يخطب ، أي صار خطيباً ، وهي على هذه صفة راسخة في نفس المتكلّم، يقتدربها على التصرّف في فنون القول ؛ لمحاولة التأثير في نفوس السامعين ، وحملهم على مايراد منهم بترغيبهم وإقناعهم .

فالخطابة : مرامها التأثير في نفس السامع ، وإثارةإحساسه للأمر الذي يراد منه ، ليذعن للحكم إذعاناً ، ويسلّم به تسليماً.(2).

, أنّ الخطابة علمٌ وفن ,و هي فن إقناع الجمهور , فالخطابة وظيفة الانبياء ,ومهمة الخطيب لاتقتصر على تثقيف الجمهور بالثقافة الدينية ,وتعليمهم قيم الاسلام ومبادئه .بل المهمة لاتنحصر بهذا الاطار العام ,فمن مهام الخطيب توعية الجمهور توعية حقيقية..اي تطويرهم على صعيد مستوى التفكير وكيفيته .

وقد قال عنها الشيخ الرئيس : وللأقاويل الخطابيّة صدر واقتصاصوخاتمة) . 3).

اتحضير الخطيب لموضوع الخطبة

قبل الشروع في اداء الخطبة ,لابد للخطيب ان يعلم ,ماهو الموضوع والهدف منه ؟.

وطريقة اختيار الموضوع المناسب(4) تكون وفق التسلسل التالي :

1.الإيجاد

1. الأدلّة,وتنقسم الى قسمين :

أ ـ المواضع الذاتية.وهي مكونه من :1. التعريف2. المقابلة3. التشابه وضرب الأمثال.4. العلّة والمعلول.5. التعميم ثمّ التخصيص.6. التجزئة. 

ب ـ المواضع العرضية:والاكثر تاثيرا هي :1ـ الدين2. العادات3. أقوال النبي وأهل بيته (عليهم السلام ) 4. حوادث التاريخ 5. المصادر والمواثيق6. الشعر.

 

وبعد اختيار العنوان , يتم الاعداد الجيد ,والمطالعة , فعن أبي عبد الله الصادق (عليه السّلام) أنه قال : (( كثرة النظر في العلم تفتح العقل ))(5) .

.وينصح اهل الاختصاص ,بأن تكون مدة المطالعة عشر ساعات ,لوقت المحضرة البالغة خمسة واربعين دقيقة .

ويتم تهيئة مكوّنات الخطبة,فيستعدّ الخطيب لتنظيمأجزاء الخطبةوإحكام تركيبها ، وربط بعضها ببعض ، ووضع أدلّتها في شكل منتج ؛ فالتنسيق هو في الحقيقةبناء الخطبة ونظام عقدها ، بجعل معانيها متساوقة ، فيأخذ بعضها بحجز بعض .ويقسم الموضوع بلاحظ التخلص (الربط) حسب اجزاء الخطبة بالشكل التالي :ـ

اولا :المقدمة (الاستهلال ).

ثانيا : العرض .

ثالثا : الخاتمة .

فالتحلص من سمات الخطيب البارع ,ويدرس الماثرات ,لاستخدامها اثناء الخطبة ,لجلب انتباه السامع ,ولمعالجة ملل الجمهور ,فالمستمع يبقى طوال المحاضرة يفكّر في كيفية تخلّص الخطيب من الموضوع وانتقاله إلى الشاهد التاريخي .

وفي التحضير على الخطيب اثناء المطالعة, أن يبذل جهد في ايضاح فكرة الموضوع ,وهذا يساعد في وصول الفكرة للمستمع بعبارات شيّقة جذابة بعيدة عن التكلّف واللّف والدوران .

يقول الخطيب القزويني في شرح الإيضاح : إنّ السامع يكون مترقباً للانتقال من التشبيب)إلى المقصود كيف يكون ؛ فإذا كان حسناً متلائم الطرفين حرّك من نشاط السامع ، وأعان على إصغائه إلى ما بعده ، وإنْ كان بخلاف ذلك كان الأمر بالعكس (6).

يعني يبدأ بالأسباب , ثمّ النتائج , أو يعرض الفكرة ثمّ يأتي عليها بالشاهد أو الدليل , ويقدّم الدليل القوي على الدليل الضعيف,,فيكتشف العلاقة بين أصل الموضوع وبين الشاهد التاريخي الذي يصل به إلى فقرة المصيبة..

وكل هذا يسمى تنظيم ,فتكون الأفكار والمعلومات التي يلقيها إلى الجمهور متسلسلة , يسلّم كل جزء منها إلى الجزء الآخر بشكل سلس وواضح . فالوضوح من أهم خصائص الاُسلوب الخطابي.

وعلى الخطيب أن يكتب جميع تفاصيل الخطبة التي يعزم على إلقائها ؛ فإنّ ذلك ضامنلسداد رأيه ، كما ينبغي له أن يحفظها ، ويردّدها بصوته قبل الإلقاء على الناس بحسب مايراه مناسباً ؛ فإنّ ذلك يتيح له فرصة التعرّف على الاُمور التي تقتضي الوقوف عندها ،أوالاُمور التي تحتاج إلى التغيير والتعديل ، ويستمر على هذا المنهج حتّى إذا صارت لهالخطابة ملكة ، وعُدّ في صفوف الخطباء اكتفى بدراسة الموضوع دراسة وافية .

ثمّ كتبالعناصر أو لم يكتبها إن أسعفته ذاكرة قوّية ، أو كانت الخطبة قصيرة لا عناصر لها , ألقى الخطبة مكتفياً بذلك التحضير الذي يعدّ أقل أنواعه كلفة ، ولا يكتفي به إلاّأعظم الخطباء قدرة) 7).

 

 

والأفضل للخطيب المبتدئ أن يستفيد من أجهزة تسجيل الصوت والصورة ؛ ليطّلع بنفسه علىأدائه ، ويشخّص مواطن الضعف والقوّة فيه .

اجراء التمارين النافعة للصوت (8):

تستخدم التمارين التالية في كل يوم عشرة دقائق لمدة شهر :

أ ـ خذ نفساً عميقاً ثمّ الهث بسرعة ونشاط حتّى تتعب ، ثمّ حاول أن تضحك وأن تستنشقالهواء ببطء عدّة مرّات ، وحاول عند الزفير أن تكرّر كلمتي (هوت) (هات) ، ولا تيأسأذاأجهدتك هذه التمرينات في الأيام الأولى ؛ فإنّ ذلك يدلّ على أنّ عضلة الحجاب الحاجز عندكفي حاجة إلى تنشيط . 

ب ـ لتنشيط عضلات الفكّين حوّل رأسك في حركات دائرية ، ثمَّ تثاءب وأَدر فكَّيك ببطءمن جانب إلى جانب ، ثمَّ اقرأ في همس وبسرعة حتّى تتعب الأوتار .

إنّ بعض العيوب ترجع إلى ضعف نبرات الصوت ، وإلى سوء نطق الحروف التي تتكوّن بتحريكاللسان والشفتين ، والأسنان وسقفالحلق والفكين في أوضاع مختلفة ، وهذه التمرينات مفيدة لتلافي هذه العيوب .

ج ـ إذا كنت ( أخنب ) ، كلامك يبدو من أنفك ، فإنّ ذلك يرجع إلى أنّك تسدّأنفك أثناءالحديث ، فتحرم نفسك بذلك من تكبّر وترشّح مهم للصوت .

حاول أن ( تدندن ) لبضع دقائق ، وأنتعود إخراج الصوت من الأنف بالإكثار من ترديد كلمات تنتهي بالحرفين ( م ، ن ) أوالمقطع ( إنچ) .

د ـ إذا كان الصوت ضعيفاً فعلاجه بتقوية الرئتين بالصياح كما فعل ( ديموستين ) ؛ فقدكان ضعيف الصوت ، فلمّا أراد أن يصبح خطيباً راض نفسه ، فصعد على الجبال الوعرة ، ووقفقرب ساحل البحر ، محاولاً أن يكون صوته أعلى من صخب أمواج البحر . وقد كان له ما أرادبتلك المحاولات.

 

أمّا الانخفاض بعد الارتفاع فلا يحسن وقعه . (9).

 

تفاصيل اجزاء الخطبة

اولا : المقدمة

يقول الشيخ البهائي فيمقدّمة كتاب الصمديّة في النحو:أحسن كلمة يُبتدأ بهاالكلام ، وخير خبر يُختم به المرام ، حمدك اللّهمّ على جزيل الأنعام ، والصلاةوالسّلام على سيّد الأنام ، محمّد وآله البررة الكرام ، سيّما ابن عمّه عليّ (عليهالسّلام) الذي نصبه علماً للإسلام ، ورفعه لكسر الأصنام ، جازم أعناق النواصباللئام ، وواضع علم النحو لحفظ الكلام. (10).

.يقول الدكتور الشيخ احمد الوائلي : ـ النص الذي تفتتح به المحاضرة ويكون منطلقاً لموضوعها ، كالآيات القرآنية ، والأحاديث الشريفة ، أو غيرها من النصوص التي يجعلها الخطباء نقطة الإنطلاق في موضوعاتهم ، ويشترط فيه (أنْ يكون عنواناً للموضوع ودالاً عليه ، ومعبّراً عنه) تجاربي مع المنبر ـ (11) . فالمقدمة هي الاستهلال (12),وتعني التمهيد للموضوع , وتكون قصيرة وذات مساس مباشر مع أصل الموضوع .

بعد اداء الجزء الاول من الركائز الثلاث البسملةوالحمد والصلاة على النبيّ واله ,يذكر الخطيب صيغ الافتتاح كهذه العبارة : صلّى الله عليك يا مولاي يابن رسول الله ، صلّى الله عليك يا مولاي يا أبا عبد الله ، ما خاب مَنْ تمسك بحبلكم ، وأمن مَنْ لجأ إلى حصنكم ، يا ليتنا نهتدي بهداكم ، فنفوز فوزاً عظيماً .

بعدها يقرأ الخطيب قصيدة رثائية باللغة الفصحى تلائم المناسبة بصوت شجي .,فيجب ان تكون القصيدة خاصة بالمناسبة ,وبنفس الوقت هي مدخل لتهيئة الجمهور ,فعندما يبكي الجمهور بتفاعل مع صوت الخطيب الموسيقي يكون استقبال الموعظة والتاثير اسرع .فمن مهام الخطيب التاثير بالمستعمع . تعد المقدّمة (بالمعنى الثالث) من الأجزاء الأساسية والمهمة في الخطابة ، وعلى الخطيب الاهتمام بها بشكل جيد ، وصرف بعض الجهد والوقت لتخرج بأبهى صورة وأجمل ثوب ؛ فهي المنفذ الذي يدخل منه الخطيب إلى الموضوع من جهة ؛ لأنها الأساس الذي يبتني عليه الموضوع ، وتتهيّأ بها أذهان السامعين , ويفهموا بواسطتها محتوى الموضوع ، ويستوعبوه بشكل أفضل . (13).

إذ المفروض بالمقدّمة أن يحقق الخطيب (الإثارة النفسية لدى السامع ، والإثارة النفسية المعنية هنا هي أن يثير الخطيب فيها وضعاً نفسياً خاصاً يحقق به مبدأ جلب الانتباه ، وانقياد السامع إلى جوهر الموضوع ، وبالتالي وصول الرسالة بشكل أفضل) (14) . ولا ينبغي أن يتوسّع فيها الخطيب كي لا يملَّ الجمهور.و أن تكون واضحة يفهم منها السامع غرض الخطيب ، وفي أيِّ اتجاه يسير .

وبما ان المقدمة تمهيد ,وقد خطط الخطيب لها ,فقاعدتها هي : مركزة ,وتقرأبعبارات لطيفة , وتُلقى بصوت منخفض. لا تتجاوز الخمس دقائق كحد أقصى.

ثانيا :العرض

العرض العمدة في الخطاب وأساسه وركيزته ,وهوطرح الدعاوى والأدلّة ,وقناعة الجمهورتعتمد على طرج العرض من قبل الخطيب ,فيقيم نجاح الخطبة باسلوب الخطيب ,الذي يراعي قواعد واصول العرض في الاقسام .

وفي مادة العرض لابد من مراعاة القواعد التي ذكرها استاتذة فن الخطابة وهي عشرة بعنوان جهة اللفظ في الخطاب , وما جاء في الشفاء حول أهميّة العنوان المذكور :

للفظ سلطان عظيم ، وهو أنّه قد يبلغ به ـ إذا أحكمت صنعته ـ ما لايبلغ بالمعنى ؛ لِما يتبعه أو يقارنه من التخيّل ، فإذعان النفس تهيّئه لها قوّةاللفظ فيقرّب البعيد من التصديق.)15).

واما القواعد العشرة (16) هي :

1. وضوح اللفظ.

2. مراعاة القواعد النحويّة.

3. مراعاة القواعد الصرفيّة.

4. التلفّظ اللغويّ الصحيح.

5. مراعاة التذكير والتأنيث.

6. مراعاة المفرد والمثنّى والجمع.

7. الترفّع عن الألفاظ الدنيئة.

8. مراعاة تعدية الفعل المتعدّي ولزوم اللازم.

9. مراعاة الرباطات.

10.سبك الجمل.

فعندما يدخل في العرض ,يبدأ بعرض موضوعة الذي يريد الحديث حوله , ويبيّنه للجمهور بشكل واضح , ثمَّ يأتي بالمعلومات التي تؤيّد ما يهدف إليه.

واذا كان الموضوع اية او حديث طويل ,فعليه استخدام طريقة التفسير التجزيئي ,الذي كان من ابتكار الدكتور احمد الوائلي ,فيقسم الموضوع (المقطع ) الى ثلاثة أو أربعة أقسام.

وكل مقطع يتم شرحه بدليل من اراء المفسرين ,ثم يذكر الشواهد التاريخية , او قصص قصيرة . وينبغي أن يكون العنوان متطابقاً مع المعنوَن.

ثالثا : الخاتمة

هي نقل المستمع والمتلقّي من حالة التلقّي الفكري إلى حالة التلقّي القلبي العاطفي.باسلوب التخلص (الربط) ,وذلك باستخدام الطريقة الفنية اعتمادا على طور موسيقي خاص .

وعلى غرار شعر شعراء اهل البيت يستخدم الشعر المنظوم (بحر الشعر ).ولاباس باخذ نماذج من الاطوار .

اولا:.التخسيس (17).

هذا الطور اغلب المستمعين يتفاعلون معه ,لذلك يشتركون مع الخطيب في ترديده .

قاعدة التخميس : المدُّ والترجيع في وسط كلّ شطر في أكثر من كلمة , مع مدٍّ وصعود خفيف في آخره .

ملاحظات القاعدة :

1 ـ ـ أن تكون بداية قراءة كلّ شطرٍ من التخميس سريعة , ثمَّ يكون الوقف على كلمة أو كلمتين من نفس الشطر لمدّها وترجيع الصوت فيها , وهكذا في بقيّة الأشطر الاُخرى .

2 ـ يُقرأ التخميس في ثلاثة مواطن من مجلس العزاء :

أ ـ في المقدمة (القصيدة) .

ب ـ المصيبة .

ج ـ الانتهاء (بيت التخلص) .

3.وإذا كان بيت التخلّص تخميساً , أو قرأ الخطيب بطور التخميس بيتاً أو أكثر فلا بدّ من النزول عن طور التخميس إلى (طور الدرج) في الشطر الأخير .

4ـ لا يقرأ (طور التخميس) في مقدمة المجلس ابتداءً ، بل يلزم التمهيد من طور (الدرج) إلى طور (التخميس) , أو من طور (الدشت) إلى طور (التخميس) , أو من طور (الدرج) ثمَّ طور (المثكل) ثمَّ طور (التخميس) .

5.وإذا كان لدى الخطيب بيتان أو ثلاثة من التخميس ويريد أن يفتتح بها المجلس ، فيلزم عليه قراءة الأول بطور (الدرج) أو طور (الدشت) , ثمَّ له الخيار بعد ذلك بأيّ طور يقرأ البقيّة ؛ لأن الافتتاح لا بدّ أن يكون بالدرج أو الدشت أو ما يقاربهما .

ثانيا : الدرج : هو مأخوذ من التدرّج والارتقاء في قراءة مقدمة القصيدة , حيث يبدأ الخطيب بقراءة القصيدة قراءة عاديّة هادئة بإيقاع واحد , ويسلك فيه طريقة مريحة ، ثمَّ يرتقي شيئاً فشيئاً حتّى يتحوّل إلى طور آخر .

ثالثا :المثكل : وهو مأخوذ من الثُّكل ، فيقال للمرأة عندما تفقد ولدها : ثاكلة وثاكل وثكلى .

ولعلّ تسمية هذا الطور بـ (المثكل) لأنّه جاء من الحزن والأسى الذي يحدث في نفس السامع لدى سماعه (الطور المثكل) .

والمثكل من أرقّ الأطوار الحسينيّة وأعذبها ، وهو على قسمين :

أ ـ ذو الونّة الواحدة .

ب‌ ـ ذو الونّتين .

وقاعدة المثكل : المدّ مع الترجيع الخفيف في بداية الشطر الأوّل , والإسراع في قراءة الشطر الثاني , والأنين في آخره .

رابعا : الدشت : وهو كلمة فارسيّة , وتعني : (الهضبة) أو (الصحراء) أو (الأرض الفسيحة المستوية) .

والدشتي : الصحراوي , ويطلقون الدشتي أيضاً على اللحن الفارسي الذي يسمّيه العراقيّون (الدشت) .

ولعل سبب تسميته عند الفرس بالدشتي لانبثاقه من حناجر الصحراويِّين , أو أنّ الغناء به هو الغالب لديهم .

وهو من الأطوار الحسينيّة الذي يقرأ به قليل من الخطباء ، وهو طور شجيُّ ومثير للحزن في النفس .

قاعدة الدشت : رفع الصوت وخفضه مع الترجيع وتضخيم الحروف وإظهارها بنغمة فارسيّة خفيفة ؛ لأنّ الدشت فارسي الأصل كما ذكرنا سابقاً .

ويقرأ الدشت في المقدمة والمصيبة , ولا تكون فيه ونّة ؛ لعدم ملاءمتها له , وهو يقرأ بأغلب الأوزان الشعريّة .

ويعدّ الدشت من الأطوار الحسينيّة قليلة الاستعمال ؛ وذلك يعود لثقله في القراءة , ولأنه يحتاج إلى صوت ذي طبقة عالية وقدرة على الترجيع.

بعض العوامل المؤدية لفشل الخطبة

1. عدم معرفة الخطيب بالمسائل التالية : سمات التفكير العلمي ، ومن أين يأتي بفكرة الموضوع ؟ وما هي مقوّمات موضوع البحث ، وما هي آليّات البحث العلمي والأدبي ؟ و لا يُعلّم شيئاً عن الاُسلوب الخطابي ولا خصائصه ، ولا عن كيفية إعداد الخطبة,كل هذا سبب للفشل .

2. استخدام الاسلوب العلمي الجاف المعقد .

3. لايحسن الخطيب او يجيد فن الاقناع .

4. كثرة الاخطاء اللغوية , ومنها قراءة الاية بلحن ,فتلاوة بشكل غير صحيح نحوياً أو لغوياً يضعف مكانة الخطيب في نفوس السامعين .

5. عدم استخدام المثيرات التي تحافظعلى انتباه السامع وتوجهه .

6. عدم ترابط الطرح في العرض .وعدم المقدرة على حسن التخلص ,من الخطأ لو حصلووقع فيه.

7. نفور وانصراف الجمهور من اسبابه استخدام الخطيب لصوت نمطي واحد . وليعلم الخطيب أنّه لا شيء كالصوت يعطي الألفاظ قوّة حياةٍ ، وإنّهإذا أحسن استخدامهخلق جواً عاطفياً يظُلّ السامعين ، وبه يستولي عليهم (18).

8. طول مدة ووقت الخطبة اذا كان اكثر من خمسة واربعون دقيقة يمل السامع ممايؤدي الى نفرة الجمهور , فمراعاة الوقت مع أحوالالحاضرين وتلائمه وتناسبه معهم يجلب انتباههم ، ويكسب إقبالهم على الخطيب ، ويثبتالنفوس على الولاء ، ويشجعهم على الحضور والمواصلة.

9. عدم دراسة الخطيب لمجتمع الجمهور ,فانه متعدّد الآراء متنوّع الأهواء ,وفيهم العامي ,والمتعلم او المثقف ,والعالم ,فاذا لم يعرف بيئتهم وعاداتهم ,لايكون مؤثر ,فيفشل في خطبته واهدافها .و لكلّ جمهور ذوق خاصّ ، وحالة مميّزة تجعله يقبل أسلوباً ويرفض آخر .

 

بعض العوامل المساعدة على نجاح الخطبة

الاطلاع على أصول فنّ الخطابة وحفظ قواعده.

: كثرة المطالعة والتمعّن في كلّ ما يقرأ , وتكرار القراءة والمطالعة يساعد على الحفظ . نقل الجاحظ في البيان والتبيين عن الخليل بن أحمد الفراهيديّأنّه قال : تكثّر من العلوم لتعرف ، وتقلّل منها لتحفظ .) .19).

من الامور الايجابية الالتزام بالتوصيات التي ذكرت في كتب فن الخطابة منها ألاّ يكون الخطيب جائعاً فارغ المعدة ، ولاشبعاناً متخماً ,و أن يكون مرتدياً ما يناسب جوّ الحفل منالبرودة والحرارة,وقبل حال التكلّم أن يدخل إلى بيت الخلاءويقضي حاجته.

الاهتمام بالمظهر الخارجيّ للخطيب بحيث يظهر أمامهم بما يدعو إلىتقديره واحترامه والوثوق بقوله.

أن يظهر بما يليق به أمام الجمهور ؛ كي لايثير تهكّمهم واشمئزازهم .

قال الفارابيّ : ومنها ، أي من الأمور التي لا بدّ منها للخطيب ،سحنة وجه الإنسان ، أو شكله وشكل أعضائه ومنظره ، أو فعله عندما يتكلّم ، مثل أنينذر بورود أمر مخوف قد قرب ، فيرى وجهه وجه خائف أو هارب . (20).

يجب على الخطيب أن يكون ممثّلاً في مظهرهالخارجيّ وحركات حاجبيه ، ويبدو حزيناً في موضع الحزن ، وغليظاً فظّاً في موضعالشدّة .

لا بدّ من توزيع النظرات على المستمعين كلّ بحسبه . فالذي يكونمشدوداً للكلام متوجّهاً لما يُقال ، ينظر إليه وكأنّه المستمع الوحيد فيزدادأُنساً واستماعاً وإقبالاً ، والذي يكون في سهو وغفلة عمّا يقوله الخطيب يتوجّهالخطيب إليه وكأنّه يسأل عن أمر عرض له في أثناء الكلام ، ثمّ ينصت قليلاً ليتوهّمالمستمع أنّه يسأله عن الجواب ، وأنّه ينتظر منه الإجابة ، وبما أنّه غير ملتفت إلىالسؤال ولا يعرف بماذا يجيب تدخل الرهبة في قلبه في اطلاع الحاضرين على غفلته ، أوجهله بالإجابة فيضطرّ حينذاك للتوجّه وتركيز ذهنه على فهم ما يقوله الخطيب ؛ كي لايقع في ذلك مرّة أُخرى ، وحينئذٍ يسهل إقناعه .

كثير من الخطباء ليس لهم الجرأة على مواجهة المستمع والنظرفي عينيه ، كما حصل للجنرال كرافت حيث كان يخشى من ذلك فنصحه أحد علماء الخطابةبالنظر في أنوفهم ؛ كي يتوهمّوا أنّه ينظر إلى أعينهم فلا يشعرون بأنّه بعيدعنهم(21). .

يجب على الخطيب أن يشعر السامع بأنّ ما يقوله يخرج من قلبه.

وقد قيل قديماً : الكلام الذي يخرج من القلب يدخل إلى القلب ،والذي يخرج من اللسان لا يتجاوز شحمة الأذن.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش والمصادر

(1) نهج البلاغة : الخطبة 1 .

(2) محمد ابو زهرة الخطابة ـ اُصولها ، تأريخها / 12 .

(3) الشفاء ، قسم الخطابة / 236 .

(4) يراجع معهد الاماميين الحسنيين| ضياء الساري |أصـولالخطـابـة الحسيـنيـة كيف تكون خطيباً ناجحاً؟.

(5) العقل والجهل في الكتاب والسنة ـ محمد الري شهري / 81.

(6) الخطيب القزويني |الإيضاح في علوم البلاغة ـ 1 / 393 .

(7) الخطابة ـ اُصولها ، تاريخها / 16 .

(8) أصـولالخطـابـة الحسيـنيـة كيف تكون خطيباً ناجحاً؟تأليف ضياء الساري 66و67.

(9) محمد أبو زهره / 170 .

(10) شرح الصمدية ـ للحسينيّ / 4.

(11) تجاربي مع المنبر ـ الشيخ أحمد الوائلي / 157.

(12) الشيخ محمد باقر المقدسي في كتابه (دور المنبر الحسيني في التوعية),

(13) البيان وفن الخطابة ـ الشيخ محمد تقي فلسفي / 67 .

(14) الاستهلال فن البدايات في النص الأدبي ـ ياسين النصير / 51.

(15) الشفاء ، قسم الخطابة / 220.

(16) معهد الامامين الحسنيين | دروس في فن الخطابة اعداد معهد سيد الشهداءللمنبر الحسيني |73ـ79.

(17) التخميس الشعري الحسيني بقلم|يوسف آل إبريه .

(18) الخطابة ـ اُصولها ، تأريخها\170.

(19) البيان والتبيين / 141 .

(20) الخطابة ـ للفارابيّ / 10.

(21) أصول فنّ الخطابة ـ لعليّ باشا صالح / 29 ، وكرافت رئيسأميركا عام 1869




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=38770
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 11 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28